دور البلديات في تأمين الطاقة المتجددة مارديني: انتظار وزارة الكهرباء “عتمة البلد”

دور البلديات في تأمين الطاقة المتجددة مارديني: انتظار وزارة الكهرباء “عتمة البلد”

استضافت الرابطة الثقافية في طرابلس مؤتمرًا بعنوان: “دور البلديات في تأمين الطاقة المتجددة” والذي أعد دراسته في 29 تشرين الثاني 2022، “المعهد اللبناني للدراسات السوق” LIMS، مستعرضًا تجربة قرية “تولا” مع الطاقة الشمسية.

قدمت للمؤتمر كريستيل مارديني، حيث شكرت الحضور الذي ضم مستشار وزير الإعلام مصباح العلي، رئيس البلدية الأسبق رياض يمق، والرئيس الحالي أحمد قمر الدين، وعدد من المهندسين، وطلاب الجامعات، و الإعلاميين والمهتمين.

/ دين الكهرباء 45 مليار فكانت أموال المودعين قربانًا/

بداية تحدث باتريك مارديني رئيس المعهد اللبناني للدراسات السوق، والحائز على جائزة أفضل مركز أبحاث في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 2017، عن وضع قطاع الكهرباء في لبنان فقال إن المشكلة الأساسية في الكهرباء في لبنان هي بيعها بأقل من سعر التكلفة، أي 50 سنتًا لكل كيلوواط بالساعة بينما يكلف إنتاج الكهرباء أكثر من 50 سنتًا، إذا أخذنا بعين الاعتبار الهدر، والتقنين، والفساد مما أدى لخسائر بلغت قيمتها 45 مليار دولار حيث كانت تغطيها خزينة الدولة على مر السنوات مع فؤائد على المبلغ المُستدان، ولذلك فجزء كبير من الدين العام وأموال المودعين ذهبت لتغطية خسائر الكهرباء وديونها حيث كان المواطن اللبناني يدفع فاتورة كهرباء منخفضة القيمة ولكن، كانت هنالك فاتورة خفية تُدفع من أموال المودعين للحكومة اللبنانية لتغطي خسائرها.

أضاف مارديني مع الأزمة الحالية الحاصلة ونتيجة لتخلف الدولة عن دفع ديونها لم تعد قادرة على الاستدانة لعدم وفاء ديونها السابقة. أما ما نحصل عليه من تغذية بمعدل ساعتين في اليوم فهو بسبب الفيول القادم من العراق لقاء خدمات طبية يستفيد منها العراقيون أثناء قدومهم إلى لبنان.

/تكلفة الكيلوواط من 50 سنتًا ل7 سنتات/
وقال مارديني أن مولدات الاشتراك تعطي ما يعادل 16 ساعة تغدية وساعتين من كهرباء الدولة أي بمعدل 18 ساعة باليوم، وأن تكلفة مولدات الاشتراك غالية كونها تعتمد على المازوت لذلك يبيعونها بسعر أغلى من 50 سنتًا من هنا برزت تجربة “تولا” التي كانت تجربة رائدة في مجال الطاقة الشمسية وهي ضيعة جبلية شمال لبنان وعن طريق الكنيسة وأموال المغتربين، وبهبة بلغت 120 ألف دولار ، وباستخدام “موتور” البلدية وتم وضع الطاقة الشمسية التي أمدَّت الضيعة بالكهرباء بمعدل 10 ساعات كهرباء في اليوم، وترتفع في الصيف ل14 ساعة والباقي يؤمنه “الموتور” أي بمعدل 40 في المئة تعطيها الطاقة الشمسية، و60 في المئة يعطيها “الموتور” مما أدى إلى حل مشكلة الكهرباء وباتت الضيعة تنعم ب24 ساعة كهرباء يوميًا.

/”تولا” تجربة رائدة للاستفادة منها/
وأشار مارديني إلى أن معدل إنتاج الكهرباء على الطاقة الشمسية يبلغ 7 سنتات لكل كيلوواط ساعة، وأنه يمكن الاستفادة من تجربة “تولا” في بقية المناطق مثل طرابلس وغيرها وبرغم كل الصعوبات الموجودة مثل عدم وجود هبات من المغتربين، وعجر البلدية عن المساعدة، أو حتى عم وجود “وقف” للقيام بالمهمة فيمكننا العمل على حل هو كيفية جذب الاستثمارات الخاصة للبلد من خلال الحديث مع عدد من المستثمرين وشرح وضع المدينة وأن التكلفة إن وجد المشروع هي 7 سنتات لكل كيلوواط ساعة وهذا سينعكس ربحًا حتى على أصحاب المولدات، الذين يستطيعون عن طريق الطاقة الشمسية أن ينتجوا كهرباء بتكلفة 7 سنتات بدلًا من 50 سنتًا، هنا ستنخفض فاتورة المواطن بنحو 80 في المئة.

