خبير اقتصادي: الولايات المتحدة أصبحت الملجأ الآمن لرؤوس الأموال.. والاقتصاد العالمي دخل مرحلة الركود

خبير اقتصادي: الولايات المتحدة أصبحت الملجأ الآمن لرؤوس الأموال.. والاقتصاد العالمي دخل مرحلة الركود

بيروت:تبعث الأسواق حول العالم إشارات تحذيريّة من أن الاقتصاد العالمي يتأرجح على حافة الهاوية. فمسألة الركود لم تعد ما إذا كانت ستحدث، ولكن متى. وباتت عواقب الحرب الروسية الأوكرانية تشكل تهديداً مدمراً للاقتصاد، ترافق مع تخفيض «أوبك+» لحصص إنتاج النفط بشكل كبير بمقدار مليوني برميل في اليوم، وتوقع منظمة التجارة العالمية تباطؤ التجارة عام 2023، هذا عدا عن التحذير الذي أطلقه البنك الدولي من أن العالم لن يستطيع القضاء على الفقر المدقع بحلول 2030.

هذه الإشارات التحذيرية، لم تفرمل حملة بنك الاحتياطي الفيدرالي الأكثر عدوانية في تشديد السياسة النقدية لإيقاف التضخم في الاقتصاد الأميركي. حتى لو كان ذلك يعني إحداث ركود، وحتى لو كان ذلك على حساب المستهلكين والشركات خارج حدود الولايات المتحدة.

وبالتزامن مع ما كشفته شركة الأبحاث Ned Davisأن هناك فرصة لحدوث ركود عالمي بنسبة 98 في المائة، كان لـ«المجلة» حوار مع  الخبير الاقتصادي الدكتور باتريك مارديني، هذا نصّه:

* بعد الإجماع على احتمال حدوث ركود عالمي في 2023، هل ستتمكن الدول من الصمود، سيّما أن المستهلكين حول العالم بدأوا باللجوء إلى مدخراتهم؟

– الاقتصاد العالمي دخل في مرحلة الركود منذ فصول عدّة وسط غياب للنمو وارتفاع معدلات التضخم. وما حصل أنّه منذ جائحة كورونا شهدنا تخفيضا كبيرا جداً لمعدلات الفوائد في العالم وضخ كميات هائلة من النقود في السوق. الفوائد المنخفضة وعملية ضخ النقود شجّعت على الاستثمارات غير السليمة. وبالتالي فُتحت مشاريع حتى لو كانت غير جدّية ولكن على الأقل لديها تمويل. تحولّت النقود التي ضُخت إلى استثمارات وساعدت الشركات المتعثرة في مواجهة الأزمة وأنقذتها بعد عدم قدرتها على الاستمرار. ولكنّ اليوم الصورة انقشعت وتبيّن أن الأموال صُرفت في استثمارات لا تلبّي حاجات المستهلك والشعب. وهذه الاستثمارات أصبحت بحاجة لإعادة نظر أو التنظيف وهذا مترافق مع الكثير من الألم أي عدد من الشركات ستقفل أبوابها.

* ما الذي تسبّب بحالة الذعر هذه في الأسواق المالية؟

– السبب الأساسي للأزمة هو السياسة النقدية التوسعية التي حصلت خلال أزمة كورونا وضخ النقود الهائل وعجز الموازنات العامّة في معظم دول العالم من الولايات المتحدة إلى أوروبا وغيرها ما خلق اختلالا في السوق وأضاع إشاراته. وما حصل أن الأزمتين تزامنتا مع بعضهما البعض، الأزمة الأولى التضخم الناتج عن تداعيات معالجة كورونا والأزمة الثانية حرب أوكرانيا، فالشركات وجدت نفسها في مواجهة مشكلتين الأولى الغلاء المرتبط بارتفاع أسعار المحروقات والكلفة الإنتاجية وكذلك ارتفاع الفوائد لأن المصارف المركزية حول العالم تحاول ضبط التضخم. واليوم يجب أن تبدأ عملية إصلاح الخلل الذي ظهرت نتائجه من خلال ارتفاع الأسعار والخدمات، وأتى الغزو الروسي لأوكرانيا وعمّق الأزمة وفاقمها علماً أن جذور الخلل بدأت في مواجهة أزمة كورونا. والحرب خلقت أزمة في مصادر الطاقة العالمية سواء في ارتفاع أسعار النفط والغاز، الذي يدخل في التبريد والكهرباء والنقل، إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية وصولاً إلى أن أوكرانيا تعتبر بستان أوروبا في التصدير.

* كيف استطاع الدولار الأميركي أن يحافظ على قوّته؟

– الدولار قوي لأن المصرف المركزي الأميركي يقوم برفع الفوائد بشكل أنشط من الأوروبيين، وتتوقع الأسواق أن يرفع الاحتياطي الفيدرالي فوائده بشكل أقسى وأوروبا لا تستطيع أن تجاري هذا الارتفاع بسبب الحرب، كما أنّها لا يمكن أن تخنق شركاتها من جهة بالحرب ومن جهة أخرى بالفوائد، أي إن أوروبا ترفع الفوائد بأقل خشونة. ورفع الفوائد يعني أن الأموال تذهب إلى الولايات المتحدّة للاستفادة من هذا الارتفاع حيث أصبحت الولايات المتحدة الملجأ الآمن لرؤوس الأموال فيما أوروبا في عين العاصفة. 

اضغط هنا لقراءة المقال على موقع المجلة