الإدارات اللبنانية من دون اعتمادات لدفع فواتير الكهرباء.. والمواطن الضحية الدائمة

فواتير الكهرباء

ما زال ملف تعرفة الكهرباء ينتقل من فوضى إلى أخرى، والغموض الذي يكتنف كيفية الجباية والواقع المالي بعد تحصيل فواتير الكهرباء يجعل الأداء الذي تسلكه مؤسسة كهرباء لبنان متخبطاً. هذا هو الواقع الذي يشهده الملف ولا سيما منذ إقرار الحكومة خطة الكهرباء في العام ٢٠٢٢.

يصلح وصف ما يجري بسوء الإدارة، فقد عشّش الهدر في كهرباء لبنان لسنوات خلت، وبقيت الأزمة على حالها، أما مشهد الترقيع فظلّ يتحكم بمفاصل الملف في تغذية الكهرباء ومعالجة التقنين وتحسين الجباية والتغذية وغير ذلك.

وقد قال مؤخراً مدير عام الاستثمار السابق في وزارة الطاقة والمياه والخبير في المعهد اللبناني لدراسات السوق الدكتور غسان بيضون في إحدى منشوراته “خلال العام ٢٠٢٢ أسقطت الحكومة على كهرباء لبنان خطة اعتباطية أدّت إلى رفع تعرفة الكهرباء دون وعي أو تبصر لنتائجها وتداعياتها المالية على الدولة نفسها، فمن أي اعتمادات سوف تصرف الفواتير المتأخرة سنة عن مواعيدها وماذا عن فواتير المستأجرين الذين يغادرون المأجور قبل صدورها، وختم بالقول: عقل “هميوني”!

ماذا يعني هذا الكلام، وكيف تدفع الإدارات فواتيرها الجديدة عند استحقاقها؟ إنه التخبط والاستسلام وفق ما هو واضح. وفي هذا السياق يشير بيضون في حديث لموقع “هنا لبنان” إلى أنّ الإدارات والمؤسسات على اختلافها قد تعجز عن دفع فواتير الكهرباء التي صدرت متأخرة لعامين، وذلك بسبب عدم لحظ أي اعتمادات لها في الموازنة الجديدة، وبالتالي تكمن المشكلة في عدم تأمين هذه الاعتمادات، ومعلوم أنّ خطة الكهرباء صدرت في نهاية العام ٢٠٢٢، وكانت الموازنة منجزة والاعتمادات مبنية على التعرفة القديمة، وفي العام ٢٠٢٣ صدرت الموازنة متأخرة وكان الصرف على قاعدة الاثني العشرية وفي العام ٢٠٢٤: صدرت الموازنة إنما من دون تقدير الاعتمادات، واليوم في حال صدرت فواتير العامين السابقين فإنّ ما من اعتمادات لدفعها، ما يطرح السؤال عن كيفية التسديد وتأمين التيار الكهربائي، معلناً أنّ العجز الذي يلحق بالإدارات من شأنه أن يلقي الأعباء على المواطن، موضحاً أنّ غياب النتائج المتصلة بتطبيق التعرفة المالية يعطي الانطباع أنّ هذه المسألة أضافت فشلاً إلى فشل إدارة الملف.

ويتحدث بيضون عن مشكلة أخرى تتصل بمستأجر شقة من صاحب الملك لفترة معينة ولم تصدر في خلالها فواتير الكهرباء المستحقة، وغادر المستأجر المنزل، فمن يسددها إذاً؟ فصاحب الملك وقع ضحية وتم توريطه، معلناً أن معظم المشاكل الراهنة في الأوضاع المالية للمؤسسة الغامضة والمعقدة دون أي رقابة عليها، وفي العلاقة بين الإدارات وكهرباء لبنان من جهة وبين المشتركين والمالكين المؤجرين من جهة ثانية، أساسها فشل مشروع مقدمي الخدمات والتأخر بالفوترة وتزايد الهدر الناتج عن التعليق بدلاً من خفضه.

ويؤكد بيضون أنّ مؤسسة كهرباء لبنان مفلسة وما من أحد يعرف ما لها وما عليها، أما التعرفة الكهربائية فظالمة، والمؤسسة غير مستقلة إنما تحت سيطرة وتسلط وزارة الطاقة، وها هي تلجأ إلى سلف الخزينة والمترتبات عليها تراكمت، كما أن لا قدرة على دفع ثمن الفيول العراقي ولم يتم فتح حساب لهذه الغاية وفق اتفاقية النفط العراقي والتعرفة الكهربائية التي تغيب عنها الشفافية لا تغطي ثمن النفط والهدر متواصل، مكرراً القول أنّ الوضع المالي من سيئ إلى أسوأ.

إنه الخطأ الاستراتيجي نفسه للوزارة ومؤسسة كهرباء لبنان ، ولا يبدو ظاهراً أي أفق للحل، هذا ما كتب لكهرباء لبنان وللمواطنين الذين لن ينعموا بساعات كهرباء إضافية والمرحلة المقبلة تحكم على ذلك.

اضغط هنا لقراءة المقال على موقع هنا لبنان