هل مجلس النقد هو الحل لإنقاذ الليرة اللبنانية؟ خبير عالمي يكشف التفاصيل

تشكّل جاذبية الاستثمار في أي بلد معياراً أساسياً يرتبط بالاستقرار النقدي ووجود مرساة ثابتة للعملة. يطرح مجلس النقد نفسه كآلية محتملة لتحقيق هذا الاستقرار في لبنان بعد التدهور الكبير الذي شهدته الليرة اللبنانية.

وُضعت خطة في بداية الأزمة عام 2021 بالاستعانة بأفضل خبراء مجالس النقد في العالم كانت ستحافظ على تثبيت سعر العملة عند 9,500 ليرة لبنانية لكل دولار. لكن عدم تنفيذ هذه الخطة أدى إلى تدهور قيمة العملة عشرة أضعاف، وتبخّر الرواتب، ومغادرة المهنيين المؤهّلين البلاد.

يختلف مجلس النقد جوهرياً عن ربط العملة التقليدي. يمثّل ربط العملة وعداً سياسياً من المصرف المركزي، لكن يبقى للمصرف حق طباعة العملة والإقراض وتمويل عجز الحكومة. أما مجلس النقد فهو مقيّد بالقواعد ولا يملك هذه الصلاحيات.

يفرض مجلس النقد تغطية 100% من العملة باحتياطيات أجنبية، ولا يمكن إصدار عملة جديدة إلا عندما يجلب القطاع الخاص دولارات جديدة. يخلق هذا النظام الثقة من خلال مصداقية القواعد الناظمة له.

يملك لبنان احتياطيات كافية لإنشاء مجلس نقد. تشير التجارب الناجحة إلى أن القاعدة النقدية تمثّل 10-15% من الناتج المحلي. يبلغ الناتج المحلي للبنان حوالي 30 مليار دولار، أي أن أقل من 5 مليارات دولار تكفي لتغطية كامل العملة المتداولة.

أصبح الاقتصاد مدولراً جزئياً: يتعامل القطاع الخاص بالدولار فيما يتعامل القطاع العام بالليرة. تواجه الشركات تعقيد التعامل مع مجموعتين من السجلات المحاسبية. تحصل الحكومة الضرائب بالليرة لكنها لا تستطيع إنفاقها، وإلا انخفض سعر الصرف.

يوجد خياران للخروج: إما دولرة كاملة كما في بنما، أو اعتماد مجلس نقد يمنح الانضباط والبنية المؤسسية مع الإبقاء على الليرة.

عاد الاستقرار إلى هونغ كونغ خلال أسابيع من تثبيت سعر الصرف في أكتوبر 1983. عادت الأموال التي خرجت خلال الأزمة، وحوّل المستثمرون رؤوس أموالهم للاستفادة من أسعار الفائدة الأعلى. ظلّ سعر الصرف ثابتاً منذ 42 عاماً رغم مواجهة أزمات عديدة: الأزمة المالية الآسيوية، سارز، الأزمة المالية العالمية، وكوفيد.

واجه النظام معارضة واسعة في البداية من الأكاديميين والمصرفيين وصندوق النقد الدولي، لكن كبار الاقتصاديين مثل ميلتون فريدمان أيّدوه باعتباره الأنسب لاقتصاد صغير ومفتوح.

لن يتولّى مجلس النقد إعادة هيكلة البنوك، لكن بعد إعادة الهيكلة سيجذب الأموال إلى لبنان. سيكون سعر الفائدة على الليرة أعلى من الدولار دون مخاطرة في التحويل أو الصرف. سيجلب المستثمرون الدوليون رأس المال للاستفادة من المراجحة، وسيتدفّق المال إلى النظام المصرفي.

ستحصل المصارف للمرة الأولى على السيولة الكافية للإقراض للاقتصاد الحقيقي بدلاً من الهندسات المالية في المصرف المركزي. سيُلغى خطر الخسارة من تغيّر سعر الصرف، ما يشجّع تدفّق رأس المال إلى لبنان ويعيد دوره كمركز مالي في الشرق الأوسط.

اضغط هنا لمشاهدة المؤتمر مع الخبراء على موقع CLES