زيادة الحد الأدنى للاجور في لبنان “امر معقد جدا

يشهد البلد اليوم أزمة اقتصادية خانقة منذ عام 2019، ولم يسجل أي نمو إيجابي منذ ذلك الحين، بل استمر الإنتاج في التراجع. العديد من الشركات أغلقت أبوابها أو سرّحت موظفيها، بينما تسعى الشركات الباقية للاستمرار عبر دفع رواتب منخفضة. وبالتالي، فإن رفع الحد الأدنى للأجور سيؤدي إلى مزيد من الإغلاق، لأن المداخيل الحالية غير كافية لتغطية التكاليف. فعلى سبيل المثال، إذا كان متجر صغير لديه ثلاثة موظفين، يدفع لكل منهم 200 دولار، فيكون مجموع الرواتب 600 دولار، في حين أن مدخوله 800 دولار. عند رفع الحد الأدنى للأجور إلى 300 دولار، ستزداد الرواتب إلى 900 دولار، وهو مبلغ لا يستطيع تحمله، مما يجبره على تسريح بعض الموظفين أو الإغلاق. هذه الظاهرة تكررت كلما زيد الحد الأدنى للأجور، حيث ترتفع معدلات البطالة، لا سيما بين الفئات الفقيرة التي تعتمد على هذه الرواتب المحدودة. من جهة أخرى، تؤثر هذه الزيادة على الشباب حديثي التخرج الذين يقبلون برواتب منخفضة لاكتساب الخبرة، مما يتيح لهم مستقبلاً تحسين أوضاعهم. إذا فُرض حد أدنى مرتفع، لن يتمكنوا من دخول سوق العمل، ما يهدد فرصهم المهنية. كذلك، يؤدي ارتفاع الأجور إلى زيادة أسعار السلع والخدمات، مما يسبب تضخماً يلتهم القدرة الشرائية للموظفين. ينعكس ذلك سلباً على تنافسية الشركات، إذ ترتفع تكلفة الإنتاج، ما يقلل من قدرتها على التصدير ويجعل السلع المحلية أقل قدرة على منافسة المستوردة. لذلك، ليس الحل في فرض حد أدنى للأجور، بل في تعزيز الإنتاجية والنمو الاقتصادي، كما تفعل دول مثل الدنمارك والسويد وفنلندا، حيث يُترك تحديد الرواتب للاتفاق بين أصحاب العمل والموظفين. أما في القطاع العام، فإن رفع الأجور دون موارد مالية كافية سيؤدي إما إلى تمويلها عبر طباعة العملة، مما يسبب انهياراً في سعر الصرف، أو من خلال أموال المودعين المتبقية، وهو أمر غير مقبول. في ظل غياب موارد حقيقية، لا يمكن زيادة الأجور إلا من خلال تحفيز الإنتاج وخلق المزيد من الفرص الاقتصادية.

اضغط هنا لمشاهدة المقابلة كاملة على موقع صوت لبنان