مليارات الدولارات لم تأتِ بالكهرباء في لبنان فهل تعوض الهبة الجزائرية ذلك؟

الأزمة

يغرق لبنان بالعتمة الشاملة بينما ينتظر وصول شحنة الفيول الجزائري، حالة غضب وامتعاض تسود الشارع اللبناني من هذا الوضع، إذ إن حل أزمة الكهرباء في لبنان تكاد تكون من المستحيلات، والمخيف هذه المرة وصول الانقطاع الكهربائي إلى مرافق الدولة الحيوية، والذي سيؤثر على عمل الإدارات وبالتالي تعذّر حصول المواطن على الخدمات اللازمة، فلماذا وصل الحال إلى هنا؟ وهل المبادرة الجزائرية هي الحل؟

مدير عام الاستثمار السابق في وزارة الطاقة والمياه وخبير المعهد اللبناني لدراسات السوق الدكتور غسان بيضون، وفي حديث خاص لوكالة “شفقنا”، اعتبر أنّ أسباب انقطاع الكهرباء تعود إلى سوء الإدارة، وإلى عدم توفير مادة الفيول والمحروقات التي يجب تأمينها لمؤسسة كهرباء لبنان منذ فترة زمنية بطريقة مختلفة، بمعنى أنّ هناك حاجة لتأمين مصدر مستدام ومستقر وآمن وموثوق من حيث النوعية، كاشفا أنّ هذا الأمر حصل أثناء تعاقد المؤسسة مع “سونتراك” الجزائرية وكانت برعاية دولة الجزائر مشكورة، ولكن سرعان ما دخل الفساد اللبناني إلى هذا العقد، وأدّى إلى وصول فيول مغشوش إلى لبنان من غير المرافق الجزائرية كما كان مفترضا، وأضاف: “أيضا بدليل أنّه عند اللجوء إلى النفط العراقي تم ممارسة نفس لعبة الفساد على خط “سونتراك”، لذا هناك علّة ما في طريقة إدارة الموضوع من قبل وزارة الطاقة بشكل رئيسي ومؤسسة كهرباء لبنان من خلفها”.

وفي ظل العتمة الشاملة رأى بيضون أنّ المواطنين ما زالوا يتدبّرون أنفسهم عبر الطاقة الشمسية والمولّدات، ولكن المرافق العامة صحيح أنّ لديها مولّدات، ولكن هذه المولدات لا تعمل 24 ساعة لتغذّي المطار والمرفأ والاتصالات وضخ المياه وغيرها، وبالتالي المشكلة واقعة على المرافق العامة، وقال: “المستغرب أنّه بعد رفع التعرفة بشكل كبير منذ حوالى السنتين، ومع الجباية بالدولار والقول أنّ هذه التعرفة ستؤمّن توازن مالي للمؤسسة مع تغطية كافة مصاريفها، وإذ كانت مؤسسة كهرباء لبنان لا تسطيع دفع أي شيء من ثمن النفط العراقي، والحكومة هي التي تدفع، لذا هناك هدر وفساد وسوء إدارة غير مبرّر يحدث”.

“هناك تدخّل وتجاوز للصلاحيات”

وتابع بيضون: “المواطن سئم ومل من التنصّل من المسؤوليات، ولقد تدخّل مجلس الوزراء ووزارة الطاقة لإسقاط خطة الطوارئ الوطنية للكهرباء المبنية على الخطة الوطنية للنمو المستدام، هذا التدخل يفرض تعرفة دون دراسة علمية ومالية ومحاسبية، ومن يصدّق أنّه بعد عامين من رفع التعرفة وخطة الطوارئ، عدنا إلى تغذية صفر بينما كنا موعودين بتغذية من 8 إلى 10 ساعات، فهناك مشكلة بنيوية بطريقة الإدارة والتعاطي، وعدم توفّر النزاهة والشفافية في إدارة شؤون قطاع الكهرباء في لبنان منذ أعوام، ولن ينهض هذا القطاع طالما هناك نفس النهج في حكم وزارة الطاقة والمؤسسة”.

إنّ طبيعة إنتاج الكهرباء في لبنان تحتاج إلى نوعين من المحروقات، النوع الأوّل هو “الغاز أويل” أي “الديزل” الذي يشغّل معملي دير عمار والزهراني، والنوع الثاني هو الفيول “A” و”B” ، معملي الزوق والجية يحتاجان “B”، بحسب بيضون، وهناك من يدّعي وجود 19,000 طن محجوز عند المشغّل، ممّا يعني أنّه ليس هناك حاجة الآن إلى فيول لتشغيل معملي الزوق والجية، إضافة إلى مشكلة عدم وجود عقد لتشغيلهما، كما لفت بيضون إلى أنّ كل ما يحصل يشكّل خطر على قطاع الكهرباء وكل القطاعات الاقتصادية من صناعة وسياحة وزراعة وأدوية وضخ المياه للمؤسسات والمطاحن والتبريد، وإن تفسير ما يحصل هو المصالح والمنافع التي تتحقّق من الفساد المزمن، وقد شهد اللبنانيون ذلك أيّام البواخر، وسنة 2020 عند دخول فيول مغشوش حيث تم فتح ملف قضائي، وإيقاف مدراء عامين وموظفين بعدها غاب الملف عن الشاشة.

وختم بيضون بالقول: “هناك غموض فيما يحصل نتيجة خلط وتجاوز للصلاحيات بين الحكومة ووزارة الطاقة ومؤسسة كهرباء لبنان، ونتيجة الدخول على خط إدارة قطاع الكهرباء من قبل الحكومة واللجنة الوزارية التي تم تشكيلها، والخطة التي فرضتها الحكومة على مؤسسة كهرباء لبنان دون إرادتها، فالحكومة كانت ومازالت تخطئ طالما أنها تتبع ذات الأسلوب، وأخطر ما يقال اليوم بأنّه سيستبدل النفط الجزائري كما حصل مع النفط العراقي”.

اضغط هنا لقراءة المقال على موقع شفقنا