موضوع الساعة اليوم هو موضوع حاكمية مصرف لبنان وتعيين حاكم جديد للمركزي، وهو خيار سيتخذه رئيس الجمهورية جوزاف عون، ولذلك يرى مدير المعهد المالي لدراسات السوق الخبير الإقتصادي الدكتور باتريك مارديني، أن كل النقاش الدائر اليوم، يهدف للتأثير على الخيار الذي سيتخذه الرئيس.
ومن دون الدخول في تفاصيل الأسماء والقوى السياسية الداعمة للمرشحين، يتحدث الدكتور مارديني لـ”ليبانون ديبايت”، عن طرحين مؤثرين في عملية اختيار حاكم المركزي، ويتعلقان بملف الودائع:” الأول هو طرح قريب لصندوق النقد يتحدث عن شطب للودائع ولكن يحمل المسؤولية للمصارف بمعنى أنه يحكي عن شطب مصارف، وطرح آخر يسوّق له طرف آخر يريد شطب الودائع من دون شطب المصارف، وهذا هو النقاش في البلد اليوم. إلاّ أن اللافت وفق مارديني، هو أن “الطرفين يتهمان بعضهما بشطب الودائع وهو اتهام صحيح لأن الطرفين يريدان شطب الودائع والخلاف هو ما إذا كانت هذه العملية ستؤدي بطريقها إلى شطب المصارف أم فقط سيتم شطب الودائع”.
ومن هنا، فإذا كان ما يُحكى عن عفو عام مالي يتناول عفواً عاماً عن الودائع، فإن الإتجاه العام، يكشف مارديني، يميل نحو هذا الإحتمال ولكن يبقى السؤال ما إذا كان “سيتم تحميل المصارف المسؤولية بمعنى شطبها مع الودائع أم عدم تحميلها المسؤولية وبالتالي إعفائها؟”
وعن الفارق بين الطرحين، فيقول مارديني إن “القريبين من صندوق النقد الدولي يجاهرون بالحقيقية ويقولون إنهم يريدون شطب الودائع أو جزء منها وتحميل المصارف المسؤولية، بينما الطرف الذي يرفض شطب المصارف ويوافق على شطب الودائع ليس صريحاً خلافاً للطرف الأول”.
وفيما يأسف مارديني لعدم وجود طرح ثالث اليوم، فهو يكشف عن “خيار أو طرح ثالث يقوم على مسارات ثلاث ويؤمن به، ويقضي بإعادة الودائع فعلاً ليس فقط بالموقف”، مؤكداً أنه على “أي حاكم جديد للمركزي أن يلتزم بإعادة الودائع بالتعاون والتكافل مع الحكومة”.
ويحدد مارديني المسارات الثلاثة التي ستسير بالتوازي لإعادة الودائع كالآتي:
“أولاً: في العام 2024 سُجّل فائض في الموازنة العامة، وهو ما جعل من حساب الحكومة في مصرف لبنان يحتوي على 4 أو 5 مليار دولار بسبب المداخيل المرتفعة، وبالتالي فإن المحور الأول يقوم على استخدام الحكومة هذا الفائض من أجل تسديد سندات اليووبوند التي يحملها مصرف لبنان، بمعنى أن هذه المليارات ستبقى في مصرف لبنان ولكن لن تكون ملكاً للحكومة إنما للمركزي، وبالتالي تكون الحكومة قد ردت ديونها لمصرف لبنان، وخفضت دينها ما سيعطي إشارة قوية حول جديتها للأسواق العالمية.
والأبرز في هذا المسار أن المصرف المركزي يستطيع استخدام هذه الأموال من أجل تسديد جزء من ودائع المصارف في مصرف لبنان ولكن شرط أن يُلزم المصارف بدفعها للمودعين”.
ويتحدث مارديني عن “تحسين نسبة استرجاع الودائع”، موضحاً أن “مواصلة الحكومة بإنتاج فائض في الموازنة، سيحسّن نسب الإسترجاع، لأن هذا الأمر كفيل برفع قيمة الشيك المصرفي لدى تصريفه في السوق من 20 بالمئة إلى 40 أو 70، وهو ما سيزيد من نسبة استرداد الودائع”.
وعن المحور الثاني يقول مارديني إنه “يتحدد بأرباح المصارف، إذ يجب رد المصارف إلى العمل وليس شطبها، على أن تبقى الودائع ديوناً عليها ومن خلال تقسيطها، وذاك عبر تعديل قانوني يسمح للمصارف بمنح القروض وفتح الحسابات وتحقيق الأرباح، على أن تدفع نسبةً منها لتسديد الودائع، وبالتالي فإن المصارف التي تحقق أرباحاً سريعة تسدد بشكل سريع ديون مودعيها”.
ويضع مارديني المحور الثالث لدى المصرف المركزي، معتبراً أنه “جزء من المشكلة لأنه بدد أموال المودعين في المصارف ولا يستطيع إعادتها اليوم، ولذلك عليه تقسيط هذه الودائع ولكن ليس عبر تليير الودائع ورفع التضخم إنما من خلال تحقيق أرباح عن طريق إنشاء مجلس نقد أو سياسة نقدية تشبه ما يقوم به وسيم منصوري حالياً، أي أنه لا يُقرض الحكومة ولا المصارف، ولا يضخّ الليرة في السوق أو يشتري الدولار إلاّ على سعر صرف ثابت، وفي هذه الحالة، سيزيد الإحتياطي لدى المركزي بشكل سريع وسيوظفه بسندات خزينة خارجية آمنة طويلة الأمد وتعطي عائدات منخفضة، ومن خلالها يقوم بتقسيط جزء من أموال المودعين”.
ويخلص مارديني إلى أن ما يطرحه من مسارات يهدف إلى “تحسين نسب استرداد الودائع، أي ليس أبيض أو أسود، بمعنى أنه خيار وسطي يرتكز إلى ربط إعادة الودائع بالنمو الإقتصادي وتحريك عجلة الإقتصاد وعودة المصارف لتمويل الإقتصاد، لأن هذا سيرفع نسب استرداد الودائع ولكن إذا بقي النمو ضعيفاً، فإن كل الأطراف ستخسر”.
اضغط هنا لقراءة المقال على موقع ليبانون ديبايت
بين شطب الودائع أوالمصارف: مسار وسطي برسم حاكم مصرف لبنان الجديد!
