يعاني لبنان من أزمة كهرباء خانقة، حيث تراجعت ساعات التغذية من 16 ساعة تقريبًا عام 2012 إلى العتمة الشاملة حاليًا. يفضح هذا التدهور فشل وزارة الطاقة والحكومات المتعاقبة في إدارة القطاع. يُعزى هذا الإخفاق إلى الفساد المستشري والمصالح الشخصية للمسؤولين المتحكمين بالقطاع. أصدر مجلس النواب عدة قوانين، أبرزها القانون 181 الذي خصص مبلغًا ضخمًا قدره مليار ومائتي مليون دولار لقطاع الطاقة. يتساءل المواطنون المنهكون من العتمة عن جدوى هذه القوانين وإمكانية عودة التيار الكهربائي إلى منازلهم. أعلن وزير الطاقة وليد فياض عن توقعات بتحسن تدريجي في التغذية الكهربائية، مع احتمال زيادة تصل إلى خمس ساعات أسبوعيًا. أشاد الوزير بالدور الجزائري في دعم لبنان، واصفًا الوضع الراهن بـ”معركة الصمود”. أكد على تجديد التزام العراق بزيادة إمدادات النفط وتفعيل اتفاقية تبادل النفط الخام. كشف عن خطة طارئة تتضمن استعارة خمسة آلاف كيلومتر من الديزل من منشأة الزهراني وشراء باخرة محملة بثلاثين ألف كيلومتر من الغاز أويل، متوقعًا وصولها في 24 آب الجاري. نفت مصادر حكومية مصرية ما أعلنه فياض عن قرب وصول شحنات الغاز المصري قبل نهاية الشهر الحالي. حذر الخبراء من المخاطر الجسيمة لتغيير مواصفات الوقود المستورد باستمرار، موضحين أن اختلاف تركيبة المحروقات في كل شحنة قد يؤدي إلى تفاعلات غير متوقعة وأضرار في المعدات. تواجه البنية التحتية للكهرباء في لبنان تحديات هائلة، تشمل تهالك المنشآت، وعدم كفاءة محطات الإنتاج، وارتفاع نسبة الفقد في شبكات النقل والتوزيع. يتطلب حل الأزمة استثمارات ضخمة وإصلاحات هيكلية عميقة، بالإضافة إلى مكافحة الفساد وتحسين الحوكمة في القطاع. يعتمد لبنان بشكل متزايد على العراق والجزائر كمصادر موثوقة للطاقة في الوقت الراهن. يستدعي الخروج من دوامة أزمة الكهرباء إرادة سياسية حقيقية وخطة وطنية شاملة تتجاوز الحلول الترقيعية المؤقتة، وتضع مصلحة المواطن اللبناني في صلب أولوياتها.