توقيفات وإضرابات والمعاملات متوقفة تماماً شلل عقاري تام… لا إفادات ولا تسجيل بيع أو شراء

توقيفات وإضرابات والمعاملات متوقفة تماماً  شلل عقاري تام… لا إفادات ولا تسجيل بيع أو شراء

*تعطيل الدوائر يحرم الخزينة العامة إستيفاء رسوم وضرائب هي بأمس الحاجة اليها

*لم تصدر أي قيمة تأجيرية منذ تشرين الثاني الماضي والسبب نظام المكننة شبه المعطل

*يوسف خليل يقف متفرجاً كما لو أنه غير معني بالإنهيار الحاصل أو انه عاجز عن أي فعل

*هناك من يدافع عن موقوفين في قضايا الفساد… والدولة عاجزة عن تعيين بدلاء عنهم مؤقتاً

يتخبط آلاف من اللبنانيين، من مواطنين عاديين ووسطاء ومطورين عقاريين، منذ أشهر في الدوامة وحالة الإنهيار التي تغرق فيها الدوائر العقارية. ليس فقط بسبب توقيف عشرات الموظفين في كل من دائرتي بعبدا والمتن نهاية العام 2022 على خلفية إرتكابهم أفعالاً جرمية وتقاضي رشاوى، بل أيضاً بسبب عدم قدرة وزارة المالية على تعيين بُدلاء عنهم من جهة، وبسبب الاضراب العام الذي يجتاح الادارة العامة حالياً من جهة أخرى. ما يترجم شللاً شبه كامل لقطاع العقارات، وتوقف آلاف معاملات تسجيل عقارات تمّ شراؤها في الفترات السابقة، ما يحرم خزينة الدولة من الرسوم وأموال طائلة ومستحقة. والأنكى ان وزير المالية يوسف خليل يقف متفرجاً كما لو أنه غير معني بالانهيار الحاصل أو انه عاجز عن أي فعل!

القطاع العقاري على حافة الانهيار!
لعلّ أبلغ وصف على ما يعانيه المواطنون نتيجة ما يحصل في الدوائر العقارية، ما قاله الخبير العقاري رجا مكارم (رئيس مكتب دراسات وإستشارات عقارية ووساطة) لـ»نداء الوطن» بأن «ما يحصل هو شبه إنهيار للقطاع العقاري. فالإضافة إلى أزمة الافادات العقارية المتوقفة منذ شهر (حتى on line)، هناك تأخير في إتمام المعاملات في كل دوائر الدولة، من البلديات إلى الدوائر العقارية والمساحة».
يضيف: «لا نستطيع إتمام أي عملية بيع أو شراء. ومنذ 3 أسابيع نحاول إتمام بيع شقة صغيرة، لكن الأمر متوقف بسبب عدم قدرتنا على الحصول على إفادة عقارية وهي من بديهيات العمل العقاري»، مشيراً إلى أن «الحل هو أن يحتفظ الزبون بمبلغ معين من ثمن الشقة، ولا يسدده إلا بعد الحصول على إفادة عقارية تثبت أن العقار الذي إشتراه ليس عليه أي إشارة قضائية. وهذه التدابير يقوم بها المحامون للحفاظ على حقوق موكليهم».

مكننة تستلزم وقتاً!

يشرح مدير عام وزارة المالية جورج معراوي لـ»نداء الوطن» أن «هذا الموضوع يتعلق بوزارة المال. لأن موازنة 2022 غيّرت نسب القيمة التأجيرية من 5 بالمئة إلى 2.5 بالمئة، لذلك فالتخمينات يجب ان تُعدل وفقا للنسب الجديدة». لافتاً إلى أن «تحديث نظام المكننة إستلزم بعض الوقت، وعادت الأمور إلى طبيعتها إلى حد ما في الوقت الحالي. لكن إضراب الموظفين في الادارة العامة يمنع تسيير معاملات الناس وحصولهم على بيانات القيمة التأجيرية».
لا تعيين لبدلاء

