قبل ساعات من ترك رياض سلامة منصبه.. Leb Economy يستطلع آراء الخبراء حول أهم الإنجازات والإخفاقات في المركزي خلال 3 عقود!

قبل ساعات من ترك رياض سلامة منصبه.. Leb Economy يستطلع آراء الخبراء حول أهم الإنجازات والإخفاقات في المركزي خلال 3 عقود!

غداً تنتهي ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الذي ورغم الإنهيار الدراماتيكي الحاصل في الإقتصاد اللبناني، لا يمكن إلا الإعتراف بحمايته لليرة لسنوات طويلة وفي أزمات قاسية لعلً أبرزها استشهاد الرئيس الشهيد رفيق الحريري وحرب تموز 2006.

هو ذائع الشهرة في العالم إذ صُنِّف في وقت من الأوقات أفضل حاكم مركزي في العالم، كما انه كان أول حاكم مصرف مركزي عربي يقرع جرس افتتاح بورصة نيويورك في عام 2009.

أهم ما يُذكر لحسنات سياساته إنها مكّنت أكثر من مئة ألف لبناني من تملّك منزلاً في وطنهم عبر قروض سكنية مدعومة.
قبل ساعات تفصل لبنان عن نهاية 30 عاماً من وجود رياض سلامة في سدّة الحاكمية في مصرف لبنان ، موقعنا Leb Economy يستطلع آراء الخبراء، ويسأل أين اخفق رياض سلامة، هذا الرجل الناجح، ليصل لبنان وعملته إلى إنهيار وازمة تُعد من الأقسى في العالم؟ وماذا حقّق من نجاحات؟

غبريل يكشف عن أبرز الإنجازات والإخفاقات

كبير الإقتصاديين في بنك بيبلوس نسيب غبريل
وفقاً لكبير الإقتصاديين في بنك بيبلوس نسيب غبريل “لا يمكن الحديث عن رياض سلامة في سدة الحاكمية كشخص بل من الواجب الحديث عن مصرف لبنان كمؤسسة خلال تولي رياض سلامة سدة الحاكمية على مر ثلاثين عاماً”.
ولفت غبريل في حديث لموقعنا Leb Economy إلى أنه “عندما وصل رياض سلامة لسدة الحاكمية كانت الليرة اللبنانية منهارة وكان التضخم مرتفع جداً وبالتالي كانت أولوية السياسة النقدية لجم التضخم ومكافحته ووقف تدهور سعر صرف الليرة وإستعادة الثقة التي كانت تتطلب إجراءات بدأت بمعالجة موضوع التضخم وتدهور سعر صرف العملة الوطنية من خلال تثبيت سعر الصرف. ويمكن القول إنه منذ العام 1997 إلى 2019، بقي المعدل السنوي للتضخم في لبنان اقل من 3 بالمئة بينما كان يبلغ 10 بالمئة في الأسواق الناشئة في الفترة نفسها ما يعني أن مصرف لبنان قد نجح في لجم التضخم على مر 25 عاماً، وهذا إنجاز لمصرف لبنان وأمر مهم جداً إذ لاحظنا لاسيما خلال الأزمة الأخيرة تأثير إرتفاع نسب التضخم على القدرة الشرائية للمواطنين”.

وإعتبر غبريل أن “الإنجاز الثاني الذي حققه مصرف لبنان هو تقوية القطاع المصرفي، ففي العام 1993 كان لبنان خارج من حرب مدمرة وكان هناك عدد مصارف كبير في السوق ولم تكن المعايير مؤاتية لمرحلة الإعمار وتمويل الإقتصاد إذ كانت بعض المصارف لا تملك رأس مال كافي وأخرى وضعها غير سليم. ما فعله مصرف لبنان هو أنه رفع المعايير المصرفية وطلب إعادة رسملة المصارف ما أدى إلى رفع رساميلها وقدرتها على تمويل الإقتصاد وتحديداً القطاع الخاص، وتقلّص عدد المصارف مع خروج غير القادرة منها على الإستمرار من السوق، ما أدى إلى وجود قطاع مصرفي يحظى بثقة المودعين ويملك قدرة على تمويل الإقتصاد”.

