الضرائب مدخل لزيادة الركود.. “أهلاً بالتهرّب والتهريب”

الضرائب

تواصل حكومة تصريف الأعمال الحالية، على غرار سابقاتها، سياسة الهروب إلى الأمام، من خلال رمي أعباء الأزمة الاقتصادية على عاتق اللبنانيين عبر زيادة الضرائب والرسوم. فالإصلاحات المطلوبة والخطة الاقتصادية المتكاملة تغيب عن مشروع قانون موازنة العام 2024 الذي تواصل درسه، وتُستبدل كما دائماً بمزيد من الضرائب والرسوم على اللبنانيين، الذين لا يزالون ملتزمين بالقانون وبواجباتهم تجاه دولة لا تقوم بالحدّ الأدنى من واجباتها تجاههم في مختلف المجالات.

على الرغم من التجارب الماثلة وفشل اعتماد سياسة المزيد من الضرائب والرسوم لتغطية العجز في الموازنة ورفد خزينة الدولة بمداخيل إضافية، من الواضح أن مشروع قانون الموازنة العامة للعام 2024 لا يختلف عن الموازنات السابقة على هذا الصعيد. فالعنوان الأساسي لهذه الموازنة هو زيادة الضرائب والرسوم، بل استنباط ضرائب إضافية جديدة غريبة عجيبة، في بلد يعاني من ركود اقتصادي ونموّ سلبيّ وتراجع في الناتج المحلي، ومعدلات الفقر فيه تخطت الـ80%.

رئيس المعهد اللبناني لدراسات السوق بارتيك مارديني، يشير، في حديث عبر موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، إلى أن “جزءاً أساسياً من الأزمة الاقتصادية الكبيرة التي نعيشها في لبنان يعود إلى ضعف معدل النمو الاقتصادي، بل نحن نعاني منذ سنوات من نمو سلبيّ”.

مارديني يوضح، أن “الناتج المحلي في لبنان قبل اندلاع الأزمة كان بحدود الـ45 مليار دولار، بينما اليوم لا يتجاوز الـ18 مليار دولار تقريباً. بالتالي، الطريقة الوحيدة أمام الحكومة اللبنانية من أجل زيادة مداخيلها، هي برفع الناتج المحلي ما فوق الـ18 مليار دولار ومحاولة العودة إلى معدلات ما قبل انفجار الأزمة”.

كما يؤكد، أنه “لرفع الناتج المحلي لا يجب زيادة الضرائب والرسوم، لأن ذلك يُبعد الشركات والمستثمرين. فكل من يرغب بتأسيس شركة أو الاستثمار في لبنان وتوظيف يد عاملة وضخّ دولارات في الاقتصاد، بقدر ما نقوم بتعقيد المسألة عليه وإضافة مزيد من الضرائب والرسوم، بقدر ما يعدل عن فتح شركة جديدة في لبنان”.

مارديني يحذّر، من أنه “إذا كان لا يزال لدينا بعض الشركات والمؤسسات الجيدة التي لا تزال تعمل في لبنان، على الرغم من الانهيار الحاصل والصعوبات والمشاكل القائمة المعروفة، إن قمنا بزيادة الأعباء والتكاليف التشغيلية عليها ستقفل أبوابها وترحل”.

بالتالي، “هدف السياسة الضريبية اليوم في لبنان، يجب أن يكون تحفيز النمو عن طريق تبسيط النظام الضريبي وتخفيض الضرائب”، وفق مارديني، الذي يعرب عن “أسفه الشديد لأن الاتجاه العام في موازنة العام 2024 المطروحة، هو زيادة الضرائب والرسوم إلى حدٍّ كبير جداً، بشكل أنه إذا كان لا يزال هناك أحد على استعداد لتأسيس مشاريع إنتاجية سنقوم (بتهشيله)”.

مارديني يلفت، إلى أن “هدف مشروع قانون الموازنة العامة للعام 2024 والتركيز على جباية وتحصيل ناتج محلي أكثر من 18 مليار دولار، لن يتحقق. وذلك، لأن زيادة الضرائب والرسوم ستؤدي حُكماً إلى مزيد من التهرّب الضريبي والتهرّب والتهريب الجمركي، وستنخفض مداخيل الخزينة الجمركية أكثر والشركات ستقفل وترحل”.

لذلك، يرى مارديني، أن “التوجه العام لدى الحكومة منذ بداية الأزمة واعتمادها دوماً على إضافة مزيد من الضرائب والرسوم لتعويض عجز الموازنة العامة، ثبت عدم جدواه ولم يحل المشكلة، ويحكى اليوم عن عجز في موازنة العام 2024 بحدود الـ42 تريليون ليرة. بالتالي، لدينا عجز غير مسبوق، والضرائب والرسوم المرتفعة لا تساعد على حلّ مشكلة العجز، بل سيكون لها أثر سلبي على إعادة إطلاق العجلة الاقتصادية”.

يضيف: “الموازنة العامة المقترحة للعام 2024 تركّز على الضرائب والرسوم، بدل التركيز على ترشيد النفقات والقيام بالإصلاحات المطلوبة التي ملّ اللبنانيون من تكرارها، والتي لا نزال نهرب من إقرارها عن طريق زيادة الضرائب على الناس التي لا تزال تعمل وتنتج”، محذراً من أنه “لن يبقى من يعمل ويُنتج في لبنان طالما نستمر بزيادة الضرائب على هؤلاء، فيما نغفل التركيز على الإصلاحات والمهرّبين والمتهرّبين”.

اضغط هنا لقراءة المقال على موقع القوات اللبنانية