أثبتت المركزية في قطاع الكهرباء فشلها على مدى أكثر من ثلاثين عاماً، مما دفع الخبراء إلى التأكيد على ضرورة التحول نحو نموذج جديد يعتمد على اللامركزية. يتطلب هذا التحول فتح المجال أمام حلول بديلة تمنح صلاحيات أوسع للبلديات واتحادات البلديات، بما يضمن تحسين جودة الخدمة وخفض التكاليف على المواطنين.
تستند الرؤية الإصلاحية إلى الانتقال من النموذج المركزي القائم على معامل الفيول التي تستنزف ميزانية الدولة بشراء المحروقات، وتتسبب في تلويث البيئة، وتثقل كاهل موازنة وزارة الصحة بتكاليف معالجة الأمراض الناجمة عن التلوث. يشكل هذا النموذج عبئاً اقتصادياً وبيئياً واجتماعياً لا يمكن الاستمرار فيه.
تقوم الحلول اللامركزية المقترحة على تمكين البلديات واتحادات البلديات من إدارة قطاع الكهرباء على مستوى مناطقها، بما يؤمن إمدادات كهربائية للمواطنين بكلفة أدنى وجودة أعلى واستدامة أكبر. يتضمن هذا النهج التعاون بين أصحاب المولدات الذين يمتلكون الشبكات والبنية التحتية اللازمة، وبين مشاريع مزارع الطاقة الشمسية التي يمكن للقطاع الخاص إنشاؤها بالشراكة مع البلديات.
يهدف هذا التعاون إلى الاستفادة من الموارد والبنى التحتية القائمة، مع إدخال مصادر الطاقة المتجددة والنظيفة، لتأمين الكهرباء بشكل مستدام وبأسعار معقولة. تمثل الطاقة الشمسية خياراً استراتيجياً يحقق الاستدامة البيئية والاقتصادية، ويخفف من الاعتماد على المحروقات المستوردة.
تتزامن هذه الرؤية الإصلاحية مع ولادة الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء، والتي تتحمل مسؤولية كبيرة في تسريع إقرار القوانين والتشريعات اللازمة لتنظيم القطاع بشكل فعال. تشمل مهام الهيئة تشجيع المنافسة الصحية بين مزودي الخدمة، وتحسين آليات الجباية والتحصيل، ووضع الأطر التنظيمية التي تضمن حقوق المستهلكين وتحفز الاستثمار في القطاع.
يمثل الانتقال إلى النموذج اللامركزي فرصة حقيقية لإعادة بناء قطاع الكهرباء على أسس سليمة، تجمع بين الكفاءة الاقتصادية والاستدامة البيئية والعدالة الاجتماعية، وتضع حداً لعقود من الإخفاق والهدر في موارد الدولة.