www.limslb.com خاص: CMA-CGM العارض الوحيد

www.limslb.com خاص:  CMA-CGM العارض الوحيد

الملخص. استحوذت مجموعة CMA-CGM على النقل البحري من لبنان وإليه بعد شراء أسهم الشركة المشغلة لمحطة الحاويات في طرابلس وفوزها في مناقصة إدارة محطة الحاويات في بيروت وتشغيلها. كما فازت الشركة بمناقصة البريد قبل إلغائها من قبل هيئة الشراء العام، وذلك بسبب مخالفات جوهرية شابت عملية التلزيم. ولعل أبرز ما يميز تلزيم محطة الحاويات في بيروت ومزايدة البريد هو وجود عارض وحيد، أي CMA-CGM. وعادة ما يؤدي غياب المنافسة إلى توفير إيرادات أقل للخزينة ويصبح من الصعب تحديد نوعية الخدمة التي يقدمها العارض بسبب غياب القدرة على المقارنة مع عروض أخرى. كما يُضعِف وجود عارض وحيد قدرة الحكومة على التفاوض بشأن تحسين الأسعار أو الشروط، ما يمكن أن يؤدي إلى عقود غير عادلة للدولة. ولكن الملفت في التزامات CMA-CGM هو أن دفاتر الشروط جرى تدقيقها من قبل هيئة الشراء العام لمنع تفصيلها على قياس عارض وحيد. وقد تميزت الشركة الفرنسية في تقديم مستنداتها بمنتهى الشفافية، ما يعني أن مسؤولية التقاعس عن جذب العارضين يقع على عاتق الحكومة اللبنانية. فقد اكتفت الحكومة اللبنانية بالإعلان عن المناقصة والمزايدة على الموقع الإلكتروني لهيئة الشراء العام، وهو موقع جديد نسبيا وغير معروف من الشركات العالمية التي قد ترغب في المشاركة وتقديم عروض؛ ولم يتم التسويق من خلال سفارات لبنان في الخارج، لا للموقع الإلكتروني لهيئة الشراء العام ولا للمناقصات المرتقبة، علما أن جذب الاستثمارات إلى لبنان يقع في صلب عمل البعثات الدبلوماسية ولا سيما في الوضع الاقتصادي الحالي.  

مناقصة المرفأ. تملكت مجموعة CMA-CGM في العام ٢٠٢١ أسهم الشركة المشغلة لمحطة حاويات طرابلس، ثاني مرفأ في لبنان. ثم عادت في شباط من العام ٢٠٢٢ وفازت بمناقص إدارة محطة الحاويات في مرفأ بيروت وتشغيلها وصيانتها عبر شركة CMA Terminals, وهي شركة تابعة لها. وقد أبدت إدارة المناقصات ملاحظات بشأن دفتر الشروط وتم التقيد بمعظمها من قبل لجنة إدارة مرفأ بيروت المؤقتة. ولكن المناقصة جرت قبل نفاذ قانون الشراء العام بتاريخ ٢٩-٧-٢٠٢٢ وأُعلِن عنها على موقع مرفأ بيروت الإلكتروني وتقدم إليها عرض واحد هو عرض الشركة الفائزة والمتعاقَد معها. ولم يتم نشر محضر التلزيم ولا الصيغة النهائية للعقد لمعرفة مدى انطباقها على أحكام دفتر الشروط الخاص بالصفقة (مدة العقد ١٠ سنوات).

