وجاء في القرار الثاني: «تمدد لغاية 15/03/2023 ضمناً مهلة تقديم تصاريح رسم الطابع المالي المتعلق بالمؤسسات الخاضعة للتأدية الدورية (المؤسسات العامة والبلديات والمشاريع المائية ذات المنفعة العامة ومؤسسات الضمان والشركات ذات الامتياز)، عن الفصل الرابع 2023 وتأدية الرسم المتعلق بهذه التصاريح». وجاء في القرار الثالث: «تمدد لغاية 28/03/2024 ضمناً، مهلة تقديم التصريح السنوي العائد لضريبة الدخل على الرواتب والأجور (ر5) والكشوفات السنوية الافرادية (ر6) والكشف السنوي الإجمالي (ر7) عن أعمال سنة 2023، وتأدية الضريبة في حال توجبها».
عند رصد وتتبع هذه القرارات المنشورة حتى 26 حزيران على الاقل 2023، يتبين أن وزارة المالية تكرّر تمديد المهل لتقديم بيانات الفصل الرابع لضريبة الرواتب والأجور، وتصاريح رسم الطابع المالي المتعلق بالمؤسسات الخاضعة للتأدية الدورية (المؤسسات العامة والبلديات والمشاريع المائية ذات المنفعة العامة ومؤسسات الضمان والشركات ذات الامتياز)، والتصريح الدوري للضريبة على القيمة المضافة وتأدية الضريبة على القيمة المضافة الناتجة عنها، وتقديم طلبات الاسترداد التي تقدم خلال مهلة التصريح عن هذا الفصل. وتقديم التصريح السنوي بضريبة الدخل والتصريح الشخصي الخاص بضريبة الأملاك المبنية، المتوجبة على العقار أو القسم من العقار الذي تزيد إيراداته عن أربعين مليون ليرة لبنانية وتسديد الضريبة الناتجة عن التصريح. ما يعني أن المكلفين لا يتجاوبون مع هذه الفرص التي تعطى لهم تباعاً لتسديد رسومهم، ويضربون بعرض الحائط أيضاً قرار الاعفاء من الغرامات الذي تضمنته موازنة 2024، فما الذي يدفعهم الى ذلك؟ هل هو الانهيار الشامل الحاصل في كل مرافق الدولة وعدم ايمانهم بجدوى تسديد الضرائب لدولة متهالكة؟ أم ان هناك أسباباً تقنية ولوجستية أيضاً؟
يجيب رئيس نقابة خبراء المحاسبة عفيف شرارة على هذا السؤال بالقول: «وزارة المالية حين أصدرت قانون تسديد الضرائب على القيمة المضافة او الرواتب والاجور، او رسم الطابع او بعض الضرائب الاخرى، قامت بتقليد القوانين الصادرة في الدول الاوروبية، أي بات على المكلف تسديد هذه الضرائب كل شهر ولم يأخذوا بعين الاعتبار واقع بلدنا»، مشيراً الى أن «القانون 379 وهو قانون الضريبة على القيمة المضافة ينص على أنه «كل 20 الشهر الذي يلي الفصل، يجب على المؤسسات التصريح عن واقعها، في ما يتعلق بالضريبة على القيمة المضافة في كافة مشترياتها ومبيعاتها ومصاريفها والاصول الثابتة، وهذا ينطبق أيضاً على الرواتب والاجور (15 من الشهر الذي يلي الفصل) والرسوم الاخرى».
يؤكد شرارة أنه «أمام هذه النصوص والتعاميم هناك واقع مرير في المؤسسات الرسمية، اذ غالباً ما لا يكون هناك تيار كهربائي ولا انترنت تمكّن المكلّف من دفع ضرائبه، كما أن الانتقال من منطقة لأخرى تكبده مشقات من دون ضمان انه سيصل الى نتيجة، وهذا ما يؤدي الى عدم انجاز المؤسسات لحساباتها ضمن هذه المهل وبالاخص في ما يتعلق بضرائب الفصل الرابع حيث تتم تسويات الحسابات وتثبيت صحة أرصدتها»، لافتاً الى أن «تسديد هذه الضريبة تستلزم كشوفات من المصارف والموردين والانتهاء من الجرد والتقييم، وكل هذه الاجراءات يجب أن تنتهي في 20 كانون ثاني من كل عام، وهذا يعني أنه لا يمكن لأي مؤسسة أن تقدم نتيجة خلاصة حساباتها في هذه المهل».