وفي ما يتعلق بتسيير العمل في الدوائر العقارية ولا سيما تلك التي حصلت فيها التوقيفات، وتعيين بدلاء عن الموظفين الموقوفين، يقول: «لا حلّ لأمانة السجلّ العقاري في بعبدا والمتن. إذ لا إمكانيات لإعادة فتحها بموظّفين آخرين، لأنّه لا بديل ولا موظّفين على مقاعد الاحتياط، فجميع أمانات السجلّ العقاري تعاني النقص، ولا إمكانية لنقل موظّفين من مركز إلى آخر كي لا يعمّ التعطيل جميع المراكز».
يضيف: «لا مخرج إلى الآن خصوصاً أن المديرية تعاني من الاساس من نقص في الموظفين وبعد التوقيفات التي حصلت «عُطبت» الدوائر وهناك ضرر يلحق بمصالح الناس».
ينفي معراوي حصول «تلويح من قبل موظفي الدوائر العقارية بالإستقالة، على خلفية ما يحصل». مشدداً على أنه «لم يصله أي إستقالة خطية من أيّ منهم. والاهم مصالح الناس في الدرجة الاولى وفي الدرجة الثانية تحصيل إيرادات الخزينة، وهذان الهدفان لا يمكن تحقيقهما حالياً».
مشكلة بلا حل
ويؤكد أن «هذا الموضوع هو قيد البحث مع وزير المالية، الذي بدوره يبحثه مع رئيس الحكومة لإيجاد حل. لكن لا شيء ملموساً إلى الآن وهناك مشكلة حقيقية. فعندما يغيب أمين السجل لا يمكن أي موظف آخر في الدولة الحلول مكانه، بل البديل يجب أن يكون معاون أمين سجل ناجح في مباراة الخدمة المدنية في إختصاص السجل»، لافتاً إلى أن «هناك نقصاً في الموظفين في الدوائر الاخرى، وفي حال تم الاتيان بهم إلى الدوائر العقارية فيتم تعطيل عملهم الاساسي. وهم في الاصل لا يمكنهم تلبية الحاجة لتسيير الاعمال في الدوائر المتوقفة عن العمل».

نصر: مع المحاسبة وضد التعسف… والإضراب مفتوح
على ضفة الموظفين، تُسجل رئيسة رابطة موظفي الادارة العامة نوال نصر لـ»نداء الوطن»، «إعتراض الرابطة على التأخير الحاصل في البت في ملفات الموقوفين في شبهات فساد، سواء في الدوائر العقارية التابعة لبعبدا أو للمتن». لافتة إلى أنه «من حق القضاء اللبناني بالقيام بكافة الاجراءات والتحقيقات اللازمة لإيقاف هدر المال العام. لكن الرابطة ضد ظلم أبرياء وإيقافهم بشكل تعسفي إلى الآن، فهناك موظفون تم إيقافهم وهم مجرد كتبة ولا يملكون أي سلطة».
تضيف: «نحن نُطالب بمحاربة الفساد في كل الدولة، وليس في الادارة العامة ومنهم الموظفون الفاسدون. ونحن ضد إعتقال الابرياء وحجزهم لشهور دون التحقيق معهم، أو الاستناد الى مسوغ قانوني خلال كل هذه الفترة من الحجز. فقد تم توقيف كل موظفي الدائرة ومنهم من كان خارج البلاد، قبل حصول التجاوز وأثناء حصوله، وحين عاد تم اعتقاله».
ترى نصر أن «هناك أصولا لإعتقال الموظفين وإجراء التحقيقات والمحاكمات حول الإثراء غير المشروع. ففي حالات سابقة كان يتم إبلاغ الموظف المعني بموعد جلسات التحقيق دون إيقافهم، ولم يحصل أن تم إعتقالهم مع الموقوفين الآخرين بجرائم المخدرات». مشيرة إلى أن «لا حضور للموظفين في كل دوائر الدولة حالياً بسبب الاضراب. وفي المرحلة الماضية كان يداوم الموظفون القريبون جغرافياً من دوائر الدولة يومين في الاسبوع لتسيير شؤون الناس».
تضيف: «اليوم بعد الارتفاع الهائل في سعر الدولار، لم يعد راتب موظفي الدولة يكفيهم للوصول إلى أماكن عملهم. وبات علينا اليوم الإختيار بين إطعام أولادنا او المجيء إلى العمل، وخصوصاً أن الحكومة لم تحرك ساكناً لتحسين أوضاعنا منذ أن أقرت المساعدات الاجتماعية».
وتختم: «عدنا للإعلان عن الاضراب أسبوعاً تلو الآخر لنعرف كيف ستحل الحكومة مشكلتنا. وما يحصل هو أننا نتفاوض مع رئيس الحكومة لإيجاد حل لهذه المعضلة، ونحن بإنتظار التطورات والتسويات بينها وبين حاكم مصرف لبنان لإعطاء الموظفين الحد الادنى من حقوقهم».


اضغط هنا لقراءة المقال على موقع نداء الوطن