وطنية – نظم المعهد اللبناني لدراسات السوق ورشة عمل بعنوان “النواب امام استحقاق موازنة 2019″، برعاية رئيس مجلس النواب نبيه بري وقد مثلته وزيرة الدولة لشؤون التنمية الادارية في حكومة تصريف الاعمال عنايا عز الدين، في حضور النواب: انطوان بانو، قاسم هاشم، هنري حلو، نواف الموسوي، عدنان طرابلسي، شامل روكز، علي درويش، فادي سعد، فادي علامة، عماد واكيم، ادي ابي اللمع وسامي فتفت.
ميشيل
افتتح الورشة رئيس المعهد اللبناني لدراسات السوق باتريك مارديني، فرحب بالحضور، وتوقف عند “الوضع الاقتصادي الضاغط”، معرفا بالخبير في الشؤون الاقتصادية والضريبية وضبط الانفاق الدكتور دانيال ميشيل الذي أشار الى ان “هناك مشاكل في لبنان تحد من النمو الاقتصادي”. واعتبر ان “ما من نقطة سحرية ان يتخطى لبنان الازمة، ولبنان يعتمد على الواردات والاستيراد”، لافتا الى ان “القطاع الخاص هو الذي يولد الوظائف عندما ترفعون الضرائب ستحولون الاقتصاد الى اقتصاد الظل”.
وتحدث عن “سقوف الاتفاق وان الهدف يجب ان يكون بشكل ابطأ عن القطاع الخاص”، ورأى انه “عندما تضبط الاتفاق الحكومي يعني تضبط الدين، وعلينا ان نعالج هذه المسائل، والقطاع الخاص ينمو اكثر من الحكومي”. ودعا الى “اقامة قواعد مواظنة متوازنة، وعندما يكون الاقتصاد ضعيفا يجب تخفيف الانفاق”. ورأى ان “سقف الانفاق هو فكرة جيدة”.
واعطى امثلة على ذلك في بعض بلدان اوروبا، معتبرا ان “الحكومات الصغيرة امر مهم”، واعلن انه “يحبذ الحكومات الصغيرة، والقاعدة المالية التي تعمل في العالم هي السقف الانفاقي، وهذا حيوي بان يحصل في لبنان ولبنان في الازمة”.
مارديني
بدوره، لفت مارديني الى ان “الوضع الاقتصادي سيئ ولكن الاخطر هو الديون”، وشرح بالارقام “خطر الافلاس في لبنان واكبر خطر الافلاس هو في القريب العاجل، ونحن نعيش اخطر مرحلة في تاريخ لبنان”، وتحدث عن “الفائدة على سندات الخزينة والاسواق ليست لديها ثقة بأننا قادرون على رد القروض”.
وتناول مؤتمر “سيدر” والقروض والاصلاحلات”، ودعا الى “وجوب تخفيف النفقات”، لافتا الى “ما يحصل يعني اننا سنذهب الى انفاق اكثر”، وسأل: “كيف سنحسن البنى التحتية من دون زيادة نفقات الدولة؟ وهل نستطيع اصلاح الخدمات من دون ان تدفع الدولة؟ لتقم الشركات الخاصة بانشاء الاوتوسترادات واقامة السدود ولتتنافس الشركات، فهذه حلول تستطيع ان تؤمن التحسين الجدي للبنى التحتية”.
عز الدين
ثم كانت كلمة لممثلة الرئيس بري الوزيرة عز الدين استهلتها بالقول: “كل الشكر لدولة رئيس مجلس النواب على تشريفي بتكليفي تمثيله في هذه الورشة التي تتناول احدى اهم القضايا في لبنان اليوم وهي الموازنة.
الموازنة التي يفترض ان تكون اجراء طبيعيا وعاديا ودوريا تقوم به الحكومة، تحولت في لبنان الى حدث منتظر واستحقاق استثنائي بسبب عدم اعدادها لمدة 11 عاما على التوالي. ويسجل للحكومة الحالية انها وضعت حدا لهذا المسار من خلال اعداد الموازنة في العام الماضي. ويسجل لوزارة المال انها انجزت الحسابات المالية للدولة التي كانت الحكومات المتعاقبة قد امتنعت عن انجازها طوال ربع قرن.
