صحيح أن العطل الذي طرأ على شاشات مطار رفيق الحريري الدولي مؤخراً لم يكن الأول، إلا أنه استقطب الاهتمام، بسبب تضمنه رسائل سياسية وطائفية، وإن سارع الفريق المعني إلى نفي صلته بهذا الخرق.
فكيف يمكن قراءة هذا التطور من الناحية الاقتصادية؟ وهل يمكن تجنب تداعياته على المدى المتوسط والطويل؟
بحسب مدير المعهد اللبناني لدراسات السوق د. باتريك مارديني، فإن ما حصل في المطار مؤخراً، ربما لن يكون له تأثير آني على عمل المطار، ولكن من شأنه زيادة التأثير السلبي على سمعة لبنان، خاصة في هذا المرفق الحيوي، الذي يستمر في التراجع سواء لجهة سوء الإدارة، تدني الخدمات أو التنظيم… ما يجعل من الضروري العمل على إعادته إلى سابق عهده.
ورأى مارديني أن هذا المستوى الذي وصل له المطار ناتج، إضافة إلى ماتمت الإشارة إليه، عن الاحتكارات التي لا تقتصر على مرفق واحد، بل تتعداه إلى عقود تزويد الطائرات بالوقود، وتلزيمات السوق الحرة، ومواقف السيارات… وهذا ما يؤدي إلى تدني الخدمات وارتفاع الأسعار، ويخنق بشكل تدريجي، السياحة في البلاد.
وكشف د. مارديني إلى أن المزايدة الأخيرة التي انطلقت لتلزيم بعض الخدمات في المطار، أقفلت على سعر يساوي خمس مرات سعر الافتتاح، وهو أمر لا يمت إلى المنطق بصلة، مؤكداً أن المشكلة تعود إلى اعتماد طريقة الـBOT، بحيث تتولى شركة معينة إدارة الخدمات، على أن تعود بعد فترة محددة إلى الدولة، التي تسعى إلى تلزيمه لشركة جديدة، ما يفتح باب الفساد على مصراعيه.
هذا المسار، يؤدي بشكل آلي، إلى ارتفاع كتلة السفر إلى لبنان: فحصة شركة الطيران من ثمن تذكرة الطائرة تكاد لا تقارن بحجم الضرائب والرسوم وغيرها، وهذا ما من شأنه الحد من حركة السياحة باتجاه لبنان، حيث لم يعد لبنان يستقطب أكثر من 2% من السياح في منطقة الشرق الأوسط.