أُلغيت حفلات ضخمة في لبنان كانت مقررة في الثالث والثامن والعاشر من آب بسبب الظروف الأمنية. كانت هذه الحفلات ستضم نجوماً بارزين منهم الفنان المصري تامر حسني والفنانة السورية أصالة، إضافة إلى نجوم لبنانيين. يثير هذا الإلغاء تساؤلات حول تأثيره على الحركة الاقتصادية وحركة المغتربين الذين يحجزون خصيصاً لحضور هذه الفعاليات.
تجدر الإشارة إلى أن الحفلات في لبنان ما كانت لتقام لولا وجود مغتربين قادرين على حضورها. يترتب على إلغاء هذه الحفلات تأثير مزدوج: أولاً، خسارة العائد الاقتصادي الذي كانت ستحققه هذه الفعاليات، والتي كانت ستوفر فرص عمل للعديد من الأشخاص والشركات المنظمة. ثانياً، بدأ المغتربون بإلغاء حجوزاتهم، خاصة للمتبقي من موسم صيف 2024، مع استعداد الموجودين منهم لمغادرة لبنان.
يشكل هذا الوضع تراجعاً في الاقتصاد، خاصة أنه كان من المتوقع وصول عدد السياح بنهاية هذا الصيف إلى حوالي 1.5 مليون سائح، بمعدل 500 ألف سائح شهرياً، وبمتوسط يومي يتراوح بين 14 إلى 15 ألف وافد.
يواجه الاقتصاد اللبناني اليوم تحديين أساسيين: حالة عدم اليقين وخسارة الفرص البديلة. فعدم وضوح الوضع الأمني وإمكانية تطور الحرب يؤدي إلى تردد السياح والمستثمرين. ينعكس هذا الأمر سلباً على القطاع الفندقي، وارتياد المطاعم، والاستهلاك بشكل عام، حيث يصبح المواطنون أكثر حرصاً على الادخار.
من الجدير بالذكر أنه لا يمكن الحديث عن اقتصاد مزدهر في غياب الأمن والأمان. فالسياح والمغتربون لن يأتوا إلى بلد يفتقر إلى الاستقرار. لوحظ أن مجرد التهديد بضربة عسكرية دفع الكثيرين إلى التفكير في مغادرة لبنان، مما يؤثر سلباً على الاقتصاد.
كان لبنان يُعرف بكونه واجهة الشرق، يقصده أهم الفنانين الأجانب خلال فصل الصيف لإحياء الحفلات، مما كان ينتج عنه حركة اقتصادية ملفتة. لكن هذه الصورة بدأت تتغير تدريجياً مع إلغاء أو تأجيل العديد من هذه الفعاليات بسبب الظروف الأمنية الراهنة.
يعيش اللبناني في حالة من عدم الاطمئنان للوضع الأمني، متخوفاً من احتمال تطور الحرب. نتيجة لذلك، أصبح أكثر حرصاً على توفير احتياجاته الأساسية وادخار ما أمكن للأيام الصعبة. هذا السلوك الاستهلاكي الحذر يؤثر بدوره على الدورة الاقتصادية في البلاد.
في ظل هذه الظروف، يصبح من الصعب التنبؤ بمستقبل الاقتصاد اللبناني. فاستمرار حالة عدم اليقين وغياب الأمن والاستقرار قد يؤدي إلى مزيد من التراجع في مختلف القطاعات الاقتصادية، خاصة تلك المرتبطة بالسياحة والترفيه. يبقى الأمل معقوداً على إيجاد حلول سريعة للأزمات الأمنية والسياسية، مما قد يساهم في إعادة الثقة وتحفيز النمو الاقتصادي من جديد.