الكهرباء في ظل الحرب: خسائر نتيجة إهمال متعمد!

الكهرباء
«الكهرباء» مشكلة لبنان الدائمة والمزمنة منذ سنوات،ولا نبالغ إذا قلنا على مدى زمن  بسبب غيابها عن بيوت اللبنانيين نتيجة الهدر والفساد المزمن في ملف الكهرباء وفشل وزارة الطاقة والمياه في ادارته بالشكل الذي يجب أن تتم إدارته بالأخص في هذه الظروف نتيجة العدوان الإسرائيلي المستمر على لبنان وماخلفه من تهجير للنازحين إلى مكان يأويههم هرباً من القصف والدمار المستمر لقراهم وبيوتهم باعتبار أن هذه الحرب وقعها صعباً على لبنان الدولة والمؤسسات واللبنانيين فكيف إذا تكلمنا على الكهرباء وأثرها عليها من ناحية الخسائر؟
يشرح مدير عام الإستثمار السابق في وزارة الطاقة والمياه والخبير في المعهد اللبناني لدراسات السوق غسان بيضون في هذا الصدد أنه «علينا النظر في بادئ الأمر إلى التغييرات والمستجدات التي طرقت على قطاع الكهرباء،بين ما قبل العدوان الإسرائيلي ومابعده،فمن الأساس كانت الكهرباء كانت تأتي بين الساعتين إلى أربع ساعات بالرغم من رفع التعرفة ولكن لم يتم تطبيق القرار كما يجب وعلى هذا الأساس يتم أخذ أموال غير متوجبة في ذمة المشتركين ومنها رسم العداد الذي يتم أخذه بمعزل عن ساعات التغذية،ولم يتبقوا المعنيين تعديل التعرفة بحسب إنخفاض أسعار النفط باعتبار أن التعرفة تم احتسابها على الـ 110 $ بحسب «البراند»وانخفضت بشكل تدريجي إلى الـ 70$ على هذا الأساس على أن يعاد النظر كل شهر أو شهرين في هذه التعرفة وفقاً للتطورات بحسب القرار نفسه».

ويشير إلى أنه قبل الحرب، كانت وزارة الطاقة تربح من دون تأمين التغذية وكان القطاع الكهربائي لا يزال يقف عند المشكلة نفسها بأنه على الدولة أن تدفع ثمن فيول العراقي وقتها،لذلك لم تكن تخسر في ذلك الوقت الوزارة وكان المعنيين وقتها يدعون آنذاك المواطنين الذين لا يدفعون «الهدرالغير الفني» إلى الدفع،وكانوا على رأس هذه القائمة وقتها محافظة الجنوب والبقاع وضاحية بيروت الجنوبية مع العلم بأن الجنوب نفسه لا يوجد فيه كهرباء ولا يأخذ كهرباء،ولا حتى البقاع والضاحية أيضاً نظراً لواقع الحرب الذي يعيشه البلد.

ويستغرب بيضون تصريح وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض عندما سئل عن الخطة البديلة،وكان جوابه بأن وزارة الطاقة من الأساس لا تملك خطة أصيلة لكي تعالج واقع الطاقة في ظل العدوان الإسرائيلي المستمر على لبنان وهذا يدل على أن وزارة الطاقة تدير الأمور بشكل عشوائي وعلى «العمياني» من دون أي إحساس بأي مسؤولية أو جدية في ظل هذا الواقع والغموض القائم حول مسألة تأمين الفيول من ناحية القيام بتأمينه أو إنتاجه من عدمه،أو عن  تأمين التغذية من عدمه التي من المفترض أن يتم تأمينها لباقي المناطق التي لا يوجد فيها كهرباء بسبب الحرب.

ويؤكد بأنه لا يوجد هناك أي إعلان أو بيان أو أي برامج تغذية تتعلق بهذا الأمر على الإطلاق من قبل وزارة الطاقة والمياه، فأصبح التأقلم مع هذه الوزراة ونشاطاتها يتم عن طريق «الصدفة» وفقاً لعامل «الحظ» وهذا الأمر لم يعد مقبولاً،وبناء عليه فلا يوجد خسائر إضافية لقطاع الكهرباء إنما هناك ظلم مستمر ومتعمد من قبل وزارة الطاقة من خلال التعسف في تطبيق التعرفة خلافاً لمنطوق قرار وزارة الطاقة  في ظل الشكاوى المتكررة من قبل المواطنين حول الفواتير وورودها في ظل الحرب وسط غياب أي خطة واضحة حول كيفية تحصيل هذه الفواتير من المناطق التي تدمرت بسبب الحرب وهذا أمر غريب جداً يدل على أن وزارة الطاقة لا زالت تعيش في حالة الفوضى والغموض،وهذه الحالة بات لها مبرراتها على أرض الواقع من قبل الوزارة تحت ذريعة الوضع القائم للهروب من تقصير المعنيين وعجزهم عن ادارة ملف الكهرباء.

ويكشف أنه بالتزامن مع المساعدات التي تأتي إلى لبنان،ولأن لبنان بات قاب قوسين أو أدنى من فصل الشتاء ونظراً للظروف الصعبة هذه، تم التوافق أو الموافقة بعد التفاوض على قرض من البنك الدولي أحد اهم أهدافه تعزيز دور الطاقة المتجددة في لبنان خصوصاً للأبنية الرسمية وأبنية المدارس الرسمية التي تأوي النازحين وباقي المؤسسات التي تمكلها الدولة فضلاً عن بعض المنشآت الخاصة التي تم تقديمها للنازحين نظراً لحاجتها إلى الكهرباء وهذه فرصة مؤاتية للمساهمة في معالجة أزمة الكهرباء بالحد الأدنى سواء حالياً أو على المدى الأبعد،فلماذا لا يتم أخذ القرار من قبل الدولة من خلال السعي إلى تركيب الطاقة الشمسية على الأبنية التي تملكها الدولة والمؤسسات والبلديات حالياً والتي تستضيف النازحين ليتم اعفاء موازنة الدولة والمؤسسات والبلديات من الإعتمادات اللازمة للمحروقات؟
ويشدد على أنه هذه اللحظة مناسبة جداً لاتخاذ هذها القرار،ولكي يطبق هذا القرار يجب تشكيل لجنة فنية تضم التنظيم المدني،ومديرية المباني والأشغال في وزارة الأشغال العامة،ناهيك عن دوائر الهندسة في بلديات لبنان واتحاد البلديات ومصلحة الهندسة في بلدية بيروت وكل الجهات المعنية بإجراء مسح للمساحات المتاحة على أسطح الأبنية وساحاتها التي تمكلها الدولة والموضوعة بتصرف النازحين.

ويختم بيضون: «بأنه مع هذا الدمار الحاصل، وبعد انتهاء الحرب يجب أن يتم وضع مواصفات وشروط لإعادة البناء تشمل من خلالها تجهسز تركيب طاقة شمسية لكي تكون هيكلة البناء ثابتة مع تصميم السطوح، ويتم وضع خزانات لتخزين المياه تحت المباني قدر الإمكان لتستطيع الناس تأمين حاجاتها،وأن يكون هناك أماكن مخصصة لجمع النفايات وفرزها لتسهيل التخلص منها في المرحلة المقبلة  لذلك على وزارة الطاقة والمياه التعاطي بشكل جدي في هذا الأمر وبمسؤولية كبيرة من خلال وضع خطط تتماشى مع الواقع الكهربائي والتخلي عن الخطط الآنية المعتمدة للتمكن من مواجهات أي أزمة سواء عادية أم غير عادية».

اضغط هنا لقراءة المقال على موقع جريدة اللواء