ويسجل لهذه الحكومة ووزارة المال تحديدا انها ذهبت الى اجراءات ضريبية لم يجرؤ احد على خوضها ربما منذ الاستقلال من خلال فرض ضرائب على الشركات المالية والمصارف. ان هذا التوجه يؤدي، اذا ما استتبع بخطوات أخرى،الى تحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية لأنه يعيد توزيع الثروة من خلال فرض الضريبة على ذوي الدخل المرتفع الذين يستفيدون اكثر من مقدرات الدولة والمجتمع”.
وأضافت: “اليوم يتحضر مجلس النواب لمناقشة الموازنة المقبلة ولاجل ذلك نجتمع بمبادرة من المعهد اللبناني لدراسات السوق في حضور خبراء دوليين ولبنانيين، اضافة الى السيدات والسادة النواب.
كما تعلمون، فإن الوظيفة الاساسية والتي لاجلها انشئت مجالس النواب هي الرقابة على الانفاق المالي وهي مهمة تعتبر جوهر العملية الديموقراطية، كما انها احدى اهم العمليات التشريعية والرقابية لمجالس النواب والتي تعكس الرؤية الاقتصادية للحكومة وسياساتها الاقتصادية والمالية والاجتماعية والتربوية والثقافية والصحية”.
وتابعت: “اعتقد ان لب المشكلة في لبنان يكمن في هذه النقطة تحديدا. لأننا، ومنذ أعوام طويلة، نضع مشاريع الموازنة في ظل غياب الرؤية الاقتصادية الشاملة التي تتحدد على اساسها سياسات الدولة في مختلف القطاعات. وهذه النقطة لطالما اشار اليها دولة الرئيس نبيه بري في الكثير من المحطات والمناسبات. كما اني تحدثت عنها خلال الاسبوع الماضي في ورشة عمل عن قانون النفايات، فضلا عن طرحي لهذا الموضوع طويلا خلال احدى الجلسات الاولى لـ”حكومة استعادة الثقة”. الا اننا وحتى اليوم ما زلنا نفتقر الى القرار السياسي الذي ينتج رؤية اقتصادية واضحة لهذا البلد”.
واردفت: “يبدو ان هناك ترددا او خوفا من المعنيين باتخاذ القرار الذي يحول الاقتصاد اللبناني من الاقتصاد الريعي “الكسول” وغير القابل للاستمرار والذي يركز الثروة في يد القلة، الى الاقتصاد الانتاجي. وكأن التجارب الماضية والتي اثبتت عقم الخيارات الاقتصادية التي حكمت منذ الاستقلال حتى الان، لا بل كارثيتها، لم تشكل عبرة للمعنين. ولعل حجم الدين العام الذي يتفاقم سنة بعد اخرى هو احد اوضح المؤشرات الخطيرة وهو اقترب من ال80 مليار دولار في احسن التقديرات – كما تعلمون ان الرقم، كما قال دولة الرئيس سليم الحص، لا يزال وجهة نظر في لبنان، وهناك الكثير من الارقام التي تطرح والتي تفوق بكثير رقم ال80 مليار دولار – وخصوصا اذا نظرنا الى نسبة الدين من الناتج المحلي وهي نسبة من بين الاعلى في العالم”.
وقالت: “ان النظام الاقتصادي المعتمد كان احد اسباب نشوء الحرب الاهلية السيئة الذكر او على الأقل شكل أرضا خصبة لها. كما ان استمراره ادى الى دخولنا في حلقة مفرغة من الأزمات الاقتصادية والمالية المتتالية وصولا الى اليوم حيث الاصوات ترتفع محذرة من الاسوأ. ان اعادة النظر في البنية الاقتصادية القائمة لم تعد ترفا بل هي ضرورة تمليها الوقائع الحاكمة. ان اعادة النظر هذه يجب ان ترتكز على اربع مرتكزات:
– الاول الانتقال الى الاقتصاد المنتج مع الابتكار في مجالات الانتاج – واللبنانيون مبدعون ومبتكرون .
