إلى متى يصمد استقرار سعر الصرف؟

سعر الصرف

على الرغم من الحرب الدائرة وارتفاع حدّتها بشكل متدحرج، وعلى الرغم من الانكماش الاقتصادي الحاد بنتيجتها والخسائر الاقتصادية التي تقدرّها مصادر رسمية بنحو 20 مليار دولار بالحد الأدنى، لغاية الآن، فيما مصادر أخرى تمطّ الرقم إلى حدود الـ30 مليار دولار، غير أن استقرار سعر الصرف على حاله ولم يتاثّر بكل مجريات الحرب المدمّرة، بعكس الانطباع العام السائد وتوقعات بعض الخبراء الاقتصاديين في السابق بأن الحرب الواسعة ربما ستدفع سعر الصرف إلى الاهتزاز والتفلُّت من جديد.

بطبيعة الحال، يلاقي معظم اللبنانيين استقرار سعر الصرف المستمر رغم الحرب، بكثير من الارتياح، فعلى الأقل تبقى نقطة مضيئة في هذا الفضاء الأسود الذي يعيشونه. لكن ما هي أسباب استقرار سعر الصرف على الرغم من الحرب والأجواء الاقتصادية المعاكسة؟، وهل هو قائم على قواعد صلبة متينة يحميه من الاهتزاز في لحظة ما؟، وماذا لو طالت الحرب إلى أشهر إضافية، إلى متى يمكن أن يصمد استقرار سعر الصرف بهذه الحالة؟.

رئيس المعهد اللبناني لدراسات السوق باتريك مارديني، يوضح نقطة أساسية ساهمت في الحفاظ على استقرار سعر الصرف وثباته، على الرغم من الحرب المندلعة والخسائر التي تصيب الاقتصاد في الصميم إلى درجة الانكماش الحاد بفعل تداعيات الحرب، بالإضافة إلى الخطوات والعوامل التي تحول دون هزّ الاستقرار الحالي وتوفِّر إمكانية استمرار المحافظة على استقرار الصرف ومنعه من التفلُّت.

مارديني يشير، عبر موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، إلى أنه “في الصيف الماضي، وتحديداً حوالى منتصف شهر تموز، كانت الكتلة النقدية في السوق توازي تقريباً 62 تريليون ليرة لبنانية، لكن المصرف المركزي قام بتخفيض هذه الكتلة النقدية إلى حوالى 53 تريليون ليرة، أي خفَّض الكتلة النقدية بنحو 15% ممّا كانت عليه في تموز الماضي وسحب الليرة من التداول”.

بالتالي، يضيف مارديني: “سحب الليرة من التداول بنسب معيّنة، يمكّن مصرف لبنان من تثبيت سعر الصرف، على الرغم من خروج الرساميل. أي بطريقة مبسَّطة، كمية الدولار الموجودة في البلد يجب أن يكون مقابلها تقريباً كمية من الليرة على سعر صرف معيّن، وإذا حصل خروج للدولار من البلد أو انخفضت كمية الدولار الموجودة في البلد، يجب خفض كمية الليرة الموجودة مقابلها من أجل أن يستمر سعر الصرف على استقراره”.

مارديني يلفت، إلى أن “هذا ما يقوم به مصرف لبنان”، معتبراً أن “هذه السياسة سياسة حكيمة جداً، أي تخفيض حجم الكتلة النقدية من السوق”، ومشدداً على أنه “طالما المصرف المركزي يستمر بعدم تمويل الحكومة، عدم منحها أموالاً لا بالليرة اللبنانية ولا بالدولار، وعدم زيادة الكتلة النقدية، لا بل تخفيضها من السوق، هو قادر على الحفاظ على استقرار سعر الصرف رغم الحرب الدائرة”.

لكن مارديني يشير، إلى أن “ما يُخشى منه، هو أن تدفع الحرب الدائرة الحكومة للذهاب إلى مصرف لبنان وأخذ ما تبقَّى من أموال في المصرف المركزي بحجة الحرب، لتقوم بصرفها شمالاً ويميناً على أمور تذهب بمعظمها هدراً وفساداً، وهذا ما يجب أن نحتاط منه بشكل جدّي”.

اضغط هنا لقراءة المقال على موقع القوات اللبنانية