كما في السياسة والأمن، كذلك في الإقتصاد، يتأثر لبنان بكل ما يجري في سوريا بحكم الجاذبية من كل النواحي العلمية كما العملية، وعليه لا بدّ أن يتأثر لبنان واقتصاده بشكلٍ خاص بكل الترددات الناجمة عن سقوط نظام بشار الأسد في البلد المجاور.
وفي الوقت الذي لا تزال فيه الأوضاع السورية غير مستقرة، فإن انعكاساتها الإقتصادية لم تتبلور بعد وهي تتوزع على عدة عناوين ويحددها مدير المعهد اللبناني لدراسات السوق الدكتور باتريك مارديني، بثلاثة: خطوط نقل البضائع وحركة الإستيراد والتصدير، والعقوبات الدولية على سوريا وحركة التهريب من وإلى لبنان.
وفي حديثٍ ل”ليبانون ديبايت”، يتحدث الدكتور مارديني عن أن الحرب في سوريا وتشنّج العلاقات اللبنانية مع النظام السوري السابق، كان قد أدى إلى تخريب خطوط نقل البضائع اللبنانية وإلى تراجع الحركة وارتفاع كلفة التصدير براً عبر الأراضي السورية.
ومن أبرز انعكاسات هذا الواقع، يوضح مارديني، هو تراجع حركة التصدير براً إلى دول المنطقة وارتفاع كلفتها، كما اقتصار الإستيراد على خطوط أخرى، بعدما تعثرت براً رغم بعض المعالجات الطفيفة في العام 2023.
وبالتالي، يرى مارديني أن عودة حركة الإستيراد كما التصدير إلى ما كانت عليه قبل العام 2011، ستنعكس بشكل إيجابي على الإقتصاد المحلي حيث أن أسعار المواد الأولية للصناعات كافة ستتراجع بشكل كبير كما ستنخفض أسعار السلع المصنعة محلياً وستتراجع كلفة تصديرها، ما سينعكس إيجاباً على الواقع الإقتصادي.
لكن هذا التطور لن يتحقق، يستدرك مارديني، في حال بقيت حالة عدم الإستقرار في سوريا، لأنه عندها ستقتصر حركة الإستيراد والتصدير من لبنان إلى الخارج على البحر.
أمّا على صعيد حركة التهريب، فيلفت مارديني إلى أنها كانت ناشطة من سوريا إلى لبنان بسبب عدم ضبط الحدود، حيث كان المهربون يُدخلون البضائع من سوريا من دون المرور بالجمارك ودفع الرسوم الجمركية، ما انعكس خسارةً للخزينة اللبنانية، كما إلى منافسة الشركات المحلية التي تعمل بشكل شرعي، خصوصاً وأن السلع المهرّبة كانت تنافس السلع المستوردة بطريقة شرعية من حيث الأسعار، وظهر ذلك خصوصاً في مجال الإلكترونيات، حيث أدى إلى إفلاس بعض الشركات القانونية لمصلحة الشركات غير القانونية، وصولاً إلى تعاظم الإقتصاد غير الشرعي على حساب الإقتصاد الشرعي.
وعليه، يؤكد مارديني أن تراجع التهريب سينعش الإقتصاد الشرعي ويحقق المكاسب للخزينة بفعل زيادة نسبة الرسوم الجمركية جراء الإلتزام بالقوانين، كما سيؤدي إلى تراجع حجم الإقتصاد غير الشرعي وتطور الحركة الإقتصادية الشرعية.
والأبرز، وفق ما يؤكد مارديني، سيظهر على مستوى العقوبات على سوريا، إذ أن عقوبات “قيصر”، قد سبق وعرقلت خطوط إمداد لبنان في السابق بالغاز من مصر أو الأردن، وبالتالي، إذا قرر المجتمع الدولي إعطاء فرصة للنظام الجديد في سوريا والتخفيف من العقوبات، سينعكس هذا الأمر إيجاباً على لبنان، حيث سيتمكن من استيراد الغاز من مصر والكهرباء من الأردن.
اضغط هنا لقراءة المقال على موقع ليبانون ديبايت