مزايدة البريد. انطوت جلسة التلزيم في ٣٠-٠٣ -٢٠٢٣ على مفاجأتين: الأولى تمثلت في مشاركة CMA-CGM في المزايدة، والثانية في رفض نتيجة التلزيم من قبل هيئة الشراء العام، ورفض الرفض بداية من قبل الوزير ثم التسليم به ولو على مضض لاحقا. فبعد أن أعلنت شركة CMA-CGM عزوفها عن المشاركة في هذه المزايدة عبر الإعلام، قدمت في ربع الساعة الأخيرة عرضها بالتحالف مع شركة Colis Privé الفرنسية، وهي شركة حائزة على ترخيص بالعمل البريدي لكنها لا تملك الخبرة لكونها لم تمارس هذا العمل، بل هي في الغالب تتعاطى توصيل الطرود. وقد كانت الشركة الفرنسية في منتهى الشفافية لدى تقديم مستنداتها للاشتراك في المزايدة التي أعلنت عنها المديرية العامة للبريد التابعة لوزارة الاتصالات اللبنانية، فأفادت بأنها حاصلة على ترخيص بمزاولة العمل البريدي من قبل الهيئة الناظمة للبريد في فرنسا وأن خبرتها تنحصر في مجال الطرود. ومع ذلك، فقد أعطتها لجنة التلزيم التي شكلها وزير الاتصالات علامة كاملة على معايير الخدمة البريدية، كما لا يشمل موضوع نشاطها وفقاً لنظامها التأسيسي خدمات تحصيل الضرائب والرسوم المطلوبة بموجب أحكام دفتر الشروط الخاص بالمزايدة ولكنها فازت بها مع ذلك كله.  

رفض هيئة الشراء العام. بعد إعلان فوز CMA-CGM، رفع مندوب هيئة الشراء العام تقريرا إلى رئيس الهيئة الذي طلب ملف جلسة التلزيم كاملاً للتدقيق عملا بأحكام المادة ٧٦ من قانون الشراء العام. ونتيجةً لدراسة الملف وتدقيقه، أصدرت هيئة الشراء العام التقرير رقم ٠٢ تاريخ ٠٦ -٠٤-٢٠٢٣ والذي خلص إلى ما يلي:

  • عدم السير بتلزيم مرفق الخدمات البريدية بالاستناد إلى محضر جلسة التلزيم المؤرخ في ٣٠-٠٣-٢٠٢٣ بالنظر إلى المخالفات الجوهرية التي شابت عملية التلزيم وأدت إلى قبول عرض لا يراعي المقتضيات التي وضعتها الإدارة في دفتر الشروط الخاص بالتلزيم (عرض CMA-CGM)، كما أنه يقترح صيغة مالية تقوم على تقاسم رصيد الربح الأولي وفقاً لعناصر يحددها العارض من شأنها إلحاق الضرر بالمال العام وتقليص حصة الدولة وتحويلها من حصة بالإيرادات كما ورد في دفتر الشروط الخاص بالمزايدة إلى حصة في ربح محاسبي محتمل.
  • إعادة الإعلان عن التلزيم مجدداً وصياغة ملاحق العقد ودفتر الشروط الخاص بالمزايدة باستبدال عبارة “الربح الإجمالي” في عملية احتساب إيرادات الوزارة، أينما وردت، بعبارة “الإيرادات الإجمالية” وفقاً لما ورد في مشروع العقد ودفتر الشروط الخاص بالتلزيم.

حصة الدولة من الأرباح.  في موضوع مزايدة مرفق الخدمات البريدية لتشغيل المرفق البريدي في لبنان وتشغيل الخدمات والمنتجات والطرود البريدية والتجارة الإلكترونية والرزم الصغيرة ؛ عرض الملف لأول مرة على إدارة المناقصات بتاريخ ٠٢-٠٣-٢٠٢٢ حيث أبدت بموجب كتابها رقم ٤٧/١٠ ما يلي: ضرورة إجراء دراسة جدوى مالية واقتصادية لتحديد المداخيل المرتقبة لقطاع البريد على مدى سنوات العقد المحددة بـ 12 سنة، مع الإشارة إلى أن الزيادات المقترحة على نسبة حصة الدولة من الأرباح غير مبنية على دراسات تقديرية توزع نسبة تحمل الأعباء بين طرفي العقد، والتي تبقى رغم كل التعديلات التي طرأت على العقد غير مسندة إلى حسابات دقيقة وواضحة؛ علما أن ديوان المحاسبة قد أوصى بموجب تقريره رقم 11/2021 بضرورة إعادة تلزيم هذا القطاع بشروط جديدة بعد دراسة واقع البريد بطريقة شفافة وموضوعية وشاملة، ما يعكس حقيقته وحجمه وسائر مكوناته بشكل يشجع الشركات المعنية على الاشتراك في التلزيم ويضمن الحصول على أسعار منافسة وحقيقية بما يعود على الخزينة بأسعار واقعية ويؤمن للشركات المعنية صورة واضحة عن واقع التلزيم.