يضيف: «تواصلنا مع وزارة المالية واقترحنا تعديل القانون، لأنه لا يجوز أن يستمر هذا الضغط ومن ثم اعطاء مهل، لأن ذلك يفسح بالمجال أمام أصحاب المؤسسات الى تقديم حسابات غير متطابقة»، مشدداً على أن «التشريع في لبنان مرتجل ومن دون تخطيط. واقعنا يختلف عن واقع الدول الاوروبية التي تنجز كل معاملاتها الكترونياً، في حين أنه في لبنان هناك أزمات متلاحقة ولذلك تكرر تقديم المهل. فعلى سبيل المثال المكننة في وزارة المالية متوقفة ولذلك تعطى للمكلفين مهلة اضافية، ولكن الاعطال تبقى دون إصلاح في اغلب أيام التمديد!! وهذا يعني ان المكلف لا يمكنه انجاز معاملته، فما الجدوى من التمديد إذاً؟».
ويسأل شرارة: «نجد أنفسنا أمام التمديد بالقطارة وكأننا أمام أيام «حياة أو موت»، والانكى أنه يتخللها أيام عطلة!! فما وجه الاستفادة منها وهذا يعني أن تعاميم التمديد تصدر عشوائياً، والدولة اللبنانية متخصصة بالخسارة. والدليل هو توقف العمل في الدوائر العقارية وهيئة ادارة السير من دون أن يحرك المسؤولون ساكناً لحل المشكلة في هاتين الدائرتين المهمتين»، جازماً بأن «هناك ضرائب متوجبة على المكلفين وهي متراكمة ولا تسعى الدولة لتحصيلها لان وزارة المال لا تمتلك العدد الكافي من الموظفين لانجاز هذه المعاملات».
يشدد شرارة على أن «الامر يحتاج الى تخطيط سليم. التهرب الضريبي أو خسارة الضريبة المسددة هو نتيجة عدم التخطيط في الوزارة وفي المجلس النواب. كل وسائل الاعلام تتحدث عن تهرب ضريبي يحدث في المرفأ وغيرها من المرافق، لكن لم تتشكل الى الآن اي لجنة للتحقق من هذا الامر، أو تم وضع خطة للقضاء على هذا التهرب، وهذا يعني ان الدولة متخصصة في الخسارة وليس في الاصلاح».
ويختم: «الغاء الغرامات هو تخصص في الخسارة. وموازنة 2024 هي ضرائب ورسوم على فقراء الشعب اللبناني، وفي آخر لحظة تم اقرار مادة تتعلق بدفع ضريبة على الارباح للشركات التي استفادت من البضائع المدعومة، بدل تشكيل لجان تحقيق مع هذه الشركات التي هرّبت هذه البضائع الى الخارج وجنت ارباحاً طائلة».
يوسف الخليل يفشل في “المالية”… ويمدّد مهل الجباية بلا جدوى
يكاد لا يمر شهر من دون أن تصدر وزارة المال فيه قرارات تتعلق بتمديد المهل، آخرها يوم الثلاثاء في 20 شباط الحالي، حيث أصدر وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال يوسف الخليل، ثلاثة قرارات تتعلق بتمديد مهل، وجاء في القرار الأول: «تمدد لغاية 28/03/2024 ضمناً، مهلة تقديم التصريح السنوي العائد لضريبة الدخل على الرواتب والأجور (ر5) والكشوفات السنوية الافرادية (ر6) والكشف السنوي الإجمالي (ر7) عن أعمال سنة 2022، وتأدية الضريبة في حال توجبها».