في ظل الانهيار النقدي والاقتصادي في لبنان، انتقل عدد من اللبنانيين (موظفين وعسكريين وسائر المواطنين) إلى تقديم خدمة النقل لقاء أجرة من دون حصولهم على لوحات عمومية. ويستخدم بعض ممن يقدم هذه الخدمة دون لوحة عمومية، تطبيقات تعطيه أفضلية على أصحاب هذه اللوحات مثل “BOLT” و”UBER” . ولن تستطيع الدولة حرمان الناس من تأمين سبل عيشهم، حتى لو كان ذلك على حساب السائقين العمومين. لذا تقترح هذه الورقة مساعدة مالكي اللوحات القديمة على التأقلم والتعويض عليهم، عبر إلغاء قانون تحديد عدد آليات النقل المشترك وإعطائهم لوحات مجانية وتحرير التعرفة وتذليل سائر العراقيل. وتحصر القوانين عدد الآليات المتاحة للعمل بـ 41 ألف لوحة في حين تبلغ حاجات لبنان أضعاف ذلك، فيدخل مدينة بيروت وحدها حوالي 500 ألف سيارة يوميا. كما تمنع المراسيم التي تحدد التعرفة من تحسين الجودة وتقديم الخدمة المناسبة للركاب. وقد أدى ضعف النقل المشترك في لبنان الناتج عن هذه القيود إلى الاتكال على السيارة الخصوصية للتنقل، والذي أصبح خياراً مكلفاً مع الارتفاع الكبير لسعر صفيحة البنزين، ناهيك عن كلفة الزحمة والتلوث. ويجري التداول بحلول أبرزها إعادة تفعيل حافلات النقل العام والسكة الحديدية ودعم السيارات العمومية، والتشارك في استعمال السيارة الخصوصية (car pooling). ولكن هذه الاقتراحات تتجاهل أصحاب المصلحة من سائقين عمومين وسائقين جدد يسعون لتأمين قوتهم، وتنذر بتكرار الفشل الذريع لمشروع حافلات النقل العام الذي اختبر في العام 1997. ويعود هذا الفشل إلى عدم قدرة القطاع العام على تقييم حاجات الركاب وتحميل ثمن الفشل للمواطنين واعتماد الزبائنية في اتخاذ القرارات والفشل في مواكبة التطور. وما زالت جميع هذه العوائق سائدة اليوم ناهيك عن كلفة المشروع المرتفعة، لذا يبرز تحرير قطاع النقل المشترك ليحل المشكلة لكل من السائقين العموميين والسائقين الجدد والركاب.