تعترف أم جواد (36 عاماً) أنها تعيش كل يوم بيومه، وتقول لـ”النهار”: لا شيء ثابت أو يمكن الاتكال عليه، أعمل في دوام جزئي لأعيل أطفالي الثلاثة بعد وفاة زوجي. التحديات كبيرة جداً خصوصاً بعد الأزمة، كنت أعيش على الهامش أما اليوم فتزداد الحياة صعوباً وقساوة”.
كان على أم جواد أن تتخلى عن الكثير من الحاجات والتضحية بالخيارات الغذائية والتقشف حتى تتمكن من متابعة تعليم أولادها. برأيها “العلم أهم سلاح يمكن فيه مواجهة صعوبات الحياة. لذلك يكون التعليم أولوية أكثر من الطعام، وقد تخليت عن الدجاج واللحمة وغيرها من الأمور التي بات من الصعب جداً تأمينها. تسعفني أحياناً بعض المساعدات الغذائية التي تصلنا وهي تكون سنداً لي حتى أتمكن من تأمين كلفة التعليم والتدفئة بما تيّسر”.
تحاول أن تخفي قلقها أمام أولادها “لا أريد أن يشعروا بالفرق وبصعوبة تأمين أبسط الحاجات، أحاول جاهدة أن ألبي لهم، ولو مرة في الشهر، طلباً صغيراً حتى يشعروا كأنهم كباقي الأطفال، وأنهم غير محرومين من أشياء كثيرة. بات كل شيء مكلفاً جداً وراتبي لا يساوي شيئاً”.
بين تشرين الثاني 2021 وكانون الثاني 2022، أجرت “هيومن رايتس ووتش” مسحاً على عيّنة تمثيلية شملت 1209 أسر في لبنان لمعرفة أوضاعهم الاقتصادية ومدى قدرتهم على تحمل التكاليف الأساسية من الطعام والدواء والسكن والتعليم.
وأظهر المسح أن انعدام الأمن الغذائي قد وصل إلى مستويات تنذر بالخطر، إذ إن العديد من العائلات، بمن فيهم الأطفال، يعيشون الجوع. لا يأكل شخص بالغ في أسرة واحدة من بين كل عشر أسر ليوم كامل بسبب نقص المال. في حين وجد مسح أجرته “اليونيسف” في حزيران أن ما يصل إلى 70% من الأسر تقترض المال لشراء الطعام أو تشتريه بالدين. وقالت إنه يتم إرسال المزيد من الأطفال للعمل لإعالة أسرهم، ويتم تزويج الفتيات الصغيرات لتخفيف النفقات المالية.
في آذار 2022، أصدرت الحكومة أول مؤشر متعدد الأبعاد للفقر، استناداً إلى بيانات مسح الأسر المعيشية 2019/2018 على 19 مؤشراً يتوزع على خمسة أبعاد: التعليم، والصحة، والرفاه المالي، والبنية التحتية الأساسية، ومستويات المعيشة. وجد التقييم أن في العام 2019 – أي قبل الأزمة – كان 53.1% من السكان يعيشون في فقر متعدد الأبعاد.
هذا الواقع التوصيفي كان قبل الأزمة، فما هي الحال بعد الأزمة الاقتصادية والانهيار المتواصل لليرة اللبنانية وزيادة البطالة وانتشار رقعة الفقر أكثر وغياب شبه كلّي للطبقة الوسطى؟ في أواخر العام 2021 قدّرت الأمم المتحدة أن قرابة 3.28 ملايين شخص، دُفعوا إلى فقر الدخل منذ بدء الأزمة الاقتصادية في لبنان العام 2019. وازداد الوضع سوءاً بالنسبة للآخرين الذين كانوا أصلاً يعانون لتأمين حقوقهم الاقتصادية الأساسية، بما في ذلك الحق في الغذاء، أو التعليم، أو الرعاية الصحية.
وتقدر “لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا” (الإسكوا) أن الفقر متعدد الأبعاد ارتفع من 25% عام 2019 إلى 82% عام 2021. ويعيش 74% من السكان في فقر الدخل، بأقل من 14 دولاراً أميركياً في اليوم. في حين يقدر البنك الدولي أن أكثر من نصف السكان كانوا يعيشون تحت خط الفقر الوطني عام 2020.
