أمس، رفعت نقابة اصحاب المستشفيات الصوت لافتة الى “أن جميع مشتريات القطاع أصبحت تُسعّر ب#الدولار أو ما يوازيه في السوق السوداء، بينما لا تزال عقودها مع الجهات الرسمية بالليرة ال#لبنانية، وهي بذلك تتعرّض لخسارة لا يمكن تحمّلها”. ورأت “أن الحل الوحيد هو دولرة فواتيرها وفق آلية تحفظ حقوقها وتؤمن استمراريتها وإمكانية شراء الأدوية واللوازم الطبّية وغير الطبية لتأمين علاجات المرضى”.
هذا المطلب الملحّ رفعته النقابة الى وزير الصحة العامة الذي أبدى تفهّماً وتجاوباً وفق نقيب المستشفيات المهندس سليمان هارون موضحاً لـ”النهار”: “إن الوزير وعد بدراسة الموضوع في أقرب وقت ممكن، وقد تُعطى الأولوية لفواتير غسل الكلي التي تكبّد المستشفى مصاريف مكلفة. فبغياب الدعم عن الأدوية والمستلزمات الطبية الذي بقي يطال جزءاً قليلاً منها ارتفعت كلفة #الاستشفاء بنسبة كبيرة”.
أبو ناصيف
من جهته، رئيس الديوان المدير المالي في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي شوقي أبو ناصيف يقول لـ”النهار”: “إمكانية الدولرة مستبعدة في الوقت الراهن أو على الأقل لم تُبحث بعد، هذا بالطبع لأن أي دولرة للتعرفات يجب أن تقابلها دولرة للاشتراكات المحصّلة وهذا غير ممكن اليوم، وهو مرتبط بما سوف تعتمده وزارة الصحة وباقي الأجهزة الضامنة.
وفي ما يتعلق بالشركات التي تدفع رواتبها بالدولار فهي تسدّد اشتراكاتها بالليرة حسب الأجور المصرّح عنها. هذا التدبير مرتبط بتعميم لوزير المالية الذي يحدّد كيفية احتساب الأجور المدفوعة كلياً أو جزئياً بالعملة الاجنبية. اعتماد الدولرة بالنسبة للاشتراكات أيضاً غير مطروح حالياً وهو بحاجة الى قانون أو مرسوم على الأقل”.
ويعتقد “أن الدولرة الشاملة إذا اعتُمدت للحد من التضخّم، من شأنها أن تنعكس إيجاباً على الصندوق في تحصيلاته وفي مدفوعاته معاً التي ترتفع وتنخفض بالتوازي”.
مارديني
بالنسبة لرئيس المعهد اللبناني لدراسات السوق الدكتور باتريك مارديني “فإن معظم المستشفيات في الأساس تقبض من المرضى إما بالدولار وإما على أساس سعره في السوق. وهي بدورها تسدّد مصاريفها بالدولار سواء للأطبّاء أو للطاقم التمريضي بهدف المحافظة عليهم، هذا فضلاً عن مصاريفها لشراء الأدوية والمعدات والمستلزمات المفوترة بالدولار.
أما بالنسبة لدولرة تعرفاتها فثمة صعوبة لجهة إمكانية التزام الهيئات الضامنة الرسمية. وهنا يقع المريض بين مطرقة عجزه عن التسديد بالدولار وسندان عدم ملاءة الجهة الضامنة كالصندوق الوطني للضمان عن تأمين التغطية الصحية بالدولار، ولا سيما أن مداخيله هي بالليرة اللبنانية. وهنا الحل بالتأكيد يقتضي بدولرة هذه المداخيل عن طريق السماح للشركات اللبنانية التي تسجّل موظّفيها باعتماد التسعير بالدولار، وبالتالي تسديد أجورهم والاشتراكات بالدولار، إذ ما دامت هذه الشركات لا تسعّر بالدولار فهي بدورها لن تتمكن من الإيفاء بالتزاماتها من اشتراكات للضمان بالدولار”.
ويقول: “نحن نتحدث عن دولرة شاملة لأنّ الليرة اللبنانية لم تعد وحدة صالحة أو عملة للقياس والتداول بسبب تقلّباتها المتواصلة وانهيارها. فهي تُستعمل لتسديد الضرائب والقروض، وأبعد من ذلك، لا أحد يترك في متناوله ليرة.
تبقى المشكلة الكبرى في القطاع العام، فالدولة في عدة مرافق لا تستطيع التسديد بعملة الدولار مع العجز المتفاقم في الموازنة والصعوبة في تغطيته. فهي لا تملك الإيرادات اللازمة لتأمين النفقات المطلوبة. الأمر مرتبط بموازنة الدولة المفترض أن ترشّد إنفاقها بما يحقق التوازن المالي بين المدفوعات والايرادات، ومن ثم توسيع تقديماتها الاجتماعية. إلا أن هذا يتحقّق بعد إعادة هيكلة القطاع العام.