ما البديل عن السدود لتأمين المياه في لبنان؟

ما البديل عن السدود لتأمين المياه في لبنان؟

رغم معارضة بعض أهالي منطقة بسري والقرى المجاورة للسد أجبر أصحاب القرية على بيع أراضيهم، وبدأ العمل لبناء السد بتمويل من جهات مانحة تبلغ قيمتها 617 مليون دولار،ويفترض أن يؤمن السدّ 105 ملايين متر مكعب من المياه سنوياً لمصلحة المنطقة الممتدة من ساحل إقليم الخروب إلى مرتفعات المتن، مروراً بالضاحية الجنوبية وبيروت الادارية، وسيفيد منه وفق ما يؤكد مجلس الإنماء والاعمار 1,6 مليون لبناني.

في حال التغاضي عن منطق الاستملاك بالقوة، والثمن البيئي الذي ستدفعه المنطقة، إلا أنه لا يمكننا التغاضي عن أهمية مشروع السد حيال ما يمكن أن يؤمنه من مياه لسكان بيروت الكبرى الذين لا ينعمون إلا بـ 3 ساعات من التغذية يوميا، وهي بالتأكيد غير كافية لتأمين حاجاتهم. ولكن يجب في الوقت عينه النظر الى مصادر المياه التي ستملأ السد “كون معظم مياه لبنان باتت ملوثة بالمجارير الصناعية والمنزلية غير المكررة”، وفق ما يقول الخبير الاقتصادي في المعهد اللبناني لدراسات السوق مجدي عارف لـ”النهار”، مشيراً الى أن قسماً كبيراً من المياه التي ستملأه مصدره نهر الليطاني الشديد التلوث والتي لا يمكن تكريرها. فما البديل من السدود؟

يشير عارف الى أن “معظم دول العالم تتجه الى تسليم المياه الى القطاع الخاص بسبب عدم قدرة الدولة على تحمل التكاليف وازدياد الهدر وتدني النوعية. لذا لجأت الحكومات الى تلزيم مشاريع المياه للشركات الخاصة، ومن ثم أوكلت اليها الإدارة والاستملاك، لتحتفظ الدولة بمهمة المراقبة والمحاسبة”. ففي بريطانيا تلعب مؤسسة Ofwat هذا الدور وتعمل على تحقيق الشفافية وعلى خدمة المواطنين بشكل جيد وتحاسب الشركات في حال قيامها بأي مخالفة من ناحية عدم تقديم الخدمة وفقاﹰ للمعايير المتفق عليها. وعلى هذا الأساس، تقوم الشركات مثل South East Water وAffinity وغيرها بإستثمار أموالها الخاصة في مشاريع منتجة تؤمن فرص العمل ولا تتعدى على ملكية أحد. وفي حال فشلت هذه المشاريع، يوضح عارف، ان “الخسارة تنحصر بالمستثمر وليس بالسكان ولا الدولة”.

أما في لبنان، فتقوم الدولة بوضع تخطيط لمشروع وفق معاييرها الخاصة وتنتظر توافر الأموال سواء من الضرائب أو الديون أو الهبات، وهو أمر قد يتأخر لسنوات. وعند توافرها، تقوم بإجراء مناقصة لتلزيم البناء لشركة معينة وعند انتهائها تسلم المشاريع لمجلس الإنماء والإعمار الذي يشغلها أو يسلمها لمؤسسات المياه لتشغيلها. ويشير عارف الى مشكلات إضافية تبرز عادة خلال هذه العملية كالتدخل السياسي والصفقات المشبوهة وعدم تطبيق الشروط من المتعهد. ولكن المشكلة الأبرز برأيه هي التخطيط، “العديد من مشاريع المياه التي تنشأ بهذه الطريقة كسد بسري تعيبها مشاكل أساسية كسهولة وصول المياه المبتذلة إليها، وتأثير السدود على المناطق المحيطة بها، وطول الفترة الزمنية اللازمة للافادة من المشروع”. ومن المعلوم أن مياه السد ملوثة بالصرف الصحي بفعل تحويل مجارير عشرات البلدات المجاورة إلى النهر المشكّل لمخزون المياه. لذا سيبقى هذا المرفق وفق ما يتوقع عارف عاطلاﹰ عن العمل “حتى يتم معالجة أزمة المجارير التي تصب فيه، وتاليا ستجمد الـ 617 مليون دولار في مشروع لا يمكن الافادة منه حالياً، علماً أن الدولة ستتحمل تكاليف إضافية لصيانته الدورية من دون الافادة منه، وكان الأجدى استخدام هذه الأموال في صيانة الشبكات التي تهدر 50% من المياه التي تنقلها”.

إضغط هنا لقراءة المقال على الموقع النهار