كل هذه الأرقام والنسب تُلخص واقعاً مخيفاً يزداد انتشاراً سنة تلو الأخرى، وربما يكون توصيف البنك الدولي الأدق للحالة اللبنانية “أنها من أسوأ الأزمات المالية والاقتصادية التي عرفها العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر”.
يعترف وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال هيكتور الحجار أن “لا إحصاءات دقيقة عن أرقام الفقر، إلا أن الفقر في لبنان متعدد الأوجه وهو فقر لا مثيل له في العالم، هناك أغنياء هم اليوم فقراء بسبب حجز أموالهم في المصارف، ولم يعد بإمكاننا حصر الفقر في مكان واحد. لقد دخلنا في أزمة متشعبة وفي لبنان 35-40% من النازحين السوريين والجنسيات الأخرى يكبدون الاقتصاد اللبناني ضغوطاً ويسحبون من لبنان كثيراً مما كنا ندعمه سواء من جهة الدواء أو الطاقة أو الفيول…
واليوم نعمل على وقف كل مشروع لا يذهب إلى المناصفة بين النازحين واللبنانيين، وأؤكد أن هناك نحو مليوني لبناني يستفيدون من المساعدات النقدية أو الغذائية، بالإضافة إلى آلاف اللبنانيين الذين يعملون في مشاريع مع الوزارة والمؤسسات الدولية بمبدأ العمل مقابل المال.
ويتساءل حجار من المسؤول عن الانهيار المالي في البلد وكيف يمكن معالجته؟ لغاية اليوم لم أفهم ما هو السبب لتدهور العملة اللبنانية، اسأل وزير المال ولا أفهم منه، أسأل الحكومة ولا أفهم منها، ولغاية اليوم لا نعرف من هو رأس هذه العملية.
ويؤكد رفضه مواجهة الدعم الإنساني بالصراع السياسي، ويقول: “ليس مبرراً أن تؤدي الخلافات إلى تجويع الناس وتفقيرهم “وأعترف أن كل الشكاوى التي وردت إلينا والتي تأخرنا في معالجتها سيتم حلّها تباعاً وسيأخذ كل من له حق حقه وخاصة من ذوي الحاجات الخاصة والمسنين والأمراض المستعصية”.
كما يشير حجار إلى أن “منذ أيلول 2021 وحتى اليوم ارتفع عدد المستفيدين من برنامج “الأكثر فقراً” من 32 ألف عائلة إلى 75 ألف عائلة، بالإضافة إلى تحويل الدفع من الليرة اللبنانية إلى الدولار (بين 100-145 دولاراً). كما أطلقنا برنامج “أمان” الذي استفادت منه 76 ألف عائلة خلال سنة واحدة، ونعمل مع الجهات الدائنة على تجديد البرنامج لسنة أخرى”.
كما تعمل الوزارة، وفق حجار، بالتنسيق مع منظمة التغذية العالمية على تأمين 250 ألف حصة شهرية تُسلم للعائلات، ناهيك عن العائلات التي تتم مساعدتها مادياً بشكل مباشر. وبالتالي هناك حوالى مليوني لبناني يحصلون على خدماتهم إما بشكل مباشر مادياً أو من خلال حصص غذائية شهرية.
أما بالنسبة إلى موضوع المؤسسات العاملة بالتعاقد مع وزارة الشؤون، فقد عملنا على رفع الكلفة (زيادة 3 مرات) ونعمل للسنة 2023 على رفعه 3 مرات أخرى. كما عملنا على حصول المؤسسات التي تعنى بالمسنين والمدمنين والأيتام والإعاقة واحتساب سعر الكلفة من 2023/1/1 وقد تم حجز الأموال وموافقة ديوان المحاسبة.
وعن الخطط لمواجهة الفقر، يؤكد حجار أننا نعمل على نقاط عدة أبرزها:
* التعاون مع كل المؤسسات الدولية بعمل منتظم وتشاركي ومن خلالها نوزع العمل التنموي وعمل المساعدات الصحية والاجتماعية. والهدف منها عدم الانحياز إلى مناطق وتغييب أخرى وسيكون التدخل في كل لبنان ويخدم كل الفئات.