الثاني اطلاق عملية حقيقية وحديثة للاصلاح الاداري، وقد وضعنا في وزارة الدولة لشؤون التنمية الادارية الاستراتيجية الوطنية للتحول الرقمي باعتبارها خطوة متقدمة على طريق الاصلاح الاداري.
الثالث: قرار حازم بمكافحة الفساد، وقد وضعنا ايضا في الوزارة الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد.
الرابع: اقرار نظام ضريبي اكثر عدالة.
الخامس: تنظيم العلاقة بين القطاعين العام والخاص بما يساهم في تطوير الاستثمارات في البنى التحتية والخدمات العامة ووضع التشريعات الضرورية التي تساهم بعلاقة تؤمن مصلحة المواطن اللبناني وتحفظ الحقوق الاساسية للمواطن وتحفز القطاع الخاص”.
واشارت الى ان “هذه المسارات ستقود في حال اعتمادها الى موازنات اكثر توازنا وشفافية واقل عجزا. موازنات تفتح افاق التنمية والنمو بالتوازي وتنتج مشاريع وبرامج تضع حدا لنسب الفقر المتفاقمة وتخفف من نسب البطالة المستشرية وتفتح مسارات حلول للازمات المتراكمة. وهذا هو عنوان الالفية للتنمية المستدامة وهو الشمولية في التنمية”.
أضافت: “ان المواطنين اللبنانيين يعانون على مختلف المستويات، واعتقد اننا كلنا متفقون ان الاوضاع وصلت الى حدود خطيرة وان المجلس النيابي الحالي يجب ان يكون على مستوى التحديات. وهو اليوم المؤسسة الاكثر نشاطا في ظل غياب حكومة فاعلة ونحن نشهد ورشة تشريعية مهمة يمكن ان يكون لها اثر ايجابي على الوضع الاقتصادي وعلى تشجيع الاستثمار وتحسين بيئة الاعمال. وقد اقرت أخيرا قوانين مهمة ومتطورة مثل قانون المعاملات الالكترونية وهو خطوة لتحفيز الاقتصاد الرقمي في لبنان، وهناك تحضيرات لاقرار القانون الذي يصر دولة الرئيس بري عليه وهو قانون تشريع زراعة القنب في لبنان واستخداماته الطبية والصناعية – بالطبع الموضوع يحتاج الى درس ووضع كل الضوابط اللازمة لتحويله الى مورد اقتصادي يساهم في عملية التنمية والانتاج. كما اننا معنيون بمواكبة قرارات مؤتمر “سيدر” التي يفترض ان تكون اولوية لدى الحكومة العتيدة المنتظرة خلال عشرة ايام كما وعد دولة الرئيس المكلف. لا بد من الاشارة الى ان الاوضاع الاقتصادية والمالية والنقدية يجب ان تكون الحافز الكبير والفاعل لتأليف الحكومة اليوم قبل غد وخصوصا ان الناس ينتظرون التعاطي بمسؤولية من قبل المسؤولين. والا فإننا نذهب الى ما لا تحمد عقباه. ومناقشة الموازنة العامة هي فرصة لوضع الامور في نصابها الصحيح وكل الامل ان نكون على قدر توقعات الناخبين الذين اولونا ثقتهم”.
وتمنت ان “تكون هذه الورشة خطوة على هذا المسار”.
بالمر
وتحدث الخبير الاقتصادي المستشار طوم بالمر عن الوضع الاقتصادي والمالي في لبنان.
ثم جرى حوار واسئلة بين النواب والدكتورين ميشيل ومارديني عن الموازنة والعجز والانفاق.
هالة الحسيني/م.ع.