واعتبر غبريل ان “الإنجاز الثالث يتمثّل برفع نسب الإحتياطي من العملات الأجنبية حيث تخطى في بعض الأوقات الـ40 مليار دولار، وهذا الأمر ساعده على إستيعاب الصدمات. فلبنان يقع في منطقة منعدمة الإستقرار، كما أنه يتعرض للكثير من الصدمات المحلية وقد إستطاع مصرف لبنان ان يحافظ على إستقرار سعر الصرف في محطات كبيرة جداً كإستشهاد الرئيس رفيق الحريري وحرب تموز عام 2006، إسقاط الحكومة في كانون الثاني 2011، أزمة إستقالة الرئيس سعد الحريري من السعودية في تشرين الثاني 2017، المماطلة في تشكيل الحكومة في النصف الثاني من 2018. هذه كلها كانت محطات حسّاسة للبنان، فعند إستشهاد الرئيس الحريري خرج ما يقارب الـ4 بالمئة من الودائع من المصارف اللبنانية، أما خلال الحرب الإسرائيلية في 2006 خرج 5 بالمئة من الودائع في القطاع المصرفي. ولكن إستقرار سعر الصرف في هاتين الصدمتين أدى إلى الحد من خروج هذه الودائع لا بل عادت الودائع وتخطت المستويات التي كانت مسجلة سابقاً، أي أن إستيعاب الصدمات كان إنجازاً أساسياً لمصرف لبنان”.

وقال غبريل: “يضاف الى إنجازات مصرف لبنان شطب لبنان عن لائحة مجموعة العمل المالية لمكافحة تبييض الأموال، وهذا الأمر حصل بالتعاون مع السلطة التشريعية. فلبنان في عام 2001 كان على قائمة المراقبة لمجموعة العمل المالية لمكافحة تبييض الأموال وقام مصرف لبنان بجهداً جباراً لنص قانون لمكافحة تبييض الأموال في 2001 وطبعاً مجلس النواب أقره، وهذا الإجراء كان أساسي لشطب لبنان عن هذه اللائحة. كما تمّ إنشاء الهيئة الخاصة المستقلة لمكافحة تبييض الأموال وجرى إصدار تعميم للقطاع المالي والمصرفي ولاحقاً أتت إجراءات أخرى من ضمنها الإلتزام بالمعايير الدولية لمكافحة تبييض الأموال”.

وأضاف: “يُسجّل لمصرف لبنان انه كمؤسسة بقي مستمراً بالعمل بالرغم من كل الأزمات التي حدثت ولا سيما الأوضاع السياسية بما خص الشغور الرئاسي بين 2014 و 2016 والوقت الطويل الذي استغرقه تشكيل الحكومات وأزمات كثيرة مرت على لبنان أدت الى تعطيل أعمال المؤسسات الدستورية لكن مصرف لبنان بقي يعمل في كل هذه المحطات، ولم يثنه أي ظرف عن القيام بعمله مهما كان صعباً”.

ولفت غبريل ان “من أهم إنجازات مصرف لبنان هي مسألة القروض السكنية المدعومة اذ من خلال قرار مصرف لبنان بتخفيض نسبة الإحتياطي الإلزامي بالليرة اللبنانية ساعد على خفض الفائدة على القروض السكنية، وهذا أدى الى طفرة في القطاع العقاري بشكل لافت وأدى الى تملك 122 ألف شخص منازل في هذه الفترة. وهناك ايضاً هناك مسألة دعم الشركات الناشئة في قطاع التكنولوجيا من خلال التعميم 131. البعض يقول ان هذه ليست مهمة مصرف لبنان لناحية دعم القطاع العقاري أو شركات التكنولوجيا الناشئة، لكن في الوقت نفسه السلطة التنفيذية لم تفعل أي شيء في هذا الموضوع بل استفادت من النشاط الذي شهده الإقتصاد، وهذه من الأمور الإيجابية التي حققها مصرف لبنان دون أي تدخل من الحكومات المتعاقبة.