* تدعيم كل الخدمات في كل مراكز الوزارة الموجودة في المناطق التي بدأت في المرحلة الأولى بعملية دمج وتحويل المراكز التي يبلغ عددها 240 (منتجة وغير منتجة) إلى إعادة خدمات في 141 مركزاً. وبعد زيارات ميدانية للمناطق وبعد الاطلاع على الواقع لتحريك عجلة الخدمات، فتحت 7 حضانات في مراكز الخدمات التابعة لوزارة الشؤون في منطقة ينت جيبل وعيتا الشعب ومحيطها، وتأمل الوزارة بافتتاح كل مراكز الحضانات التابعة لوزارة الشؤون لتخفيف الأعباء وخاصة على الأمهات اللواتي هن بحاجة إلى العمل لمساعدة أزواجهن.
* كل المستوصفات التابعة لوزارة الشؤون (رعاية أولية وغيرها) أطلقت عجلة خدماتها بعد رفع تعرفة أجرة الطبيب وتحويل الدفع سنوياً إلى الدفع عند كل زيارة.
* برامج لذوي الحاجات الخاصة ودفع مادي مع بداية العام وتأمين مسح شامل لكل أصحاب الإعاقة في لبنان وإعادة هيكلة مراكز تعنى بحقوق المعوقين، وستتم زيادة 3 مراكز في الجنوب وكسروان وجبيل ومناطق أخرى بهدف تسهيل الحصول على البطاقة والخدمات في أسرع وقت.
* دعم فريق عمل وزارة الشؤون الاجتماعية ( الإداري والمناطقي) بتأمين حقوقه وخلق عمل جماعي داخل الوزارة بعيداً عن العمل السياسي والحزبي والطائفي.
آثار الفقر اجتماعياً وديموغرافياً
يزداد الفقر شراسة ويزداد الواقع سوءاً، فما هي الآثار الاجتماعية والثقافية والديموغرافية للفقر المتمدد في لبنان؟ وما هي النتائج المترتبة على هذه الظاهرة التي تتفاقم في ظل انعدام الحلول الجذرية والمستدامة؟
تشرح أستاذة العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية الدكتورة أديبة حمدان لـ”النهار” أنّ ما نشهده من انهيار اقتصادي ومالي ينعكس بشكل واضح ومباشر على التفكك الاجتماعي المتمثل بالتقشف الاجتماعي في العلاقات الاجتماعية والخوف من المسؤوليات المتزايدة لاسيما الخوف من بناء أسرة وإنجاب الأطفال. إذ فرضت الأزمة المالية قواعد جديدة خانقة على الأسر التي تجد نفسها اليوم تصارع للبقاء على قيد الحياة وتأمين الحد الأدنى من الاحتياجات اليومية.
هناك أسر تتقاضى أقل من دولارين يومياً لا تكفي لشراء الخبز، يعيش الأهل في ظروف اجتماعية واقتصادية صعبة تؤدي إلى ضغوط نفسية واجتماعية ستنعكس تلقائياً على باقي أفراد الأسرة. انعدام الأمن الاجتماعي يُخلّف قلقاً وتوتراً ويُسبّب مشاكل أسرية نتيجة العجز واليأس في تأمين أبسط الحاجات، كما أنّ غلاء أسعار المحروقات ووسائل النقل منعت الكثيرين من القيام بالزيارات والواجبات التي تعتبر ركيزة في التقاليد اللبنانية. وسنفقد مع الوقت هذه القيم والعلاقات الاجتماعية خصوصاً الجيل الجديد الذي وجد نفسه في دوامة وأزمة اقتصادية حرمته من السلوكيات الاجتماعية التي تربى عليها أجدادنا وأهالينا”.
تعرف حمدان تماماً أن أوجه الفقر المتعددة سيكون لها تداعيات صحية ونفسية واجتماعية على أفراد الأسر وبالتالي على المجتمع. لا يمكن فصل الأزمة المالية والاقتصادية عن الحياة اليومية، حيث لم يعد بمقدور كثيرين تلبية الحاجات الأساسية لأولادهم، وبات على البعض أن يتخلى عن التعليم مقابل تأمين الطعام، بالإضافة إلى صعوبة الاهتمام وتقديم الرعاية الصحية لكبار السن في الأسرة، معادلة قاسية ستؤدي إلى انهيار اجتماعي وثقافي في المستقبل.
