تتفاقم مشكلة تعرفة الكهرباء في لبنان وسط تخبط السياسات والقرارات المتخذة من قبل الحكومة ومؤسسة الكهرباء. على الرغم من وعود وزير الطاقة بزيادة التغذية الكهربائية إلى ستمائة ميغاوات خلال الصيف، إلا أن هذه الوعود لم تحل الأزمة الأساسية، حيث يعاني المواطنون من انقطاع الكهرباء واستمرار الاعتماد على المولدات الخاصة، التي تشكل عبئًا ماليًا إضافيًا عليهم.
أقرت الحكومة خطة لزيادة التعرفة على أساس تحسين التغذية، ولكن الواقع يعكس عكس ذلك، حيث ارتفعت التعرفة دون تحقيق أي زيادة ملموسة في التغذية الكهربائية. كما تعهدت وزارة المالية بتسديد مستحقات المؤسسات العامة المتعثرة ماليًا، إلا أن هذه الوعود تبقى غير واضحة من حيث التنفيذ والتمويل.
يشير الخبراء إلى أن الرسوم الثابتة على الكهرباء أصبحت عبئًا كبيرًا على المواطنين، حيث تُفرض رسوم ثابتة عالية بغض النظر عن كمية الاستهلاك. في الوضع الحالي، أصبحت مؤسسة الكهرباء تعتمد بشكل كبير على هذه الرسوم الثابتة لتغطية نفقاتها، مما يجعلها تستمر في فرضها رغم عدم قدرتها على توفير خدمة كهربائية متواصلة. وتظهر التقارير القانونية أن للمشتركين حق المطالبة بخفض الرسوم في حال عدم تأمين الخدمة بشكل كامل، ولكن هذا الحق لم يطبق بفاعلية حتى الآن.
ويُضاف إلى ذلك، الفوضى في إدارة الموارد المالية، حيث يُطلب من المواطنين دفع فواتير مرتفعة تتضمن رسومًا ثابتة دون مقابل حقيقي من الكهرباء. كما تعاني المؤسسات الصناعية والتجارية من نفس المشكلة، حيث تُفرض عليها رسوم عالية رغم عدم تلقيها خدمة كهربائية كافية، مما يهدد استمراريتها في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.
الحكومة مطالبة باتخاذ خطوات جادة وفعالة لإصلاح قطاع الكهرباء، بدءًا من معالجة مشكلة الهدر الكبير في الشبكة الكهربائية، الذي يصل إلى نسبة تتراوح بين خمسين وستين بالمئة من الإنتاج. هذا الهدر، الناتج عن السرقة والتعليق والاستخدام غير الشرعي، يشكل عائقًا رئيسيًا أمام تحقيق أي توازن مالي لمؤسسة الكهرباء.
الخطة الوطنية للطوارئ في قطاع الكهرباء تتطلب تعاونًا شاملاً من كافة الجهات المعنية، بما في ذلك وزارة العدل، وزارة الدفاع، وقوى الأمن الداخلي، لضبط الهدر غير الفني وضمان تنفيذ الإجراءات الإصلاحية بفاعلية. وبدون هذا التعاون، ستبقى الأزمة مستمرة، مما يعمق الفجوة بين وعود الحكومة وواقع الخدمة الكهربائية المقدمة للمواطنين.
وفي ظل هذا الوضع المعقد، يبقى المواطن اللبناني هو المتضرر الأكبر، حيث يعاني من انقطاع مستمر للكهرباء وارتفاع غير مبرر في الفواتير، مما يفاقم من الأعباء الاقتصادية اليومية. لذلك، من الضروري أن تتخذ الحكومة خطوات عاجلة وملموسة لتحسين وضع الكهرباء في البلاد، والعمل على توفير خدمة موثوقة وعادلة لجميع المواطنين.