السيناريوهات المطروحة حول مشكلة الكهرباء قد تكون سيناريوهات تهديد بالعتمة الشاملة

الكهرباء

السيناريوهات المطروحة حول مشكلة الكهرباء اليوم يمكن وصفها ب” سيناريوهات التهديد بالعتمة الشاملة” التي تتكرر بهدف الابتزاز؛ وقد اعتدنا عليها
من واقع تجارب الوزارة والمؤسسة ومتابعتها أستطيع القول انهم دائماً يتركون العقود التي تؤمن حاجات الاستثمار من دون تجديد حتى آخر لحظة لفرض أمر واقع تحت التهديد بالخطر على الاستثمار، ووقفه وذلك بغاية تمرير مناقصة مخالفة للأصول أو تمديد حالة قائمة شاذة كعقود اليد العاملة أو التشغيل والصيانة على سبيل المثال، أو تأمين المحروقات، بينما بالإدارة الحكيمة والنزيهة والشفافة تفترض إطلاق آلية تأمين حاجات الاستثمار في المؤسسة قبل فترة كافية تتناسب مع المدة اللازمة لإجراء المناقصات واستدراجات العروض والتلزيم، لذلك عندما نراجع تاريخ المؤسسة وخلفها وزارة الوصاية نلاحظ تكرار ظاهرة التهديد بوقف الاستثمار والتهديد بالعتمة الشاملة.
ونذكر في هذا المجال بحالات وصول البواخر المحملة بشحنات المحروقات التي لطالما تكررت ومنذ عقود لتمرير الـ”فيول مغشوش”، بحيث كانت تتوقف البواخر قبالة معمل دير عمار أو الزهراني، ويتعذر تفريغها بسبب مخالفات تشوب المناقصات وعدم استكمال فتح الاعتماد اللازم لها، وغيره من الإجراءات، الأمر الذي يرتب على الدولة غرامات بملايين الدولارات، كان مجلس الوزراء يجيزها ولا نعرف كيف كان يتم دفعها، فيما هي ناتجة عن خطأ الوزير الذي كان يعقد النفقة دون تأمين الاعتماد اللازم لتغطيتها، الأمر الذي على الوزير تحمل نتائجه من ماله الخاص، حسب أحكام قانون المحاسبة العمومية.
المؤسسة والوزارة ومن خلفهم يخفون حقيقة المشكلة وهي النزف المالي الذي لطالما تسببت به كهرباء لبنان ومن خلفها سياسة وزارة الطاقة والمياه والتي ساهمت في انهيار 2019، وتراهم اليوم يسلطون الضوء على الآخرين وعلى مصرف لبنان وتحويل الليرات إلى دولارات ودفع ثمن شحنات المحروقات بمناقصات ملتبسة ومخالفة للأصول من غير النفط العراقي، وذلك بهدف التغطية على الفشل الذريع لخطة الطوارئ الوطنية للكهرباء، والتي برغم رفع التعرفة غير العادلة بطريقة اعتباطية ومتسرعة؛
ما هي المشكلة اليوم؟
الحد الأدنى من حاجة دير عمار والزهراني من الغاز أويل تتوفر من تنفيذ اتفاقية النفط العراقي التي تستوجب من المؤسسة فتح حساب لها في مصرف لبنان بالدولار تودع فيه مستحقات النفط العراقي تدريجياً من حصيلة الجباية الفواتير على التعرفة الجديدة ويفترض أن تؤمّن التوازن المالي للمؤسسة، ولأن حصيلة الجباية الفعلية لا تغطي مستحقات العراق بسبب النزف المالي الكبير الناتج عن الهدر غير الفني على شبكة كهرباء لبنان، بمعني التعليق عليها والاستمداد غير الشرعي، لم تتمكن المؤسسة من تغطية ثمن النفط العراقي. وقد فهمنا من الأخبار أن وزارة الطاقة أعلنت عن مناقصة لتأمين محروقات إضافية من مصادر أخرى لزيادة الإنتاج من ٤٥٠ إلى ٦٠٠ ميغاواط على أمل زيادة التغذية خلال موسم الصيف، الذي قطع نصفه، وحتى لو تحقق ذلك فلن يغير شيئاً مهماً ولن يلبي حاجة الموسم السياحي ومتطلبات القطاع السياحي ومؤسساته الفندقية والمطاعم، ولا غيره من القطاعات الاقتصادية الأخرى والمرافق الخدماتية العامة التي، كأي مواطن، ترزح بل تختنق جراء تكلفة تأمين الكهرباء من المولدات وفواتيرها؛
هناك ملاحظة أخرى مهمة وهي أن وزارة الطاقة هي التي تجري المناقصات لشراء محروقات لصالح كهرباء لبنان ولا تعرضها على رقابة ديوان المحاسبة المسبقة تحت هذه الحجة، أي ان مناقصات المؤسسة لا تخضع لرقابة الديوان المسبقة؛
وفي كل حال كهرباء لبنان مؤسسة عامة مستقلة مالياً وإداريا ولا يجوز لوزارة الوصاية ولا لمجلس الوزراء الحق في مصادرة صلاحيات مجلس إدارتها المنصوص عليها في القانون؛ خاصة وان تمويل شراء محروقاتها صار ذاتياً، بعد رفع التعرفة لـ”تأمين توازنها المالي” وليس من سلف الخزينة التي كانت تبرر تدخل المصرف المركزي ووزارة المالية في عملية شراء المحروقات لتأمين الاعتمادات وإصدار الكفالات ودفع ثمن الشحنات؛

المطلوب من رئاسة الحكومة ومجلس الوزراء وضع يده على ملف المحروقات والنفط العراقي في ضوء تقييم النتائج المالية لخطة الكهرباء الأكيد أنها سيئة، ووقف تغطية مخالفات المؤسسة والوزير المقاطع لجلسات الحكومة، وعلى المدى القريب وضع آلية واضحة من حيث المسؤوليات والأدوار والتوقيت والتنسيق بين الجهات المعنية في تنفيذ اتفاقية النفط العراقي وغيرها من سبل تأمين المحروقات لزوم المؤسسة؛ والسعي لتعديل الاتفاقية بحيث يغذى الحساب المفتوح لدى مصرف لبنان بالليرات على ان يدفع منه بدل الخدمات التي يستفيد منه عراقيون بالليرة على أساس سعر صرف مصرف لبنان الذي هو حالياً 89،500 ليرة، وفي نفس الوقت وبأسرع وقت، بحث كافة السبل الآيلة إلى تسهيل أمر تولّي البلديات واتحادات البلديات صلاحية إنتاج الطاقة الشمسية وغيرها من مصادر الطاقة المتجددة، وذلك بالتعاون مع القطاع الخاص دون تدخل كهرباء لبنان، في إطار لا مركزية الإنتاج على غرار نموذج كهرباء زحلة من الوجهة التقنية، وليس مخالفة القوانين!

اضغط هنا لقراءة المقال على موقع VDL