تشخص أنظار اللبنانيّين هذه الأيّام نحو السراي الحكومي وما قد يرشح عن الإجتماعات الّتي تدور فيه، لا سيّما بعد الحديث عن نيّة الدولة رفع الدعم عن السلع الأساسيّة.
أسئلة كثيرة تجول في بال الناس حول مصير ودائعهم ولقمة عيشهم كما الوضع الاقتصادي العام خصوصاً أنّ مؤتمر دعم لبنان الاخير لم يأتِ بالنتائج المرجوّة.
في السياق، يشير الخبير الاقتصادي باتريك مارديني في حديث لموقع “المرده”، الى أنّ “المساعدات الدوليّة المطروحة حالياً، والسابقة مثل مؤتمر سيدر او التفاوض مع صندوق النقد الدولي، كانت مشروطة منذ الاساس بالقيام بإصلاحات. وقد وضعت الحكومة الأخيرة خطّة للقيام بهذه الاصلاحات، الا ان خطتها سقطت بعد جدال وسجال في مجلس النواب. اذاً، وبغض النظر عن صوابية هذه الخطة او عدمها، فإنّ عدم القيام بالإصلاحات المطلوبة منعنا من الحصول على الدعم الخارجي.
ويضيف: “بما اننا في ظل حكومة تصريف اعمال وبما ان مجلس النواب وتحديدا لجنة المال والموازنة اسقطت هذه الخطة اصبحنا في حاجة الى حكومة جديدة تأتي مع خطة جديدة وتقوم على اساسها بالاصلاحات من اجل الحصول على مساعدات من المجتمع الدولي. وبالتالي هناك ضرورة لتشكيل الحكومة لانه من دون دعم خارجي قد تطول الأزمة ويتدهور الوضع أكثر في السنوات المقبلة. فالنمو الاقتصادي في لبنان كان في العام 2019 (- 6.9%) وهذه السنة سجّل (- 19%).
وحول الدعم، يقول مارديني “سياسة الدعم سيئة، هي تحدث من اموال المودعين. فالاحتياطي الالزامي في مصرف لبنان هو نسبة الـ 15% التي تقتطعها المصارف من ودائع زبائنها وتودعها لدى مصرف لبنان. وبالتالي اليوم المصارف متعثرة وغير قادرة على اعادة هذه الودائع، واذا ما اردنا اخذ الاحتياط الالزامي اي الـ 17 مليار دولار المتبقية، هذا يعني اننا متجهون الى ازمة كبيرة جدا لانه بهذه الطريقة يتم أخذ اموال الشعب اللبناني بحجة صرفها على الدعم”.
ويتابع: “للأسف، الدعم لا يذهب بكامله الى السلع الاستهلاكية والمواد الاساسية. جزء كبير منه يذهب الى جيوب المهربين والتجار. فعلى سبيل المثال، اذا ما اراد مستورد دواء استيراد صنف سعره 100$ يذهب الى مصرف لبنان يعطيه 150.000 ل.ل (والتي توازي اليوم 20$) وهو بدوره يشتري له الدواء. عندها يكون المستورد امام حلين اما ان يبيع الدواء داخل لبنان بـ150.000 ل.ل واما ان يبيعه خارج لبنان ب100$. مع العلم ان ال 100$ خارج لبنان هي $ HFRES وتساوي 800.00 ل.ل وبالتالي لا مصلحة لأحد ببيع هذا الدواء داخل لبنان. فكل التجار سواء كانوا مستوردين او موزعين او حتى المواطنين العاديين، يشترون الدولار ب 150.000 ل.ل من الصيدلية اي 20$، ويبيعونه في البلدان المجاورة ب 100$ اي سعره الحقيقي وهكذا يأخذون 80$ ربح من احتياط مصرف لبنان. اذا اموال المودعين اليوم تؤخذ منهم وتعطى للمهربين. برأيي الانسب في هذا الوضع، هو اعادة الاموال الموجودة لدى المصرف المركزي الى اصحابها، فالأحسن ان نعيدها اليهم بدل ان نعطيها للتجار على امل ان يبيعوا الناس السلع بسعر ارخص.
وبرأي الخبير الاقتصادي، فإن “البديل عن سياسة الدعم هو معالجة السبب الذي ادى الى غلاء الاسعار، أي تدهور سعر صرف الليرة مقابل الدولار” مؤكداً ان “اي حل خارج اطار معالجة ارتفاع سعر صرف الدولار هو ترقيع”.
ويلفت الى ان “الحل لتدهور سعر صرف الليرة ليس صعباً. فتشكيل مجلس نقد او ما يسمى بالـ BOARD CURRENCY، يمكنه من الان الى شهر وقف الغلاء وتقوية سعر صرف الليرة اللبنانية اي خفض سعر صرف الدولار، الأمر الذي سيؤدي الى انخفاض في الاسعار وبالتالي تتم اراحة المواطن من دون الحاجة الى دعم”. ويكمل طاما اذا كنا مصرون على القيام بـ “ترقيعات “ومصرون على الدعم، فيمكن ان ندعم الناس مباشرة اما عبر دعم العائلات الاكثر فقرا ، او مثلا بدل دعم الدواء يمكن ان ندفع لكل مواطن يشتري دواءه بموجب وصفة ثمنه وبهذه الطريقة ندعم المريض نفسه، لانه بالنظام الحالي يمكن لاي شخص حتى لو لم يكن مريضا ان يشتري الدواء المدعوم من لبنان ويبيعه في الخارج.
ويختم قائلاً: ” حتى الان يمكن استخدام الاحتياطي الالزامي الموجود لدى مصرف لبنان لإعادة أموال صغار المودعين (لديهم أقل من 100.000$). اما اذا تم تخفيض هذا الاحتياطي واستعمال الـ 17 مليار من اجل سياسة الدعم عندها نكون نقطع الأمل على هؤلاء المودعين في استعادة أموالهم”.
إضغط هنا لقراءة المقال على موقع المردة