ما إن استبشر اللبنانيون خيرًا من الأنباء التي وردت حول مساعي وزير الطاقة وليد فياض لزيادة التغذية الكهربائية من 450 ميجاوات إلى 600 ميجاوات خلال الصيف الحالي، حتى وردت أنباء أخرى تفيد بخروج معامل إنتاج الطاقة في كل من دير عمار والزهراني والليطاني عن الشبكة العامة. فكيف يمكن التفكير بزيادة التغذية في وقت تتكرر أعطال المعامل وتهدد بالعتمة؟
هذه ليست المرة الأولى التي تصدر فيها إعلانات تهدد وتحاول ممارسة نوع من الابتزاز على المسؤولين بأن هذه المؤسسة أو الإنتاج سينهار وأن الخدمة ستتوقف في المرفق العام لتحقيق مكاسب مالية التي تشكل الأزمة الأساسية.
لا ينقص كهرباء لبنان شيئًا سوى أن يقوم متعهدو التشغيل والصيانة بواجباتهم، لأنه يتم تأمين التمويل لهم وعقودهم بالدولار. لا يوجد ما يمنعهم من اتخاذ خطوات تشغيلية من باب الصيانة الاستباقية حتى لا نقع في المشكلة. يجب أن تكون لديهم قطع غيار جاهزة وحاضرة لحل أي مشكلة أو عطل يطرأ على الفور.
اقتراح وزير الطاقة لزيادة الإنتاج يقضي بتعزيز مجموعة عمل محطتي دير عمار أو الزهراني ومتابعة العمل على إنجاز ملف إعادة تشغيل معملي زوق مكايل والجية اللذين ينتجان الكهرباء من الفيول أويل وهي أرخص من الغاز أويل. لكن أكد مدير عام الاستثمار السابق في وزارة الطاقة غسان بيضون أن لا تحسن مرتقبًا في الكهرباء لأن الفشل يكمن في سوء الإدارة والجباية وفشل إدارة قطاع الطاقة.
الطاقة بحاجة إلى المال لشراء المحروقات وإنتاج الكهرباء، وتوزيعها على الشبكات وإيصالها للمستهلك، وفوترتها وجبايتها واستعادة الأموال المستخدمة للإنتاج. ولكن هذه هي الحلقة المفرغة التي ندور فيها منذ ثلاثين عامًا، حيث يتوفر التمويل وتنتج الكهرباء، ولكن الفوترة لا تحقق سوى نسبة قليلة من الإنتاج الذي تم توزيعه.
كهرباء لبنان لا تسدد ثمن النفط العراقي، وتجمع هذه المصاريف وتصرفها على عقودها بالدولار وعلى التشغيل والصيانة ومقدمي الخدمات والذين يقدمون قطع الغيار، وتقول إنها لا تزال غير قادرة وبحاجة إلى مساعدة وتطالب بها الآن.
الحل الوحيد لتفادي العتمة القادمة بحسب بيضون هو الاستثمار في الطاقة الشمسية في مختلف المناطق اللبنانية عبر البلديات. الحل هو التوجه نحو البلديات في المناطق ولامركزية الإنتاج والتوزيع وتعزيز اللامركزية الإدارية ودور البلديات بالتعاون مع القطاع الخاص لاستثمار الطاقة الشمسية في مختلف المناطق والبلديات واتحادات البلديات.
البلديات قادرة على تأمين الكهرباء بتكلفة أقل بكثير، ربما بـ 9 سنتات للكيلوواط ساعة، بينما المولدات الخاصة تأخذ 44 سنتًا والمؤسسة تأخذ 27 سنتًا.
من الخطط التي تطرحها وزارة الطاقة لرفع التغذية هي التحول لتشغيل المعامل على الغاز، وبما أن الغاز المصري تأخر لأسباب سياسية، فهي تتطلع إلى إنشاء محطات تغويز عبر إجراء مناقصة في هذا الإطار. لكن أي خطة لن تجدي نفعًا بطبيعة الحال إن بقيت الجباية متأخرة.