أنطوني زينا لـ LebTalks : بدائل الكهرباء تعمل، وهذا دور البلديات

أنطوني زينا لـ LebTalks : بدائل الكهرباء تعمل، وهذا دور البلديات
 

بعدما استبشر اللبنانيون خيرا بملف الكهرباء وباتوا على موعد قريب من استقبال الكهرباء من ٨ إلى ١٠ ساعات، يبدو الأمر بعيد المنال بعدما تلاشت الآمال وغاب أي فعل حقيقي.
الخبير الاقتصادي في المعهد اللبناني لدراسات السوق أنطوني زينا شرح في حديث لموقع LebTalks أن “مؤسسة كهرباء لبنان لا تملك الأموال لا للصيانة ولا لتوليد الطاقة والدليل أنهم طلبوا ٦٠٠ مليون دولار لإنتاج ٨ ساعات كهرباء ولا يوجد في مصرف لبنان الا نصف المبلغ، ما يسمح بإنتاج ٤ ساعات كهرباء فقط. الى ذلك فإن جزءاً من خطة زيادة ساعات التغذية هو رفع التعرفة إلا أنه من الواضح أنها لن تساعد في تغطية كلفة الإنتاج والتوزيع، لأن المؤسسة تعتبر أن تكلفة التعادل لديها هي تقريبا 30 سنتا للكيلوواط ساعة، إلا أن هذا الرقم ليس دقيقا، لأنه عند زيادة الخسارات التقنية وغير التقنية التي تبلغ نحو 40% ، تبلغ كلفتها 50 سنتا للكيلوواط ساعة وهذا هو الرقم الدقيق الذي تريده المؤسسة لتحسين الإنتاج والتوزيع.”

يضيف زينا ” كل هذا يعني أنهم بحاجة لمزيد من الأموال من المصرف المركزي، وبطبيعة الحال هذه الأموال هي من أموال المودعين، وهذا يشير أيضا إلى أن كلفة مؤسسة كهرباء لبنان باتت موازية لكلفة المولدات.”
من هنا يأتي السؤال الأهم وهو ما الذي يجعا مؤسسة توازي بفعاليتها قدرة مولد صغير نسبياً، مع العلم أن المعامل الموجودة تُعتَبَر حديثة؟
زينا يرى أنه وعلى الرغم من أن المواطن اللبناني يدفع فاتورتي كهرباء بين المولد والدولة فهو يدفع أيضا كلفة الخسارة لمؤسسة الكهرباء إما عبر الضرائب التي تضعها الحكومة على المواطن أو عبر الدين باسم الشعب اللبناني والذي سيتم لاحقا تسديده من أموال الضرائب أيضا، وإما عبر التسبّب بالتضخم عبر طبع المزيد من العملات كي يتم دفعها بخسارة القدرة الشرائية للمواطن”.
بدائل المواطن ودور البلديات
المواطن في المقابل، يلجأ اليوم للطاقة الشمسية لتأمين البديل المضمون عن كهرباء الدولة ولتخفيف الأعباء على كاهله، زينا يعتبر أن “مشكلة الطاقة الشمسية اليوم هي التكلفة العالية نظرا لأن غالبية الشعب اللبناني أصبح تحت خط الفقر. إن كلفة كل 5 أمبير من ألواح الطاقة الشمسية تبلغ نحو 2800 دولار، وهو ما يفوق متوسط الراتب السنوي للمواطن اللبناني الذي يبلغ 2670 دولارا، ولا يُكشف سرُ إن قلنا أن الدولة تصرّ على إبقاء إحتكار الكهرباء بيَد مؤسسة كهرباء لبنان وتمنع القيام بإنتاج موسّع سواء بمعامل عادية أو بمزارع طاقة شمسية خارج نطاق كهرباء لبنان، والتي بدورها تسمح للمواطن شراء الكهرباء من هذه المزارع بكلفة ٧ إلى ٩ سنت للكيلوواط على سبيل المثال، وهذا الحل أدنى كلفة من دون انتظار المؤسسة لانتاج الطاقة، مع العلم أن المؤسسة غير قادرة على إنتاج الكهرباء”
زينا يعطي مثالاً عن بلدية تولا في زغرتا شمال لبنان التي تعاني من مشاكل تقنين حاد يصل إلى 18 ساعة يوميا خلال أزمة المحروقات، فأخذت زمام المبادرة من خلال إنشاء مزرعة للطاقة الشمسية، وقدمت الكنيسة قطعة أرض وتملكت المشروع وموّل مغتربو تولا الكلفة الاستثمارية للمشروع التي بلغت 120 ألف دولار، وسهلت البلدية المشروع من خلال ربط المزرعة بشبكة المولد، تنتج مزرعة تولا للطاقة الشمسية متوسط 400 كيلوواط ساعة في اليوم، أي ما يعادل 10 ساعات من الإمداد اليومي بالكهرباء، بكلفة 7 سنتات للكيلوواط ساعة على مدى عمر المعدات ويتم حتّى الآن تأمين الكهرباء مجانا لأهالي البلدة. ويقول زينا ان تولا قد عمدت أيضا على مد الطاقة للمولدات ما سمح لأصحاب المولدات بشراء الكهرباء من الطاقة بكلفة أدنى.

قد تكون تولا- زغرتا مثالا لبلديات كثيرة أخرى يمكنها العمل على رعاية مشاريع طاقة شمسية لمستثمرين بالقطاع الخاص أو حتّى لأشخاص مستعدين للتبرّع من أجل مشروع كهذا ، ما يفتح باب المنافسة أمام هذا القطاع وفك احتكار مؤسسة كهرباء لبنان، وعلى الدولة ايضا أن تسمح لمنتجي الكهرباء من القطاع الخاص والموزعين بدخول السوق، وإلى أن يحصل ذلك وينجز مجلس النواب قانون انتاج الطاقة المتجددة الموزّعة، وبانتظار أي خطة من وزارة الطاقة أو مؤسسة كهرباء لبنان، على البلديات المسؤولية بأخذ المبادرة لجذب المستثمرين من القطاع الخاص لإنشاء مشاريع طاقة متجددة.
هذا الحل يكاد يكون من بين الحلول التي تؤمّن بديلا جديا للمواطن اللبناني ،
في ظل غياب الدولة واحتكار الطاقة العاجزة أساسا، لا حل لدى المواطن إلا باختراع الحلول وإيجاد البدائل كي يستطيع الاستمرار، وهذا الدور لن يتم إلا بالتكافل بين المواطنين والبلديات والجمعيات المحلية في كل بلدة للوصول إلى الإكتفاء الذاتي، مع انتظار عودة الدولة من سباتها العميق.