ووفقاً لغبريل “هناك العديد من الأسباب التي أدت لفشل مصرف لبنان أبرزها تمويل الدولة والعجز وبالتحديد عجز مؤسسة كهرباء لبنان الذي كان يعتمد دائماً على سلفات خزينة من مصرف لبنان، إضافة إلى العجز في الموازنة أيضاً والذي كان يجري تمويله من مصرف لبنان حيث لم يكن هناك أي إنضباط في إدارة المالية العامة، وطبعاً هذه لم تكن مسؤولية مصرف لبنان ولكنه عانى من هذا الموضوع. كما لابد من الذكر أن النصائح التي أعطاها مصرف لبنان للسياسيين لم يكن لها آذاناً صاغية على سبيل المثال عند إقرار سلسلة الرتب والرواتب إن كان في العام 2013 أو 2017”.

وركز غبريل على “مسألة الفرص الضائعة الإصلاحية التي لم تتلقفها السلطات اللبنانية وآخرها كان مؤتمر سيدر الذي كان سيضخ 11 مليار دولار تدريجياً في الإقتصاد لتمويل إعادة تأهيل البنى التحتية، لكن الطبقة السياسية كانت أولوياتها في مكان آخر وبقيت تعتمد على مصرف لبنان في التمويل”، مشدداً على ان “هذا التمويل كان بمثابة تجاوب من مصرف لبنان للبيانات الوزارية التي أكدت على تثبيت سعر الصرف وقوانين مجلس النواب التي سمحت بالإستدانة بالعملات الأجنبية وقوانين الموازنة التي كانت تطلب رفع سقف الإستدانة بالعملات الأجنبية”.

ورأى غبريل إنه “كان من الضروري أن تحتوي الميزانيات المجمعة التي ينشرها مصرف لبنان على تفاصيل كتلك الموجودة في ميزانيات المصارف المركزية، إذ عانت ميزانيات مصرف لبنان من نقص في التفاصيل. علماً، انه من الضروري التأكيد على أن مصرف لبنان هو المصدر الوحيد للإحصاءات والأرقام عن القطاع المالي والمصرفي في لبنان وهذا أمر يسجّل له في ظل النقص المزمن في الإحصاءات في لبنان”.

وقال: “شخصياً، كنت أتمنى أن تكون الأرقام التي يصدرها المصرف المركزي مترافقة مع تحليلات وتقارير فصلية تحلل الواقع النقدي والإقتصادي والمالي في لبنان كما تفعل المصارف المركزية في الأسواق الناشئة، فهناك ضرورة لإصدار تقارير تعطي رأي مصرف لبنان في الأوضاع. وأيضاً، كان هناك حاجة للتواصل أكثر، إذ نرى المصارف المركزية في الولايات المتحدة أو أوروبا تجري تواصل شهري أو فصلي أو عبر مؤتمرات صحفية يعقدها الحاكم لتفسير القرارات المتخذة إن كان على صعيد الفوائد أو الإحتياطي المركزي أو غيرها من المسائل. فحالياً، نرى مع موجة إرتفاع الفوائد حول العالم للجم التضخم، أن رئيس الإحتياطي الفيدرالي بعد كل إجتماع يخرج إلى الإعلام ويقرأ بيان مكتوب تترقّبه الأسواق. هذا الأمر كان من المستحب أن يكون موجوداً بشكل دوري في لبنان، فحتى عند إندلاع الأزمة لم يكن هناك تواصل مع الجهات الإقتصادية والمصرفية في لبنان بشكل كبير لإيضاح القرارات التي إتخذت. كما ان الرأي العام يجب ان يطّلع على الهدف من التعاميم الصادرة والسياسة النقدية المتبعة وما المرجو منها”.

