ارتفعت أسعار سندات اليوروبوندز في الأسواق الدولية إلى 8.6 سنتًا للدولار الواحد، بعد أن كانت 6.5 سنتًا منذ نهاية سبتمبر الماضي. ارتفاع أسعار سندات اليوروبوندز يأتي بعد انخفاض كبير منذ إعلان الدولة اللبنانية التخلف عن سداد الديون في مارس 2020. يمكن تقسيم ما حدث إلى ثلاث نواحٍ أساسية: سياسية، تقنية، وعنصر المضاربة.
من الناحية السياسية، لبنان منذ حرب تموز 2006 وهو في وسط صراع إسرائيلي إيراني غير مباشر، مما حرم البلاد من تحقيق العديد من الإصلاحات الاقتصادية وفوت العديد من الفرص، كان آخرها الاتفاق مع صندوق النقد الدولي. لم يستفد لبنان من اتفاقية سيدر أو مؤتمر سيدر لدعمه بـ 11 مليار دولار، كما أحجمت العديد من الدول الصديقة عن تمويله. اليوم، يمكن أن تكون الأسواق قد قرأت التغيير السياسي كتقدم لمصلحة أمريكا، مما قد يترجم في المستقبل القريب إلى اتفاق سياسي على رئاسة الجمهورية وحكومة فاعلة، وإعادة هيكلة الديون السيادية وتحقيق الإصلاحات المطلوبة.
في الشق التقني، لبنان تخلف عن سداد ديونه في مارس 2020، والدائنون الدوليون لديهم مهلة خمس سنوات للمطالبة بالفوائد، تنتهي في مارس 2025. في حال عدم إعادة هيكلة الديون، قد يرفع الدائنون دعاوى على لبنان أمام محاكم نيويورك، مما سيحرم البلاد من الفوائد. كلما اقتربنا من استحقاق الفوائد دون إعادة هيكلة، زاد الأمل برفع دعاوى على لبنان، مما قد يحكم لصالح الدائنين الدوليين ويكبد الدولة تسديد قيمة الفوائد بين 50 و70% من قيمتها الحقيقية.
هذا قد يشجع المضاربين الدوليين على شراء السندات اللبنانية لتحقيق مكاسب كبيرة، خصوصًا أن سعرها يتراوح بين 7 و8 سنتات للدولار. منذ تخلف لبنان عن سداد ديونه، أصبحت هناك شهية لصناديق الاستثمار العالمية الكبيرة لشراء هذه السندات، مثل بلاك روك وجي بي مورغان وفيدلتي للتأمين وأشمور. في المقابل، المصارف اللبنانية التجارية التي كانت تملك النسبة الأكبر من هذه السندات قبل الانهيار الاقتصادي، عمدت إلى بيعها لتأمين السيولة ولأن مصرف لبنان المركزي فرض عليها أخذ مؤونات بنسبة 40%.
اليوم، قد تكون المصارف اللبنانية تبيع أو تسيل بعض من هذه السندات لتأمين السيولة، خصوصًا أنها ملزمة بإعادة أموال المودعين عبر تعميمين أساسيين هما 158 و166 بالدولار الأمريكي. الاقتصاد اللبناني دفع فاتورة كبيرة بسبب هذه الحرب، ولا خيارات أمام الحكومة لتوفير التمويلات اللازمة لإدارة الحالة الطارئة حاليًا في لبنان. كل ما جمعته من أموال خلال السنتين الماضيتين بمبلغ يصل إلى 6 مليارات دولار، هناك مخاطر كبيرة بصرفه بالليرة اللبنانية، مما سيشكل خطرًا على سعر الصرف. مصرف لبنان المركزي يتخذ مجموعة من التدابير لتوسيع الاستفادة من تعاميم سحب الودائع بالدولار وزيادة ضخ الدولار في السوق لخلق توازن بين الإنفاق بالليرة اللبنانية وزيادة الطلب على الدولار.