ساعات تغذية إضافية تنتظر قرار “كهرباء لبنان”: العرقلة ممكنة

كهرباء
في وقت تعيش معامل مؤسسة كهرباء لبنان على إمدادات الفيول العراقي، كمصدر وحيد لإنتاج الكهرباء، لدى المؤسسة إمكانيات إضافية تتيح توليد بين 4 إلى 6 ساعات كهرباء إضافية. والمسألة تحتاج إلى قرار إداري بمباشرة العمل، سيّما بعد الحصول على رأي استشاري من ديوان المحاسبة، يؤيّد خطوة تذليل العقبات أمام تشغيل معمليّ الذوق والجية الجديدين. لكن وسط هذا التقدّم، يبرز اعتراض عبَّرَت عنه وزيرة الطاقة السابقة ندى بستاني، التي رأت أن قرار الديوان ينطوي على “تجديد عقد منهي من دون مناقصة لمصلحة شركة MEP”. ووصفت بستاني قرار الديوان، في تغريدة لها على موقع “إكس” بأنه “فضيحة مشهودة تترك علامات استفهام كبيرة عن جدية عمل الهيئات الرقابية”. وفي ظل الاحتمالات المفتوحة والإمكانيات المتوفّرة، هل ستزيد ساعات التغذية أم أن العرقلة ستكون حاضرة؟

الإمكانيات المتوفّرة في الذوق والجية
بفعل الاعتماد الكلّي على الفيول العراقي لإنتاج الكهرباء، تتكرّر عملية خروج مجموعات الإنتاج في المعامل عن العمل كلّما نقصت كميات الفيول المتوفّرة. وتتّجه الكميات المنتَجة نحو المرافق الحيوية في البلاد. آخر عمليات الخروج سجّلت في معمل دير عمار ليل السبت 6 تموز، فدخلت البلاد في عتمة تامة وخوف من احتمال عدم إرسال شحنات فيول إضافية، بسبب عقبات تتعلّق بشروط تنفيذ العقد بين الحكومتين العراقية واللبنانية.

مع تجاوز العقبات، وصل الفيول إلى المعامل وعادت عملية التغذية بفترات تتراوح بين ساعتين إلى 4 ساعات يومياً. لكن ما يُخفى عن الرأي العام، أنه إلى جانب معمليّ دير عمار والزهراني، يمكن توليد الكهرباء من معمليّ الذوق والجية الجديدين. وتشير مصادر متابعة للملف، إلى أن “المعملين جاهزين للتشغيل بنسبة 70 إلى 80 بالمئة، وبقدرة إنتاج تصل إلى 250 ميغاوات، تستطيع توليد تغذية بين 4 إلى 6 ساعات”. وتشير المصادر في حديث لـ”المدن”، إلى أن التشغيل لا يحتاج للدخول في متاهة تأمين الفيول. إذ أن “هناك كمية فيول جاهزة، تم شراؤها في بداية العام 2023 وهي كافية لتشغيل المعملين من 20 إلى 25 يوماً”.
في المقابل، ومع أن الإمكانيات اللوجستية موجودة، يبقى هناك القرار الإداري. فالعقد مع تحالف الشركات المشغِّلة للمعملين OEG وArkay Energy وMiddle East Power (MEP)، بقيادة MEP هو في الوقت الحالي عقد “حفظ الماكينات وليس تشغيلها”، فلا يمكن لشركة MEP مباشرة تشغيل محرّكات المعملين لإنتاج الكهرباء. وذلك بسبب تغيير مؤسسة كهرباء لبنان طبيعة العقد من عقد تشغيل وصيانة إلى عقد الحفظ، أي حصر دور الشركة بالحفاظ على سلامة الموّلدات والمعدّات من التلف، بانتظار بتّ الخطوة المقبلة، وهي إجراء مناقصة تشغيل وصيانة جديدة بعد انتهاء مهلة العقد الأصلي مع التحالف، في بداية العام 2022.

مباركة التشغيل
ولذلك، فإن عملية زيادة إنتاج الكهرباء عالقة عند مؤسسة كهرباء لبنان، في حين أن المعامل جاهزة لوجستياً. لكن كان لدى المؤسسة ما يبرِّر عدم اتخاذ قرار بالتشغيل، وهو حسم الوضع القانوني للعقد مع التحالف. وهذا ما استدعى أخذ رأي هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل، التي “باركت عقد الحفاظ على التحالف، مع تأكيدها على ضرورة إجراء مناقصة جديدة، لكن بما أن أوضاع البلاد صعبة والتحالف يريد أموالاً من مؤسسة الكهرباء لا تستطيع دفعها، وبما أن الفيول موجود في المعملين، وبما أن الحاجة القصوى هي لزيادة إنتاج الكهرباء، فكان الرأي بتشغيل MEP للمعملين إلى حين إجراء مناقصة جديدة”.
لم تكتفِ المؤسسة بهذا الرأي، بل أرسلت كتاباً إلى ديوان المحاسبة تسأله “هل يمكن تمديد عقد صيانة وتشغيل معملي المحرّكات العكسية في الذوق والجية لسنة إضافية. مع التأكيد أن هذا التمديد يأتي في خدمة الصالح العام ويحفظ حقوق مؤسسة كهرباء لبنان في ظل حالة طوارىء اقتصادية، نقدية ومالية وإدارية صعبة للغاية؟”.
ليأتي قرار الديوان بتاريخ 15 تموز، بجواز تشغيل المعملين بناءً على الحاجة القصوى التي بيّنتها كهرباء لبنان التي استندت إلى “الأوضاع الاقتصادية والأزمة النقدية الحالية في البلاد وحاجة الشبكة إلى الطاقة الكهربائية مما يساهم في تخفيف الأعباء الاقتصادية عن كاهل المواطنين”. ومع تأكيد الديوان أن “القاعدة العامة هي إجراء مناقصة جديدة عند انتهاء العقد الإداري”. وجاء في التقرير أن “الظروف الاستثنائية السائدة في البلاد، تبرّر ولفترة محدودة الخروج عن هذه القاعدة من أجل تأمين استمرارية المرفق العام وتحقيق فرص تأمين المزيد من الكهرباء إلى المواطنين، ولما في ذلك من انعكاس إيجابي على الوضع الاقتصادي في البلد وعلى المردود النقدي وسلامة المنشآت. علماً أن الاستثناء يبقى مقيّداً بالظروف التي أمْلَته ولفترة انتقالية محدودة”.
وبحصول المؤسسة على الرأي الاستشاري اللازم والجهوزية اللوجستية للمعملين، بات هناك حاجة ملحّة لاتخاذ قرار التشغيل.

