تفاءلت شريحة قليلة من اللبنانيين وعلى رأسها شركات باستقرار الوضع السياسي والأمني وفوائد عروض المصارف وقررت الاستفادة منها، في حين أن الفئة الأكبر من اللبنانيين لا تزال ترى أن هذه العملية تحمل في طياتها مخاطر واضحة، خصوصاً أن قضية أموال المودعين لا تزال عالقة في أروقة المصارف والمؤسسات المالية. يتطلب الوضع الراهن إعداد موازنة جديدة تعتمد على فائض غير مرتكز على زيادة الضرائب، بل على العكس تماماً، تستند إلى تخفيض الضرائب بهدف زيادة الإيرادات وتشجيع الاستثمار في مختلف القطاعات الاقتصادية. وفي ظل الظروف الحالية، لن تتوفر القدرة على الانتقال إلى المرحلة الثانية المتمثلة في تحديد خطة العمل الشاملة للقطاع المصرفي وإعادة هيكلته. تجدر الإشارة إلى أن هاتين المرحلتين الأساسيتين لا يمكن تنفيذهما على أرض الواقع دون وجود سياسة نقدية جدية وصارمة خالية من أي نوع من الاستنسابية والمحسوبيات، إذ أنه طالما المصرف المركزي مضطر لتمويل الحكومة في حالات الطوارئ المتكررة، ستستمر الحكومة في طلب التمويل متذرعة بوجود حالات طوارئ مستجدة. سيؤدي هذا النهج حتماً إلى تكرار السيناريو الذي شهدناه ليس فقط في عام 2019، بل في الأعوام التي تلته 2020 و2021 و2022 و2023، مع ما رافق ذلك من تداعيات اقتصادية ومالية واجتماعية خطيرة. وعلى الرغم من أن التفاؤل ممكن وقد تتحسن الأمور بشكل ملحوظ في المستقبل، إلا أنه حتى اللحظة الراهنة لا تلوح في الأفق أي بوادر جدية وملموسة على أرض الواقع تشير إلى إمكانية تحقيق الإصلاحات المطلوبة في المدى المنظور.