/الأمل بأن تجلب الوزارة الكهرباء يعني العتمة الأكيدة/

700 مليون دولار يمكنها توليد كهرباء لكل لبنان لمدة 24 ساعة كاملة كل يوم، 40 في المئة منها طاقة شمسية و 60 في المئة من “المولدات” الموجودة، وإذا قارنّا هذه التكلفة بتكلفة وزارة الطاقة التي طرحتها ضمن خطة عام 2010 فإنها قالت لجلب الكهرباء 24 ساعة للبلد فإننا نحتاج 4.9 مليار دولار وتمت مراجعة هذه الخطة عام 2019 فارتفع المبلغ المطلوب إلى 5.6 مليار دولار وحجة وزارة الطاقة أننا بحاجة لبناء معامل جديدة والمفارقة أننا لا نملك حتى الفيول لتشغيل المعامل الموجودة لدينا وبالرغم من قدمها لكنها صالحة ليُعاد تشغيلها مثل معمل الزوق، الزهراني، دير عمار الجديد، من جهة أخرى فإن طريقة تلزيم العقود للمعامل تنضوي على شبهات هدر وفساد حيث تتهرب الوزارة من إدارة مراقبة المناقصات والتي أصبح اسمها “هيئة الشراء العام”، بالإضافة إلى أن كل زعيم يريد المعمل في منطقته، مما لا يخدم مصلحة البلد بل الزبائنية السياسية.

لذلك يستبعد مارديني أن تنفذ الوزارة خطتها قبل عدة سنوات وذلك لغلاء التكلفة وماذُكر سابقًا وقال: “قديمًا كانوا يدينونا هلأ بطَّلو”

وأشار مارديني إلى أن هنالك حل باستيراد الكهرباء من الأردن والغاز من مصر، لكن ذلك الحل لن يعطينا أكثر من 6-8 ساعات تغذية في اليوم أي ليس حلًا جذريًا.
ولفت مارديني إلى قانون تتم دراسته في مجلس النواب اسمه “قانون إنتاج الطاقة الجديدة الموزعة”، والذي سيسمح في المستقبل لمنتجي الطاقة أن يستعملوا شبكة كهرباء لبنان وأن يبيعوا الفائض لها.

/ايلي جريج: تولا تنعم بكهرباء يكفيها/
وقال المهندس إيلي جريج المسؤول عن مشروع “تولا” للطاقة الشمسية: “بدأنا المشروع عام 2020، وهذا المشروع جاء كون الضيعة جردية ولا تحصل إلا على 4 ساعات تغذية من” المولد”، وكان ذلك في فترة شح المازوت وبيعه في السوق السوداء.
كنا سبعة شبان وقمنا بدراسة كانت كالحلم لأننا لم نكن متأكدين أننا نستطيع جمع هذا المبلغ، لأن النظام الشمسي الذي يعطي 100 كيلوواط تكلفته 70-80 ألف دولار حصلنا على 6 عروض أحدها كان من الصين وسافر أحد الشباب ال7 إلى الصين، لكننا تعاملنا مع شركة في لبنان اسمها “Sustainable Energy” ضمن مناقصة قانونية فازت الشركة بها.
وشرح جريج المشاكل التي كانت تواجه العمل وأولها أرض لوضع الطاقة فيها ولكن الكنيسة كان لديها عدة أراضٍ مزوعة وجرداء لذلك قمنا بدراسة واخترنا الأرض الأنسب للمشروع أي التي تطالها الشمس أكثر من غيرها وكانت أرضًا جبلية وعرة فكان علينا تمهيدها، وقمنا بعدة دراسات بإشراف مكتب هندسي لقياس سرعة الرياح والثلوج كونها منطقة مرتفعة وباردة، وتم تركيب 185 لوح لإمداد الضيعة ب 100 كيلوواط وبدأنا نحصل على 18 ساعة كهرباء، والشباب بأجمعهم هم متطوعون ولا يتقاضون أجرًا بل يعملون لمصلحة الضيعة، بالتعاون مع رئيس البلدية ورئيس الوقف.

وختم المهندس والخبير حديثهما بأن الدور الكبير يقع على عاتق البلدية حيث أن المستثمر يحتاج ضمانات ليسير العمل وليحصل على مردود مقابل استثماره ومن هنا يستطيع أصحاب المولدات أن يحصلوا على الطاقة بتكلفة أقل لا تستطيع مولداتهم إنتاجها ومن ثم تباع للناس.

ولكن إن كانت البلدية حتى عاجزة عن التوافق على فكرة ما، أو حتى لملمة الكلاب من الشوارع، أو حتى إنارة طريق ما فهل تستطيع أن تأخذ دورًا بجلب الطاقة إلى بلد أرخى الليل بسدوله عليه؟.

اضغط هنا لقراءة المقال على موقع الرائد للأخبار