وتؤكد حمدان أن الفقر له تأثير على المدى القريب والبعيد، وستكون نتائجه قاسية على كل شرائح المجتمع. صحيح أن الأزمة ليست الأولى من نوعها، ولطالما عاش اللبناني أزمات سياسية وحروباً ومجاعات، ولكننا اليوم في حالة ضياع وانعدام التخطيط أو الإصلاح من قبل السلطة السياسية المسؤولة عن الواقع المأسوي الذي وصلنا إليه.
إن البحث عن الاستقرار والأمان دفع بالشباب، وهم الشريحة الأساسية في المجتمع، إلى الهجرة وتأسيس مستقبل آمن لهم وبناء عائلة خارج الوطن. في حين فرضت هذه الظاهرة على الشباب الذين بقوا في هذا البلد العزوف عن فكرة الزواج خوفاً من المسؤولية وعدم قدرتهم على إنجاب الأطفال وتأمين احتياجاتهم التي أصبحت مكلفة في ظل انقطاع الدواء والحليب واللقاحات وعدم توفرها بشكل دائم. وعليه، سيصبح المجتمع اللبناني كاهلاً نتيجة انخفاض عدد الزيجات والولادات مقابل ارتفاع أمد الحياة عند كبار السن وغياب الشباب بسبب الهجرة، بالإضافة إلى التغيير الديموغرافي الذي سيغير صورة المجتمع اللبناني.
وما تتخوف منه حمدان أن نشهد زيادة في السلوكيات العنفية وجرائم العنف والسرقة والعدوانية وحالات الانتحار، نتيجة العجز واليأس وعدم القدرة على الصمود وتأمين أدنى مقومات الحياة. يعيش اللبناني حالة من الموت البطيء، كما وصفت حمدان، ونحن مقبلون على واقع مفتوح على كل الاحتمالات الغامضة، فالناس تعيش ضغوطاً نفسية واجتماعية واقتصادية كبيرة في ظل أزمة لا زالت تفتك بكافة شرائح المجتمع لاسيما الأكثر هشاشة وفقراً.
إن أسوأ ما يتعرض له المجتمع اللبناني هو انقلاب مفهوم الرعاية الاجتماعية من الدولة إلى المواطن واستبدالها بمفهوم الولاء للطائفة والقوى السياسية. نحن اليوم أمام تطييف الرعاية وتسييسها نتيجة غياب دور الدولة الرعائي، إن كان على المستوى التعليمي من خلال إضعاف المدرسة والجامعة الرسمية، أو على الصعيد الصحي من خلال إضعاف الخدمات الصحية في المستشفيات الحكومية، وصولاً إلى غياب الخدمات المعيشية (كهرباء وماء) والاختلاف على مساعدة الأسر الأكثر حاجة نتيجة الخلافات الطائفية والسياسية.
الحلول للنهوض من الأزمة
من جهته، يرى الخبير الإقتصادي باتريك المارديني في حديثه لـ”النهار” أنّه “استناداً إلى الإحصاءات المتداولة تضاعف عدد الفقراء في لبنان بسبب الأزمة، وأهم عامل أدى إلى زيادة الفقر يكمن في انهيار الليرة اللبنانية وارتفاع سعر صرف الدولار. وأدى انهيار الليرة اللبنانية إلى انهيار القدرة الشرائية عند الناس الذين يتقاضون رواتبهم بالليرة اللبنانية (من كان يتقاضى 3 ملايين ليرة قبل الأزمة أي ما يوازي 2000 دولار أصبحت اليوم توازي أقل من 100 دولار) وبالتالي أُفقر الناس من بقاء مدخولهم على حاله، ولم يعد يكفيهم لأن كل شيء أصبح مدولراً في حين أن راتبهم بقي نفسه.
