موازنة لبنان 2025: عودة العجز وتحديات الإصلاح الاقتصادي

في ضوء الأزمة الاقتصادية التي يواجهها لبنان، تستعد الحكومة لتقديم موازنة لعام 2025 قبل نهاية 2024، مما يعد خطوة إيجابية من حيث الالتزام بالمهل الدستورية. إلا أن هناك تحديات كبيرة تتعلق بدقة الأرقام المعروضة، حيث تعتمد الموازنة على أرقام قد تكون غير واقعية، خاصة أن قطع الحساب لم يُدقق بعد. بناءً على هذا، لا توجد أرقام دقيقة للإيرادات والضرائب المحصلة في السنوات الماضية.

تعود النقطة الأبرز في موازنة 2025 إلى عودة العجز بعد أن تم تصفيره في السنة الماضية. تخطط الحكومة لعجز قدره 17 تريليون ليرة لبنانية، مما يثير التساؤلات حول كيفية تمويل هذا العجز. يجد لبنان، الذي تخلف سابقًا عن دفع ديونه، صعوبة في الوصول إلى الأسواق المالية العالمية. الخيار الوحيد المتاح قد يكون العودة للاقتراض من المصرف المركزي، وهو ما يثير مخاوف بشأن تكرار الأزمة الاقتصادية التي نشأت عن السياسات السابقة، حيث أدت إلى انهيار سعر صرف الليرة اللبنانية واستنزاف احتياطي المصرف المركزي.

تواجه النظام المصرفي في لبنان تحديات كبيرة، خاصة أن العمليات المالية أصبحت تعتمد بشكل أكبر على التعاملات النقدية، مما يجعل من الصعب تطبيق المعايير الدولية الخاصة بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب. يعمل المصرف المركزي على توسيع نطاق التدقيق ليشمل القطاعات غير المصرفية مثل العقارات والمعادن الثمينة، ولكن التحديات لا تزال كبيرة.

تفتقر الموازنة التي يتم مناقشتها إلى رؤية إصلاحية واضحة، ولا تقدم حلولاً ملموسة للنهوض بالاقتصاد. يجب أن تأتي معالجة العجز عبر خفض النفقات العامة، وإعادة هيكلة القطاع العام، وتشجيع الاستثمارات الخاصة في قطاعات مثل الكهرباء والاتصالات. يتطلب الوضع الاقتصادي الراهن في لبنان اتخاذ خطوات جريئة وشاملة لتحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي. يجب أن تشمل هذه الخطوات تحسين إدارة الموارد المالية، وتعزيز الشفافية والمساءلة في جميع القطاعات الحكومية. يتطلب الأمر أيضًا تعزيز التعاون مع المؤسسات المالية الدولية للحصول على الدعم الفني والمالي اللازم.

تعتبر الإصلاحات الهيكلية في القطاع العام ضرورية لتحقيق الاستدامة المالية. يجب أن تشمل هذه الإصلاحات تحسين كفاءة الإنفاق الحكومي، وتقليل الهدر، وتعزيز الإيرادات من خلال تحسين نظام الضرائب. يجب أن تركز الجهود أيضًا على تعزيز القطاع الخاص كونه المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي. يتطلب ذلك تحسين بيئة الأعمال، وتسهيل الإجراءات البيروقراطية، وتقديم حوافز للاستثمار في القطاعات الحيوية مثل الطاقة والبنية التحتية.

 يتطلب الوضع الاقتصادي في لبنان اتخاذ إجراءات عاجلة وشاملة لتحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي. يجب أن تكون هذه الإجراءات مدعومة بإرادة سياسية قوية وتعاون وثيق بين جميع الأطراف المعنية لتحقيق الأهداف المرجوة.