وأكد غبريل أنه “لا يمكن النظر إلى مصرف لبنان والمصارف وكأنهما موجودان على جزيرة بمعزل عن ما يحدث في لبنان والوضع السياسي والتلكؤ في الإصلاحات وعدم الإلتزام بالمهل الدستورية وعدم فصل السلطات وإحترام إستقلالية القضاء وتحسين مناخ الإستثمار وبيئة الأعمال. فكل هذه كان لديها تداعيات على مصرف لبنان. فعلياً يجب أن تكون السلطات السياسية والتشريعية والتنفيذية مسؤولة عن تلقّف الفرص ولا تتلكأ عن دورها بإعتبار ان المصرف المركزي قادر على المحافظة على سعر الصرف والباقي كله تفاصيل. علماً ان صندوق النقد شدد في بيانه الصحفي عند زيارة وفد صندوق النقد لبنان في آذار الماضي كما كرّرها في تقريره المفصل الصادر قبل شهر، أن الخروج من الأزمة يجب أن يحصل بالتنسيق بين السلطة التشريعية والتنفيذية والنقدية في البلاد وليس فقط عبر الإستمرار بالطلبات من السلطة النقدية فيما السلطتين الأخريين معطلتين”.

ولفت غبريل الى انه “كان هناك نقاش حول أنه كان يجب تعديل سعر الصرف في مرحلة معينة لا سيما عندما بدأ العجز في ميزان المدفوعات يرتفع في ظل إنخفاض إحتياطي مصرف لبنان بالعملات الأجنبيّة ابتداء من عامي 2011 و2012، وهناك آراء مختلفة حول تعديل سعر الصرف في هذا الموضوع لكن هذه النقطة كان يجب على مصرف لبنان أخذها بعين الإعتبار”. وكشف غبريل في هذا الإطار عن أن “صندوق النقد لطالما أكد في تقارير سابقة له قبل إندلاع الأزمة، وتحديداً في آب 2019 في 18 تشرين الأول 2019 ، أن إستقرار سعر الصرف هو ضرورة أساسية للإستقرار الإقتصادي في لبنان “.

ووفقاً لغبريل “يسجل على مصرف لبنان عدم تمكنه من تجنب الأزمة التي نعيشها وموافقته على دعم الاستيراد والمواد المستوردة الأمر الذي أدى الى استنزاف مليارات الدولارات من إحتياطي مصرف لبنان كما من ودائع الناس. وكان يجب رفض هذا القرار بالشكل والمضمون “.
مارديني يقسّم تواجد سلامة في سدّة الحاكمية إلى ثلاث مراحل!

ووفقاً للخبير الإقتصادي د. باتريك مارديني “تُقسّم ولاية رياض سلامة في سدة حاكمية مصرف لبنان الى ثلاث مراحل. المرحلة الأولى تمتد من سنة 1993 الى سنة 2014 ، وفي هذه الفترة كان المصرف المركزي يعتمد على سياسة محافظة وكان هناك إستقرار في سعر صرف الليرة وكان المركزي قادراً على جذب رؤوس أموال الى لبنان وبالتالي كان لبنان يشهد نوع من الإستقرار النقدي”.

وقال مارديني في حديث لموقعنا Leb Economy : ” هذا الإستقرار كان مهماً جداً لأن لبنان لم يكن مستقراً سياسياً وأمنياً وإجتماعياً حتى ان علاقاته مع الدول الأخرى كانت غير مستقرة، وعدم الإستقرار هذا شكّل أزمة للبلد لناحية جذب الرساميل. وبالتالي الإستقرار النقدي وسعر صرف الليرة حملا نوع من الإطمئنان سمح للبنان بجذب رساميل والإستثمار وتحقيق نمو وتكبير الاقتصاد. وهذه المرحلة هي مرحلة النجاح”.

