لا يختلف اثنان على ثقل التركة على كاهل العهد الجديد في لبنان على مختلف المستويات، ومن ضمنها المستوى الاقتصادي الذي أفرد له رئيس الجمهورية جوزف عون في خطاب القسم حيزا مهما استوقف الخبراء الاقتصاديين والماليين، فما أبرز التحديات الاقتصادية أمام العهد الجديد؟
[…]
مدير المعهد اللبناني لدراسات السوق الخبير الاقتصادي د.باتريك مارديني قال من جهته لـ «الأنباء»: «المطلوب أولا من العهد الجديد الحفاظ على استقرار سعر صرف الليرة الذي بدأ في العام 2023، وهذا تحد كبير بالنظر إلى مؤشرات حالية غير مشجعة. وهذا الحفاظ ممكن من خلال الاستمرار في سياسة تخفيض حجم الكتلة النقدية، أو على الأقل السيطرة عليها بعدم طباعة الليرة وعدم قيام المصرف المركزي بإقراض الحكومة أي أموال لا بالليرة ولا بالدولار».
أما التحدي الثاني، بحسب مارديني، فهو «مالية الدولة أو الموازنة العامة، بعدما سبق للحكومة أن أقرت موازنة فيها عجز». وقال «السؤال هو حول مصدر تمويل هذا العجز، وما إذا كان من خلال المساعدات الخارجية أو من خلال المصرف المركزي، لأنه في الحالة الثانية سنكون أمام خطر انهيار سعر صرف الليرة». ورأى أنه «ما عاد بإمكان الدولة اللبنانية إقرار موازنات فيها عجز، لأن إقرار موازنة متوازنة لا عجز فيها يثبت الاستقرار الذي كان بدأ لبنان يشهده أواخر العام 2023، من هنا فإن كبح جماح الإنفاق العام هو حجر الزاوية في الاستقرار النقدي والمالي».
وتوقف د.مارديني عند المنتظر من إصلاحات، فأشاد بما «تضمنه خطاب القسم من رسم للتوجه العام في هذا الإطار»، مشددا على «ضرورة توفير مروحة دعم لتنفيذ هذه الأجندة»، وأضاف «من غير المقبول حصول اللبنانيين على خدمات بهذا القدر من السوء وبكلفة مرتفعة، وهذا أمر يحتم تفكيك الاحتكارات كاحتكار الدولة الكهرباء والاتصالات والإنترنت والنقل الجوي والمياه والنفايات، وبالتالي فتح الباب أمام المنافسة. في موازاة ذلك، يجب استكمال هذه الإصلاحات باللامركزية، كأن يصار إلى تعيين هيئة ناظمة لمؤسسة كهرباء لبنان، لإعطاء تراخيص تسمح بدخول شركات إلى هذا القطاع لحل أزمة الكهرباء، على أن يسمح بالتوازي للبلديات بإعطاء تراخيص كهرباء على المستوى المحلي».
وتحدث مارديني عن «تحد آخر جيوستراتيجي له علاقة باعتماد لبنان على التجارة مع دول الخليج العربي والتي تتم عن طريق سورية»، وأكد «ضرورة إعادة تفعيل العلاقة مع الدول الخليجية وإصلاح العلاقة مع سورية». وفي موضوع الإعمار، قال إن «لبنان مع وجود رئيس جديد يمكن أن يحوز اهتماما أكبر من المجتمع الدولي للمساعدة على إعادة الإعمار وجذب الاستثمارات، على أن يثبت لبنان بالتوازي للمجتمع الدولي أن هذه الأموال التي ستنفق لن تذهب إلى مشاريع فساد وإنما ستصل إلى المكان الذي يجب أن تصل اليه. وهذا الأمر يحتم إصلاح الطريقة التي يتم من خلالها الشراء العام، وهذا تحد كبير لأن أحزابا سياسية كثيرة تنتفع عبر تلزيم المحسوبيات».
وبالانتقال إلى الأزمة المصرفية، ذكر د.مارديني أن «علاجها يتضمن دعما تقنيا من صندوق النقد الدولي من أجل إعادة هيكلة القطاع المصرفي، ملحقة بإعادة هيكلة الدين العام لإقفال هذا الملف، بالنظر إلى كون المصارف أقرضت الحكومة ومصرف لبنان، والقطاع العام أنفق هذه الأموال التي هي أموال المودعين، وهو يتخلف عن سداد ديونه للمصارف والمستثمرين الدوليين»، وأضاف «هذه مشكلة كبيرة لأن حجم الخسائر يقدر بـ80 مليار دولار، لذا فإن إعادة هيكلة القطاع المصرفي ستكون قاسية، وهذا الملف سيكون الأصعب في ظل عوائق كثيرة، طالما أن المودعين يرفضون خسارة أموالهم وهم على حق، والمصارف تلقي المسؤولية على الدولة فيما الدولة تقول إنها لا تملك الأموال لردها، فمن تراه يهيكل من؟ وفي كل الأحوال، أنا مع إعادة التفاوض مع صندوق النقد الدولي وإعادة النظر في الاتفاق الذي كان اتفاق إذعان وشروطه قاسية على لبنان، من أجل التوصل إلى اتفاق جديد وتنفيذ بنوده للسير في العجلة الإصلاحية».
اضغط هنا لقراءة المقال كاملًا على موقع جريدة الأنباء الكويتية