أما العامل الثاني الذي أثر على الفقر بطريقة أقل فيتمثل بالركود الإقتصادي، ويعود ذلك إلى إقفال العديد من الشركات وتسريح الموظفين نتيجة الأزمة. وبالنظر إلى العاملَين المؤثرَين (التضخم والركود الاقتصادي) نلاحظ أن الناتج المحلي في لبنان قبل الأزمة كان يبلغ حوالى 54 مليار دولار سنوياً في حين أصبح اليوم حوالى 20 مليار دولار سنوياً، ما يعني أنه انخفض بنسبة 60% أي خسارة الشعب اللبناني 60% من مداخيله وهذا رقم مرعب.
ويشير مارديني إلى أن الانهيار المستمر لليرة اللبنانية يؤدي إلى فقر مستمر وهو أشبه بجرح مفتوح. وللأسف الشديد إن طريقة التعامل مع هذا الموضوع خاطئة، فعلى سبيل المثال، في القطاع العام حيث زيدت الرواتب والأجور (3 أضعاف)، وهي غير ممولة وسوف يلجؤون إلى طباعة الليرة من أجل تمويل هذه الزيادة وبالتالي سوف يصبح انهيار الليرة أكثر.
اذن، المعالجة التي تلجأ إليها الدولة سواء من أجل الزيادة أو موضوع انهيار القدرة الشرائية للمواطن تزيد الأزمة وتفاقهما عوض تصغيرها. فمجرد دفع هذه الزيادة سيؤدي إلى ارتفاع الدولار ولن يستفيد الموظف من هذه الزيادة في حين سيزيد الفقر أكثر عند الطبقة الفقيرة. وعليه، الاستمرار في عجز الموازنة العامة، والضخ النقدي بشكل كبير سيفاقم الأزمة أكثر.
وعن أبرز الحلول والخطط البديلة التي تعالج وضع الأسر تتمثل في تحقيق هدفين وفق مارديني:
* الهدف الأول: وقف انهيار سعر صرف الليرة ويمكن تحقيق ذلك خلال 30 يوماً في حال انشاء مجلس النقد أو ما يُعرف بالـcurrency board وهذا الطرح يرفضه لبنان.
* الهدف الثاني: في حال الانهيار المستمر لليرة يجب التخلي عنها واعتماد الدولرة الشاملة. فعندما يسحب لبنان الليرة من التداول ويستبدلها بالدولار يساعد ذلك في الحفاظ على القدرة الشرائية للناس وبالتالي نعالج مشكلة انهيار سعر الليرة اللبنانية وتقلبات الدولار.
ويعد هذان الهدفان جزءاً من الحل الشامل، أما الجزء الثاني من الحل فيكون عبر اطلاق النمو الاقتصادي وتطبيق بعض الإصلاحات مثل احتكار في بعض القطاعات التي تخنق الاقتصاد مثل قطاع الكهرباء (مؤسسة واحدة معنية في تأمين الكهرباء وتقدم خدمة رديئة بكلفة عالية) وقطاع الاتصالات والطيران وغيرها.
ويرى مارديني أن لبنان أصبح بلداً فقيراً بسبب الأزمة المالية وعدم معالجتها، علماً أن الحلول موجودة سواء للأزمة النقدية من خلال انشاء مجلس النقد أو الدولرة، أما بالنسبة إلى الركود الاقتصادي فالحل يكون من خلال تفكيك الاحتكارات وفتح القطاعات على المنافسة. أما بالنسبة للأزمة المصرفية والتي تعتبر جزءًا كبيراً من الأزمة وهي مشكلة شائكة ويمكن معالجتها من خلال اطلاق النمو الاقتصادي ووقف التضخم. وعليه تصبح الأزمة المصرفية أسهل عبر تصغير الفجوة وليس اختفائها، بالإضافة إلى فتح المنافسة، ومن غير المقبول عدم السماح للبنوك الأجنبية الكبيرة من الدخول إلى لبنان دون فرض شروط عليها مثل دخول شريك لبناني معها أو فرض عدد محدد من الفروع…
مع نهاية العام 2022، يواجه اللبناني واقعاً مظلماً يزداد غموضاً مع تقلبات الدولار وما ستؤول إليه السنة الجديدة والخوف الأكبر أن ينهش الفقر المزيد من العائلات التي باتت عاجزة عن تأمين قوتها اليومي. فهل يصبح لبنان بلداً فقيراً برغم من ثرواته المؤجلة؟