الاعتراض في غير محلّة
تنطلق بستاني باعتراضها من ضرورة إجراء مناقصة جديدة طالما أن عقد MEP انتهى، ولا يجوز تجديده من خلال رأي ديوان المحاسبة. لكن على الأرض، فإن ديوان المحاسبة لم يجدّد العقد، بل أوصى بمواصلة تمديده، وهو ممدَّد في الأصل “مع أن الديوان ليس هو مَن يقرِّر التمديد أو عدم التمديد، وليس هو الجهة المخوَّلة إجراء المناقصات، كما أن رأيه غير ملزم”، وفق ما يؤكّده المدير العام السابق للاستثمار في وزارة الطاقة، ومحلل سياسات الشراكة بين القطاعين العام والخاص في المعهد اللبناني لدراسات السوق، غسان بيضون، والذي يتعجَّب في حديث لـ”المدن” اعتراض بستاني على رأي الديوان بالموافقة على التمديد لشركة مشغِّلة للمعملين، “علماً أن بستاني وفريقها السياسي في وزارة الطاقة، يحترف تمديد العقود من بواخر الطاقة إلى شركات مقدّمي الخدمات إلى شركات تقديم اليد العاملة الفنية لمؤسسة الكهرباء.. وغيرها من المشاريع، بحجّة تأمين الصالح العام وتفادي خطر يهدّد الاستثمار، فلماذا يُمنَع على ديوان المحاسبة اليوم الاستناد إلى الصالح العام، ولماذا يُستَبعَد رأي ديوان المحاسبة في مناقصات المحروقات التي تقوم بها الوزارة لصالح كهرباء لبنان؟”.

ومن جهته، يرحّب بيضون بقرار الديوان ويعتبر أن “التمديد يتلافى الإشكال بين MEP وكهرباء لبنان حول المستحقات المالية المتوجِّبة للشركة على المؤسسة”. أما حصر التعليق بتمديد عقد انتهى، فإن “النهج المعتمد في وزارة الطاقة أوصَلَ كهرباء لبنان إلى ما هي عليه اليوم وإلى التمديد المستمر للعقود، وبالتالي، التمديد الحالي هو قشّة صغيرة في كومة قشّ التمديد الذي تنتهجه الوزارة، فهل هناك ما هو مخفيّ خلف الاعتراض؟”.
ويؤكّد بيضون على أن ديوان المحاسبة “يترك القرار النهائي عند مؤسسة كهرباء لبنان ووزارة الوصاية، في تحديد الخيار المناسب وعلى مسؤوليّتهما بما يضمن تأمين استمرارية المرفق العام في الظروف الاستثنائية”.

دور شركة MEP
علامات الاستفهام تحمل الملف نحو احتمالات كثيرة، منها “رفض شركة MEP تشغيل المعملين بشحنة فيول مغشوش جيء بها على عجل في العام 2022″، تقول المصادر، الأمر الذي جعل الشركة تحت المجهر بانتظار أي خطوة صالحة لتسجيل النقاط ضدّها. علماً أن الشركة “لم تخالف أي قرار أو قانون”. وتلفت المصادر النظر في هذا السياق إلى أن “عقد الشركة الأساسي بدأ في العام 2017 على أن ينتهي بعد 5 سنوات، أي في بداية العام 2022. وفي العقد هناك بند يقول بامكانية التمديد لسنتين، كلّ سنة على حدة، على أن يحسم قرار التمديد قبل نهاية العقد الأساسي بثلاثة أشهر. وقبل انتهاء المهلة القانونية للعقد، أصدر مجلس النواب قانون تعليق المهل التعاقدية، واعتبرت كهرباء لبنان أن القانون ينطبق على العقد مع MEP الأمر الذي يجعل العقد نافذاً حتى شهر حزيران 2023”.
تقوم شركة MEP اليوم بعملية الحفاظ على مولّدات وتجهيزات المعملين بصورة يبقيها جاهزة للتشغيل، بانتظار القرار من كهرباء لبنان التي حصلت على الرأي الاستشاري المساند للتشغيل، طالما أن الهدف الأساس هو زيادة ساعات التغذية وإفادة المواطنين من إمكانيات موجودة في المعامل، ريثما تصبح الأرضية جاهزة لإجراء مناقصة جديدة لتشغيل وصيانة المعملين.

اضغط هنا لقراءة المقال على موقع المدن