وأشار مارديني الى ان “المرحلة الثانية امتدت بين عامي 2015 و 2019 عندما بدأ خروج الرساميل من لبنان. وفي الحقيقة ما حصل ان المصارف اللبنانية شعرت بإنها لم تعد قادرة على تمويل الدولة اللبنانية، بمعنى انه حتى عام 2015 كان الدين العام يموّل إجمالاً عن طريق المصارف اللبنانية والمصرف المركزي لم يكن يموّل الحكومة بل يحمل سندات خزينة تقريباً بنسبة 30%. ولكن في عام 2015 قررت المصارف ان لا تحمل سندات الخزينة لأنها لم يعد لديها ثقة بالحكومة اللبنانية وقدرتها على سداد ديونها وحصل إشكال بين المصارف والحكومة اللبنانية انتهى بتدخل المصرف المركزي بما يسمى بالهندسات المالية التي عملت على عدم شراء المصارف سندات الخزينة بحيث تضع أموالها في المصرف المركزي والمصرف المركزي هو من يديّن الحكومة اللبنانية، وبالتالي حصل تغيير جذري في السياسة النقدية اذ خرجنا من سياسة نقدية محافظة وأصبحنا نقوم بهندسات مالية وسياسات نقدية غير تقليدية تحمل الكثير من الإبتكارات والإبداع”.

وقال مارديني “لو لم يتدخل المصرف المركزي في تلك الفترة وامتنعت المصارف عن تمويل الحكومة، كانت بالطبع ستحصل أزمة إقتصادية آنذاك ولكنها كانت ستكون أزمة صغيرة وكنا بكل تأكيد سنتخطاها ولكن تدخل المصرف المركزي بهذه الطريقة وإعتماد سياسة نقدية تموّل النفقات العامة أجّل الأزمة من عام 2015 الى عام 2019 ، ولكنها كبُرَت كثيراً وزادت فجوة المصارف بشكل كبير ووصلنا الى مكان لا يمكننا تسديد هذه الفجوة. ولكن لو حصلت الأزمة قبل ذلك أي في عام 2015 كان يمكن إمتصاصها، بمعنى ان المرحلة الثانية كانت مرحلة تأجيل الأزمة، وامتدت بين عامي 2015 و 2019 ، وكانت كلفتها كبيرة جداً”.

وأضاف: “المرحلة الثالثة بدأت في عام 2019 حيث طرأ أمر جديد وهو طباعة العملة بشكل ضخم جداً نتيجة عدم قيام الحكومة بإصلاحاتها وبقاء نفقاتها على مستويات مرتفعة ومن أجل تسييل جزء من الفجوة المصرفية، بمعنى ان المصارف كان لديها أموال في المصرف المركزي وهو بدوره كان يرد الأموال بالليرة اللبنانية للمصارف وزبائنها. وشهدت هذه المرحلة تضخم كبير لكمية الليرة بالتداول وإنهيار كبير في سعر صرف الليرة. وهذه المرحلة تحديداً هي التي نعيشها حالياً وستتواصل خلال الفترة المقبلة”.

وقال مارديني: “رياض سلامة نجح في تقديم ثبات في سعر صرف الليرة حتى عام 2015 ، لكن خيار تأجيل الأزمة كان خياراً خاطئا وندفع ثمنه منذ 2019 حتى الآن”.

بودياب: سلامة نال أعلى الأوسمة والجوائز ولكن ..

بدوره، اعتبر عضو المجلس الإقتصادي والإجتماعي والبيئي والخبير الإقتصادي د. أنيس بو دياب في حديث لموقعنا Leb Economy انه “قد يكون من الصعب تقييم رحلة 30 عاماً لرياض سلامة في سدة حاكمية مصرف لبنان، فهو حقّق أعلى الأوسمة وأعلى الجوائز وقرع جرس إفتتاح بورصة نيويورك مرتين وحصل على لقب أفضل حاكم مصرف مركزي عربي على مر 3 دورات وهو أحد أفضل حكام المصارف المركزية في العالم”.
وقال بو دياب: “دون أدنى شك استطاع الحاكم ان يخرج لبنان من أزمته في التسعينات وذلك بعد ان دخل المصرف المركزي بإحتياطي إلزامي دون المليار دولار “.
واذ اعتبر بو دياب ان “قانون النقد والتسليف جيد وقد أعطى للحاكم إستقلالية كبرى”، شدد على ان “الأمانة تقتضي القول ان حاكم مصرف لبنان خلال ولايته إستطاع المحافظة على ثبات سعر الصرف لفترة طويلة. كما انه مع إبقاء الفوائد مرتفعة لفترة زمنية طويلة، حقق رساميل جديدة للمصارف وأنجز قانون دمج المصارف ودعم قروض الإسكان كما دعم قروض التكنولوجيا”.

