بَرزت في الآونة الأخيرة، تباينات حول إصدار سندات خزينة بقيمة 11 ألف مليار ليرة بفائدة 1%، هذا التناقض يُثير إشكاليّة أساسيّة، بظلّ إنعكاسات هذا الأمر على مشروع موازنة 2019. وأعلن وزير المال علي حسن خليل، أنّ هذا الأمر سيكون بالتنسيق مع مصرف لبنان والمصارف المحلّية، فيما أكّد حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، أنّ هذا الأمر غير وارد.
وتكمنُ الخطورة في أن تُصبح الإكتتابات بقيمة 11 ألف مليار ليرة على عاتق ميزانيّة مصرف لبنان وحده، وأن تكون باللّيرة اللّبنانيّة وليس بالدولار الأميركي.
يُصَوِّر رئيس المعهد اللّبنانيّ لِدراسات السوق، د.باتريك مارديني، المشهد أنّ اليوم الدولة اللّبنانيّة تتديّن بفائدة تقريبًا حوالي 10% على الأسواق الماليّة، وتعود الأسباب إلى التصنيف الإئتماني المُتدنّي، شارحًا:” نحنُ اليوم نتصنّف ضمن فئة B- في ستاندرز أندبورز وB – على فيتش، هذا التصنيف الإئتماني يُثبت لنا كم علينا من خطر إئتماني على لبنان أيّ أنّ هناك خطورة من عدم إستطاعة لبنان من دفع ديونه، لذا الدين في لبنان هو عالي الخطورة”.
وفي مُقابلة مع موقع “لبنان الجديد”، قال مارديني: “الناس تُفضّل أن لا تُديّن الدولة اللّبنانيّة خصوصًا وأنّ المُستثمر له إحتمالات عدّة يُمكن أن يضع أمواله في بلاد أخرى لاسيّما هناك خطر على التخلّف بظلّ وجود دول أمينة كـَ ألمانيا، فرنسا. أمّا الطريقة الوحيدة التي تُخوّل إقناع المستثمر بأن يضع أمواله في المصارف اللّبنانيّة، هي من خلال دفع فائدة مُرتفعة والمصارف اللّبنانيّة دفعت فوائد مُرتفعة جدًّا للموديعين فهناك مصارف دفعت فوائد خياليّة وصلت إلى 9 %على الودائع بالدولار و فاقت الـ 15% على بعض الودائع باللّيرة. ومُقارنةً بالسنة الماضية إرتفعت الفوائد على سندات الخزينة اللّبنانيّة من 7 % إلى 10 % اليوم، وهذه الزيادة تُعدُّ عالية جدًّا وهذه الزيادة تعني أنّ هناك عدم ثقة في لبنان لأنّ هناك قناعة أنّ الدولة اللّبنانيّة لن تردّ الأموال وبالتالي من الأفضل تحويل هذه الأموال إلى الخارج” .
ويستعرضُ مارديني الأزمة قائلًا: “تطلب الدولة اليوم من المصارف الاكتتاب بفائدة 1% بينما عليها أن تدفع للموديعين فائدة 10 % ما يعني ان الدولة تطلب من المصارف خسارة 9 %. لذلك تقوم المصارف اليوم بتغريم الزبائن برسوم مُترفعة لتعويض خسارة التسعة في المئة، أمّا الحلّ الثاني هو رفع الفوائد على الشعب اللّبناني. واليوم إرتفاع الفوائد في المصارف والرسوم والعمولات سببها زيادة الخطورة الإئتمانيّة على الدولة اللّبنانيّة ولهذا السبب المصارف غير قادة على تدين الدولة اللّبنانيّة فائدة 1 %”.
أمّا عن سبب إعتبار الدولة غير قادرة على تسديد ديونها، ردّ: “الأسواق الماليّة تعتبر أنّ الدولة اللّبنانيّة غير جدّية بمُعالجة مُشكلة العجز بظلّ عدم وجود إصلاحات صحيحة وزيادة الضرائب لن تخفيض العجز لأنّ واردات الضريبة ستقلّ بسبب إغلاق الشركات أو إنتقالها إلى خارج لبنان”.
واعتبر مارديني الحل يَكمنُ في “أن تُخفّض الدولة اللّبنانيّة نفقاتها وأن تقوم بإصلاحات بنيويّة كـَ وقف العجز بالكهرباء والتوظيف في الدولة الزبائني أو الإنتخابي، والنفقات الإستثماريّة “.
وردًّا على طرح الوزير السابق نحاس بأن يكتتب مصرف لبنان بسندات الخزينة يجيب: “أنّ هذا الموضوع يَحمل خطورة لأنّ إذا مصرف لبنان يبدأ الإكتتاب، فهذا يؤدّي إلى تضخّم بسبب زيادة الكتلة النقديّة ما يؤدّي إلى إنحدار سعر صرف العملة وهذا الأمر يُعدُّ خطرًا جدًّا مثل ما حدث في فنزويلا وهذا الحلّ هو الأسواء من المُشكلة بحدّ ذاتها”.