في خضم الأزمات المالية والاقتصادية التي تعاني منها البلديات في لبنان، برز في الآونة الأخيرة دور البلديات في تنظيم الوجود السوري وإجلاء غير الشرعي منه وضبط تحركات النازحين السوريين واتخاذ القرارات الفورية اللازمة لازالة كافة التعديات والمخالفات على الأملاك العامة والخاصة.
فكيف ستتمكن هذه البلديات من أداء دورها وهي عاجزة عن تأمين رواتب لموظفيها بعدما خسرت جزءاً كبيراً من مداخيلها من جراء الأزمة الاقتصادية وتدهور العملة الوطنية؟
من وجهة نظر الخبير الاقتصادي الدكتور باتريك مارديني هناك وسائل يمكن من خلالها تأمين واردات للبلديات من خارج الصندوق البلدي المستقل والرسوم البلدية عن طريق السماح للبلديات بإعطاء رخص لشركات لإنتاج ونقل وتوزيع الكهرباء وشركات للم النفايات.
مارديني قال في حديث للديار: “مع الانهيار الاقتصادي الكبير الحاصل في البلد خسرت البلديات مداخيلها فبعدما كانت تتقاضى أموالاً من الدولة ( من الصندوق البلدي المستقل)، توقفت هذه الاخيرة عن الدفع وحين تدفع لهم تدفع بالليرة اللبنانية التي فقدت قيمتها، وبالتالي تبخر جزء كبير من مداخيل البلديات من الصندوق البلدي المستقل “.
وإذ أشار مارديني إلى تدني قيمة الصقوفات والرسوم البلدية، وبالتالي البلديات لم يعد لديها إمكانات، إضافةً إلى أن البلديات انتهت مدتها وتم التجديد لها أكثر من مرة وهذا أدى إلى وجود الكثير من البلديات بحكم المستقيلة ولا تعمل وهي معطلة.
ووفقاً لمارديني في ظل هذه التحديات التي تواجه البلديات يزداد الطلب على الخدمات التي يجب أن تقدمها البلديات منها مؤخراً موضوع النازحين السوريين، معتبراً أن الدولة ترمي بالمسؤوليات على البلديات لكن لا تعطيها بالمقابل كل الإمكانات اللازمة كي تتمكن من العمل بالشكل المطلوب.
و رأى مارديني أنه يجب التفكير من خارج الصندوق كي نتمكن من تأمين موارد مالية للبلديات، من دون العودة إلى الصندوق البلدي المستقل ومن دون تحميل الشعب اللبناني ضرائب إضافية، كي تستطيع هذه البلديات تأمين الخدمات للشعب اللبناني والتي يتعلق جزء منها بالأمن والإنماء وغيرها .
ومن الوسائل التي يمكن من خلالها تأمين موارد مالية للبلديات تحدث مارديني عن ضرورة السماح للبلديات أن ترخص مشاريع إنتاج ونقل وتوزيع الكهرباء، مشيراً إلى أن هناك قانون صدر في العام ٢٠٠٢ كسر احتكار كهرباء لبنان على إنتاج ونقل وتوزيع الكهرباء، وسمح لتعدد الشركات في هذا الإطار،” لكن لم يتم تنفيذ هذا القانون لأنه اشترط وجود هيئة ناظمة” .
وأكد مارديني من أجل أن تتحمل البلديات مسؤوليات أكبر يجب تفعيل عملها عن طريق إعطاء البلديات الصلاحية إلى حين تعيين الهيئة الناظمة، بترخيص مشاريع لإنتاج ونقل وتوزيع الطاقة، لافتاً إلى ان هذا الأمر يعطي مداخيل إضافية للبلديات، ” فالشركة التي تأخذ الترخيص من البلدية توزع الكهرباء على أهالي البلدة بكلفة أقل من المولدات إضافة إلى أن الدولة تتمكن من تحصيل مداخيل من هذه الشركة فضلاً عن إنعاش الحركة الاقتصادية في البلدة “.
وبالنسبة لموضوع معالجة النفايات شدد مارديني على ضرورة أن تقوم البلديات بترخيص مشاريع لجمع ومعالجة النفايات وأن تعمل على جذب الاستثمارات في موضوع النفايات، مع تحمل المسؤوليات بقمع المخالفات ومنع الناس من رمي النفايات على الطريق التي تؤدي إلى التلوث، وأن ترفع مستوعبات النفايات، وعندئذ تقوم الشركات الخاصة بلم النفايات التي تؤمن مداخيل للبلديات من خارج الصندوق البلدي المستقل والرسوم، وهذه المداخيل تسمح للبلديات بتأدية دور أكبر مطلوب منها في الأمن وتنظيم عمل الأجانب سيما السوريين.