في ظل الظروف الاقتصادية والمالية الصعبة التي يمر بها لبنان، تسعى الحكومة إلى معالجة الوضع المصرفي عبر مشروع قانون يُعنى بهيكلة المصارف وتنظيم أوضاع القطاع المالي في البلاد، إلا أن هذا القانون لا يهدف إلى معالجة الفجوة المالية بشكل مباشر، بل يركز على تسوية أوضاع المصارف المتعثرة وإيجاد حلول للأزمة المالية التي طالت العديد من المؤسسات المصرفية.
وعلى الرغم من أن إجراءات إعادة الهيكلة ستكون غير إلزامية، فإن القانون يهدف إلى وضع المصارف غير المستوفية للشروط تحت خيارات تشمل الدمج أو الإغلاق، في خطوة تهدف إلى تحسين الوضع العام للقطاع المصرفي في لبنان، ومع ذلك، تبقى تحديات ضخّ الأموال، واستعادة الثقة، وتأمين حقوق المودعين من القضايا الأساسية التي تتطلب جهودًا مضاعفة لتحقيق استقرار مالي حقيقي.
في هذا السياق، قال الخبير المالي والاقتصادي الدكتور باتريك مارديني: “إذا أردنا الحديث عن هذا القانون المتعلق بهيكلة المصارف، نجده يضع إطارًا عامًا للتعامل مع المصارف المتعثرة، لكنه لا يعالج بشكل مباشر أزمة الودائع الراهنة في لبنان.”
وأضاف “:حاليًا، الحد الأقصى لضمان الودائع هو 75 مليون ليرة لبنانية، أي ما يعادل أقل من ألف دولار حوالي 800 دولار. وفقًا للقانون، يبقى هذا الضمان محدودًا، فيما يتم توزيع الخسائر على حملة الأسهم أولًا، ثم على المودعين.”
وأشار لـ موقع VDLNews”” إلى أن “طريقة توزيع الخسائر بين المودعين غير محددة بشكل واضح؛ فالقانون ينص على التوزيع بالتناسب مع حجم الوديعة، لكنه في الوقت ذاته يترك المجال لتطبيق آليات مختلفة، كما لا يحدد نسبة معينة للخسارة التي سيتحملها المودعون، بل يترك ذلك للتقييمات المستقبلية.”
وشدّد على أن “أبرز ما في هذا القانون هو أنه لا يتعامل مع الفجوة المالية الحالية، بل يُحدّد كيفية تصفية القطاع المصرفي بشكل عام، فهو يوضح آلية تقييم المصارف لتحديد إمكانية استمرارها أو إغلاقها، بالإضافة إلى المعايير المفروضة في هذا السياق.”
وتابع مارديني: “يمكننا القول إن القانون يقدم إجراءات عملية لتقييم المصارف، مثل الدمج أو التصفية أو زيادة رأس المال، لكنه لا يتناول سبل معالجة أزمة الودائع الحالية، لذا، فإن هذا القانون بحد ذاته لن يُعالج الفجوة المالية.”
ورأى أن “القانون يضع قواعد عامة لكنه لا يعيد أموال المودعين أو يعالج الفجوة المالية بشكل مباشر، بل يهدف بالأساس إلى سد الفراغ التشريعي في ما يتعلق بالتعامل مع تعثر المصارف، نظرًا لعدم وجود آلية واضحة لذلك في التشريع اللبناني الحالي.”
وأكد أن “في حال تعثر مصرف ما، يحدد القانون الإجراءات الواجب اتباعها، بما في ذلك ما يخصّ حملة الأسهم والسندات والمودعين، بالإضافة إلى دور مؤسسة ضمان الودائع، التي تتحمل جزءًا من الخسارة ضمن سقف محدد، ثم يتحمل المودعون الجزء المتبقي.”
وأضاف: “القانون يتضمن مبادئ عامة حول كيفية تنفيذ عمليات الدمج أو التصفية، ويتناول أيضًا دور لجنة الرقابة على المصارف، وآلية تقييم الأصول، وكيفية دخول المصفّي في العملية. هدفه الأساسي هو تحديد أسس إعادة هيكلة المصارف المتعثرة، لكنه لا يعالج بشكل دقيق الأزمة المالية الحالية.”
واختتم بالقول: “باختصار، هذا القانون يُحدد إجراءات عامة ولا يخوض في تفاصيل معالجة الأزمة المالية أو توزيع الخسائر بين المودعين في هذه المرحلة. كما أنه لا يقدم حلولًا مباشرة لاستعادة أموال المودعين، بل يُعنى بتحديد آلية التعامل مع المصارف المتعثرة وإعادة هيكلتها.”