يعتبر قطاع الكهرباء من أكثر أبواب الهدر في لبنان الذي حُرم منه اللبنانيون في الوقت الذي يدفعون فيه أعلى فاتورة مقابل أسوأ خدمة، ولم تكن أزمة الكهرباء وليدة الأزمة الاقتصادية التي بدأت في العام 2019 بل هي نتيجة سنوات من الهدر و الفساد فضلاً عن اهتراء البنية التحتية والاعتماد على الفيول بدلاً من الغاز و الافتقار إلى معامل حديثة و التعديات على الشبكة و سوء الجباية.
ووفقاً لدراسة قام بها موقع World Population Review مؤخراً، قارن فيها تكلفة الـ كهرباء لكلّ كيلوواط ساعة (kwh) في 146 دولة حول العالم، برز لبنان إقليميّاً كالدولة ذات التكلفة الأعلى للـ كهرباء، إذ بلغت 0.137 دولار لكلّ كيلوواط ساعة محتلاً المرتبة 74 عالميّاً، في حين أنه الأسوأ من حيث الاستقرار والتغذية.
فأزمة الكهرباء في لبنان مشكلة مزمنة تفاقمت بشكل كبير بسبب الانهيار الاقتصادي حيث تعتمد الدولة بشكل أساسي على شبكات قديمة ومحطات توليد غير فعالة و يعاني المواطنون من تقنين حاد في التيار الكهربائي يصل إلى ساعات طويلة يومياً مما دفعهم للاعتماد على المولدات الخاصة والطاقة الشمسية.
حول أسباب ارتفاع كلفة الكهرباء و سبل تخفيضها تحدث لصوت بيروت إنترناشونال الخبير الاقتصادي الدكتور باتريك مارديني الذي قال: “يدفع اللبنانيون كلفة الكهرباء مرتين و بكلفة مرتفعة التي تنقسم في لبنان إلى جزأين: الأول شركة كهرباء لبنان التابعة للدولة اللبنانية، و الجزء الثاني كلفة المولدات”.
بالنسبة لكهرباء الدولة أشار مارديني إلى أن كلفة إنتاج المعامل مرتفعة و إن كانت أقل من المولدات و لكنها أعلى من كلفة معامل الطاقة، و سبب ارتفاع هذه الكلفة هو أن هذه المعامل يجب أن تعمل على الغاز الذي يعطي أقل كلفة إنتاج في حين أن هذه المعامل في لبنان تعمل على الفيول أول الذي يرفع كلفة الإنتاج إضافةً إلى أن هذه المعامل هي بحاجة لصيانة دائمة.
ومن الأسباب أيضاً لارتفاع الكلفة في كهرباء الدولة أشار مارديني إلى موضوع الهدر التقني و غير التقني”فاليوم الدولة مجبرة على رفع الفاتورة آخذة بعين الاعتبار أن جزءاً من الكهرباء يذهب هدراً عبر الشبكة و الجزء الثاني يذهب عبر السرقة (عبر التعليق و عدم الفوترة وعدم الجباية) المرتفعة كثيراً في لبنان التي تصل إلى حوالي 40% و هذا ما يسمى بالهدر غير التقني” لافتاً أن سعر المبيع لا يغطي كلفة السرقة.
بالنسبة للمولدات أوضح مارديني أن ليس لديهم مشكلة في الهدر و السرقات لكن كلفة حرق الفيول لديهم مرتفعة جداً، سيما و أن المولدات تعمل على الديزل إضافةً إلى المخاطر الناتجة عن أن المولدات غير شرعية و لهذا تكون الفواتير مرتفعة جداً.
ورداً على سؤال حول إمكانية و كيفية تخفيض كلفة الكهرباء قال مارديني: “هناك مشاريع على المدى الطويل منها له علاقة بالاستثمار والإنتاج وتعزيز الجباية و كل الخطط التي يتم وضعها “لكن هذه الخطط بحاجة إلى ما بين 7 و 10 سنوات لتنفيذها و إلى حينها يجب أن نحاول أن نخفض الكلفة بالموجود و هو أن كلفة كهرباء لبنان أقل من كلفة المولدات ولذلك علينا أن نفكر بطريقة تقضي بأن كهرباء لبنان تنتج الكهرباء و المولدات تقوم بالجباية على نسق كهرباء زحلة أي بشكل ان المولد يشتري الكهرباء من شركة كهرباء لبنان و يبيعها للمواطنين”.
والجزء الثاني من الحل كما يرى مارديني هو تخفيض تكلفة الكهرباء التي تنتجها المولدات عن طريق تشجيعهم بالاستثمار في الطاقة البديلة أي مزارع الطاقة الشمسية وبذلك يصبح صاحب المولد يقوم بإعطاء الكهرباء عبر ثلاث مصادر: الدولة و الطاقة المتجددة والمولدات.
وأكد مارديني في الختام أنه عندما تقوم المولدات بالجباية ستتمكن شركة كهرباء لبنان من إعطاء ساعات تغذية أكثر نتيجة تفعيل الجباية.
اضغط هنا لقراءة المقال على موقع صوت بيروت