تغيب ليبان بوست عن المزايدة. بتاريخ ١٨ تشرين الأول ٢٠٢٢، أعلنت وزارة الاتصالات عن مزايدة لتلزيم الخدمات والمنتجات البريدية لمدة تسع سنوات، على أن يتم فض العروض بتاريخ ٢٤ -٠١-٢٠٢٣. وقد جرى الإعلان عن المزايدة على الموقع الإلكتروني لهيئة الشراء العام وفقا لدفتر شروط معدل بالاستناد إلى ملاحظات إدارة المناقصات دون إجراء دراسات الجدوى الاقتصادية والمالية والاستثمارية المطلوبة في تقرير إدارة المناقصات لعدم توفر المقدرة البشرية والمالية لدى وزارة الاتصالات للقيام بهذا النوع من الدراسات. وقد حظي دفتر الشروط هذا بموافقة مجلس الوزراء بقراره رقم 2 بتاريخ ١٢-٠٥-٢٠٢٢، ولم يتم الإعلان عالميا عن المزايدة بواسطة السفارات اللبنانية في الخارج. وقد أعلنت وزارة الاتصال قبل الموعد المحدد لإجراء المزايدة بتاريخ ٢٤-٠١-٢٠٢٣ بحوالي أسبوع عن تمديد الموعد إلى الساعة العاشرة صباحاً من يوم ١٦-٠٢-٢٠٢٣ إفساحا في المجال أمام المزيد من المنافسة كما ورد في إعلان التمديد.

ولم تشارك شركة ليبان بوست في هذه المزايدة ربطا بمسألة حصولها على براءة ذمة من وزارة الاتصالات. ويقال إن هيئة القضايا في وزارة العدل، بصفتها ممثلاً للدولة اللبنانية أمام المحاكم، قد حذرت الوزير من إعطاء هذه الإفادة للشركة، باعتبار أن التقاضي لم يحسم بعد بين الشركة والدولة اللبنانية في مجلس شورى الدولة. أما فيما يتعلق ببراءة ذمّة الشركة عن الضرائب والرسوم المتوجبة على أرباحها من إدارة القطاع البريدي، فقد أُعطِيَت للشركة من قبل وزارة المالية اللبنانية. وقد طارت جلسة ١٦-٠٢-٢٠٢٣ ولم تشارك في المزايدة أي شركة، وتردد أن شركة غانا بوست حاولت تقديم عرض بعد ربع ساعة من موعد تقديم العروض فرفضت وزارة الاتصالات استقباله، وتردد أيضا أن ليبان بوست كانت الفائز الأول لعدم مشاركة أية شركة أخرى لأنها بذلك ضمنت التمديد لها بحكم استمرارية المرفق العام. وقد حُدِّدَت جلسة التلزيم التالية عند العاشرة صباحا من يوم الخميس ٣٠-٠٣-٢٠٢٣، واستُبعِدَت شركة ليبان بوست (أو هي استبعدت نفسها) عن المشاركة في المزايدة، وقيل إنها ستشارك في الظل من خلال حصة مكفولة لها في تنفيذ التلزيم مع العارض الفائز.

من هي CMA CGM؟ تُعَدّ شركة (Compagnie maritime d’affrètement – Compagnie générale maritime) واحدة من أكبر شركات النقل البحري وشحن الحاويات في العالم. يقع مقرها في مرسيليا، وقد حققت أرباحًا بلغت 17.9 مليار دولار في العام 2021. ويدير الشركة اللبناني الأصل رودولف سعادة الذي حدث وأن رافق الرئيس الفرنسي في زيارته الأخيرة إلى لبنان عقب انفجار مرفأ بيروت في آب من العام ٢٠٢٠. وتُعتبَر الشركة مقربة من السلطات الفرنسية منذ أن استحوذت شركة CMA التي كان يديرها جاك سعادة على الشركة الوطنية البحرية الفرنسية CGM لدى خصخصتها من قبل الحكومة الفرنسية. كما تدخل صندوق الاستثمار الاستراتيجي، وهو صندوق سيادي أنشأته الدولة الفرنسية لإنقاذ CMA CGM وضخ 115 مليون يورو في الشركة، في العام 2013.