ألقيمة السوقية للدين العام أدنى من الناتج المحلّي الإجمالي

ألقيمة السوقية للدين العام أدنى من الناتج المحلّي الإجمالي

أصدر بنك عودة التقرير الاقتصادي عن الفصل الثاني من العام 2022 وجاء فيه:

تخلّل النصف الأول من العام 2022 عددٌ من الأحداث الهامة في البلاد، وعلى الأخصّ إنجاز اتفاق على مستوى الخبراء مع صندوق النقد الدولي، وإنهاء الأزمة الديبلوماسية مع دول مجلس التعاون الخليجي وإجراء الإنتخابات النيابية وبدء العدّ العكسي للإنتخابات الرئاسية. وقد كانت لهذه التطورات آثار كبيرة على النشاط الاقتصادي مع أن تحدّيات ماكرو-نقدية جمّة تضغط على آفاق الاقتصاد اللبناني في ظلّ غموض سياسي- اقتصادي بارز بشأن الآفاق المستقبلية.

وتناول التقرير من جملة المواضيع التي طرحها موضوع القيمة السوقية للدين العام وارقام وزارة المالية حول المالية العامة عن الاشهر العشرة الاخيرة من العام 2021ولفت التقرير الي الاتي:

“تُظهر أرقام الدين العام المنشورة من قبل وزارة المالية أن الدين الإجمالي للبلاد بلغ 100.6 مليار دولار أميركي في نهاية آذار 2022، أي بارتفاع نسبتُه 3.5% مقارنةً مع مستواه المسجّل في نهاية آذار 2021. وقد زاد الدين الداخلي بنسبة 1.2% قياساً على نهاية آذار 2021 ليصل الى 92.4 مليار ليرة لبنانية بينما ارتفع الدين الخارجي بنسبة 7.3% مقارنةً مع نهاية آذار 2021 ليستقرّ على ما يقارب 39.4 مليار دولار في نهاية آذار 2022، علماً أن لبنان أعلن توقفّه عن سداد دينه بالنقد الأجنبي في آذار 2020.

في السياق ذاته، زادت ودائع القطاع العام لدى المصرف المركزي بنسبة 102.3% مقارنةً مع نهاية آذار 2021 لتصل الى 9.6 مليار دولار أميركي في نهاية آذار 2022. في المقابل، تراجعت ودائع القطاع العام لدى المصارف التجارية بنسبة 28.4% بين نهاية آذار 2021 ونهاية آذار 2022 لتصل الى 4.1 مليار دولار. وعليه، يكون الدين العام الصافي، بعد تنزيل ودائع القطاع العام لدى المصرف المركزي والمصارف التجارية من أرقام المديونية العامة، قد ارتفع بنسبة لا تتعدّى 0.2% مقارنةً مع نهاية آذار 2021 بحيث بلغ مجموعه 86.9 مليار دولار في نهاية آذار 2022.

ولكن، إذا اعتبرنا أن سندات اليوروبوند قد سُدِّدت بنسبة 15% وإذا قدّرنا الدين بالليرة اللبنانية وفق سعر “صيرفة” بدلاً من السعر الرسمي، تصبح القيمة السوقية للدين أقلّ من 10 مليارات دولار أميركي، أي أدنى من إجمالي الناتج المحلّي للبلاد.

في موازاة ذلك، وبحسب أرقام المالية العامة التي نشرتها وزارة المالية عن الأشهر العشرة الأخيرة من العام 2021 (آخر المعطيات المتوافرة)، يتبيّن أن الرصيد الإجمالي يسجّل فائضاً صافياً بقيمة 1418 مليار ليرة لبنانية مقابل عجز بقيمة 4224 مليار ل.ل. في الفترة ذاتها من العام 2020. وإذا حسمنا خدمة الدين، يصبح الفائض الأولي بقيمة 3740 مليار ليرة لبنانية في الأشهر العشرة الأولى من العام 2021 مقابل عجز أولي بقيمة 1738 مليار ل.ل. في الفترة ذاتها من العام 2020.

ونتج هذا الفائض عن ارتفاع الإيرادات بنسبة 34.2% وانخفاض النفقات بنسبة 9.4% في الأشهر العشرة الأولى من العام 2021 مقارنةً مع الفترة ذاتها من العام 2020. فقد ارتفعت الإيرادات العامة من 12024 مليار ل.ل. الى 16139 مليار ل.ل. فيما انخفضت النفقات العامة من 16247 مليار ل.ل. الى 14721 مليار ل.ل.

إن ارتفاع ايرادات المالية العامة هو نتيجة ازدياد ايرادات الموازنة بنسبة 40.3% فيما انخفضت ايرادات الخزينة بنسبة 14.1%. وازدياد ايرادات الموازنة عائد الى ارتفاع الإيرادات الضريبية بنسبة 44.2% مقابل ازدياد الإيرادات غير الضريبية بنسبة 25.3%. وازدياد الإيرادات الضريبية ناتج عن ارتفاع ايرادات الضريبة على القيمة المضافة بنسبة 147.3% والإيرادات الجمركية بنسبة 21.1% والضرائب العقارية بنسبة 16.7%، بينما زادت الإيرادات الضريبية المختلفة بنسبة 23.6% في الفترة المعنيّة. في المقابل، يتّضح أن الارتفاع الكبير للإيرادات غير الضريبيّة ناجم كلياً عن إيرادات قطاع الاتصالات التي زادت بنسبة 61.3% بين الفترتين المذكورتين.

أما انخفاض نفقات المالية العامة فهو ناجم بخاصة عن انخفاض نفقات الموازنة بنسبة 8.0% فيما تراجعت نفقات الخزينة العامة بنسبة 18.7% إبّان الفترة. وتجدر الإشارة الى أن انخفاض نفقات الموازنة عائد الى انخفاض سلفات الخزينة الممنوحة لمؤسسة كهرباء لبنان بنسبة 37.4% وانخفاض الفوائد بنسبة 7.0%. ففي الواقع، انخفضت الفوائد المدفوعة بالعملات الأجنبية بنسبة 76.9% (بشكل رئيسي بسبب توقف الدولة اللبنانية عن الدفع في آذار 2020)، بينما ارتفعت الفوائد المدفوعة على الليرة اللبنانية بنسبة 0.4%.

في هذا السياق، باشر المجلس النيابي مناقشة مشروع موازنة العام 2022، المُحال من قبل الحكومة في نهاية شباط الماضي. والبلاد على سباق مع الوقت في سبيل إقرار هذا المشروع في أسرع ما يمكن، كونه أحد الأولويات المطلوبة من جانب صندوق النقد الدولي. ولكن، تجدر الإشارة الى وجوب أن ترافق موازنة العام 2022 رؤيةٌ طويلة الأمد حول الإصلاح المالي الهادف الى الخفض التدريجي لحاجات الدولة التمويلية، إضافةً الى إعادة هيكلة الدين بالمعنى الواسع”. 

اضغط هنا لقراءة المقال على موقع الديار