البنك الدولي يتهم السياسيين بالكذب: تأكيداتهم انّ الودائع مقدّسة جوفاء

البنك الدولي يتهم السياسيين بالكذب: تأكيداتهم انّ الودائع مقدّسة جوفاء

قال البنك الدولي إنّ تأكيدات السياسيين اللبنانيين بأنّ الودائع المجمّدة في القطاع المصرفي المنهار في البلاد مقدّسة، “قاسية وجوفاء وانتهازية”، لأنّها “تتعارض بشكل صارخ مع الواقع”.

صدر البنك الدولي تقريرًا حول لبنان، قال فيه إنّ البلد «يعيش ثالث سنة من الانهيار المالي الذي خلّف 8 من كل 10 أشخاص فقراء، وقد يكون واحداً من أسوأ 3 انهيارات مالية في العصر الحديث.


ويقول التقرير، إنّ “الشعارات السياسية حول قدسية الودائع جوفاء وانتهازية. في الواقع، فإنّ إساءة استخدام السياسيين لهذا المصطلح أمر قاسٍ”.
يضيف التقرير: “المصطلح لا يتعارض مع الواقع بشكل صارخ فحسب، بل إنّه يمنع إيجاد حلول لحماية معظم، إن لم يكن كل، أصحاب الودائع الصغار والمتوسطين بالدولار والنقد”.

ويشير التقرير إلى أنّ الخسائر في القطاع المالي، التي تقدّرها الحكومة بأكثر من 70 مليار دولار، كان ينبغي قبولها في بداية الأزمة من قِبل مساهمي البنوك وكبار الدائنين “الذين استفادوا بشكل كبير خلال هذه السنوات الثلاثين من نموذج اقتصادي غير متكافئ للغاية”.
ويستكشف التقرير ما إذا كان النموذج الاقتصادي للبلاد منذ أوائل التسعينيات يرقى إلى “مخطط بونزي”، وهو نوع من الاحتيال الذي يضمن دفع عوائد للمستثمرين الحاليين من أموال المستثمرين الجدد.

واعتبر التقرير أنّ “المالية العامة في لبنان في فترة ما بعد الحرب الأهلية استُخدمت كأداة لسيطرة ممنهجة على موارد البلاد، فساعدت في خدمة مصالح نظام اقتصاد سياسي متجذِّر. واستُخدِم التراكم المفرط للديون لخلق وهم الاستقرار وتعزيز الثقة في النظام المالي الكلي، حتى يستمرّ جذب الودائع. وأدّى الكساد الذي كان متعمّداً خلال الأعوام الثلاثين الماضية إلى إفراغ الدولة من قدراتها على تأمين الخدمات الأساسية للمواطنين”.


يُقدّم التقرير تحليلاً لأوضاع المالية العامة في لبنان في فترة ما بعد الحرب الأهلية، لفهم الأسباب الجذرية المؤدية إلى إفلاس النظام المتوقع على نحو واسع. ويُركِّز التقرير على ثلاثة عناصر رئيسية: سياسة المالية العامة في الجمهورية الثانية، وإعادة هيكلة النظام المالي الكلي؛ وعدم تقديم الخدمات العامة. وترصد نتائج التقييم: خروجاً منهجياً وحادّاً عن سياسة المالية العامة المنظّمة والمنضبطة، الفرص الضائعة لحماية الأغلبية الشاسعة من المودعين بالدولار الأميركي؛ وانهياراً لمنظومة الخدمات العامة الأساسية التي كانت ضعيفة أصلاً، ما يضع العقد الاجتماعي في دائرة الخطر.


ويقوم التقرير بتحليل آثار السياسات الكلية والهيكلية العشوائية التي انتهجها لبنان على “الفشل” في توفير الخدمات العامة الأساسية للسكان. وقد أدّت الأزمة الراهنة إلى تفاقم أوجه النقص الخطيرة والسائدة منذ وقت طويل في تمويل هذه الخدمات العامة الأساسية: المياه، والكهرباء، والنقل، والرعاية الصحية، والتعليم، والحماية الاجتماعية. وأثَّرت الصدمات المتعاقبة التي أصابت لبنان منذ 2019 على جانبي العرض والطلب لقطاعات الاقتصاد الحيوية. وكشفت الأزمات عن هشاشة نظام تقديم الخدمات في لبنان، وهو نفسه نتاج سيطرة النخبة على موارد الدولة لتحقيق مكاسب شخصية. وكانت عملية إضعاف تقديم الخدمات العامة في سياق جهد مُتعمّد لإفادة فئة محدودة على حساب الشعب اللبناني. وكان المواطنون في نهاية المطاف يدفعون تكاليف مضاعفة، ويحصلون على منتجات أو خدمات ذات جودة متدنية، وكانت الآثار أيضاً تنازلية بدرجة كبيرة، حيث تؤثِّر على الشرائح السكانية ذات الدخل المتوسط والدخل المنخفض بدرجة أكبر كثيراً من غيرهم.
وفيما تتطلب معالجة هذه الأوضاع الهشة برنامجاً على الأمد المتوسط إلى الطويل، فإنّ الشعب اللبناني يحتاج إلى مساعدات فورية، والأهم من ذلك إلى تبنّي سياسات مسؤولة من قِبل السلطات. ويقترح التقرير سلسلة من التدابير والسياسات الكلية والقطاعية لتلبية الاحتياجات الفورية للسكان، وفي الوقت ذاته تنفيذ إصلاحات في الأمد المتوسط إلى الطويل، لتحسين القدرة على توفير الخدمات واستدامتها وقابليتها على الصمود في وجه الصدمات. وتُركِّز التدابير المقترحة على ثلاثة أهداف رئيسية:
-1 ضمان استدامة الخدمات الأساسية ويُسر تكلفتها؛
-2 تعزيز الإنصاف في الإنفاق العام؛
-3 رفع كفاءة الإنفاق العام في مختلف القطاعات.


وشدّد البنك الدولي في تقريره، أنّ “على لبنان أن يعتمد على نحو عاجل وبفعالية برنامجاً شاملاً لإصلاحات المالية العامة الكلية، والإصلاحات المالية والقطاعية التي تخصّص أولوية للحوكمة والمساءلة والشمول. وكلما تمّ الإسراع في تنفيذ هذه الإصلاحات، خفّت الآثار المؤلمة لعملية التعافي على الشعب اللبناني”.

اضغط هنا لقراءة المقال على موقع الجمهورية