وقال: “في الحقيقة، قام سلامة بإنجازات في السياسات النقدية تعتبر جيدة في ظل غياب الرؤى الإقتصادية وعدم تواجدها الا في حالات نادرة. فسلامة تمكن من القيام بسياسات مالية ونقدية مهمة جداً، فلبنان مر خلال ثلاثين عاماً بعواصف قوية جدة منها في نيسان 1996 ، واغتيال الرئيس الحريري، وحرب تموز 2006 وعاصفة العراق. وفي الواقع كل هذه الأحداث حملت تحديات نقدية للبنان لم يتأثر بها اللبنانيين لكنها طبعاً حملت خسائر للنظام النقدي اللبناني”.

ولفت بو دياب الى ان “سلامة تمكن في عز الأزمة الاقتصادية العالمية المالية من حماية لبنان وإبقائه بعيداً عن التأثيرات السلبية لهذه الأزمة بسبب سياسات نقدية لحظت رفع الفوائد وغيرها من التفاصيل”.

وقال بو دياب “في العام 1997 مرت الدول الآسيوية بأزمة كبيرة واستطاع ايضاً سلامة تحييد لبنان عنها بسياساته، وكان هناك فضل للدول العربية طبعاً بوضع ودائع الإغتراب ولكن هذه الثقة التي كانت موجودة في القطاع المصرفي كان شخص الحاكم رياض سلامة خلفها ولا يستطيع أحد تغييب شخصه عن الثقة التي كانت موضوعة في القطاع المصرفي الذي كان درة تاج الاقتصاد اللبناني”.

واضاف ” منذ 2011 ومع بدء الثورة السورية وتوقف العالم العربي عن ضخ الدولار والاستثمار الأجنبي المباشر في لبنان وبدء ميزان المدفوعات بالتراجع بشكل كبير، كان يجب على الحاكم ان يكون أكثر صرامة في عدم تمويل الدولة وكان يجب ان يكون هناك صرامة أكثر في رسم السياسات الهندسية والنقدية التي قام بها في 2016 . كما كان يجب وضع حدود لها بحيث لا تكون جوائز ترضية بالسياسة للتجديد له. فمنذ 2011 حتى اليوم، كان سلامة يلعب السياسة مع السياسيين لأهداف لها علاقة برئاسة الجمهورية، وكنت أتمنى ان لا يكون هذا الهدف أمام عينيه لكان نجح أكثر في السياسة النقدية”.

وشدد بو دياب على انه “لا يمكن القول ان سلامة لم يخفق بل حصل فشل ووصلنا الى ما وصلنا اليه، فنحن اليوم نتكلم عن قطاع مصرفي منهار في ظل وجود إلتزامات تجاه المودعين تقدر بـ 90 مليار دولار وإقتصاد معطّل. طبعاً لا يتحمل رياض سلامة مسؤولية هذا الواقع وحده لكن بكل تأكيد عدم صرامة السياسات النقدية التي اتبعها وتمويل الدولة كان سبباً أساسياً فيه، اذ كان يجب ان يقول لا للتمويل وللهدر اللذين حصلا”.

وختم بو دياب “لا يمكن الا القول ان لبنان استمر بسياسات نقدية أوصلته في مكان ما الى تمتع الشعب اللبناني بقدرة شرائية مريحة طيلة 20 عاماً، لكن كان يجب على الحاكم ان يكون أكثر صرامة تجاه السياسيين وان لا يكون له طموح سياسي لان هذا الطموح هو أحد أبرز الأسباب الذي جعلته يتماهى مع السياسيين وينسى إعتماد سياسات نقدية تخدم المصلحة العامة بالدرجة الأولى. كما كان يجب عليه في عام 2014 عندما طلب صندوق النقد تعويم سعر صرف العملة الوطنية وليس تحريرها بالمطلق، المطالبة أكثر وبقوة من الحكومة والمجلس النيابي بالقبول بإعادة النظر بسعر صرف العملة الوطنية”.

اضغط هنا لقراءة المقال على موقع leb economy