هل تتراجع الرشاوى في القطاع العام بعد الزيادات على الرواتب؟

القطاع العام

أى مدير عام الاستثمار السابق في وزارة الطاقة والخبير في المعهد اللبناني للدراسات LIMS غسان بيضون في حديث لموقع beirut 24 أنه مع اندلاع احداث العام 1975، بدأت علاقة الموظف بالإدارة تبتعد عن الأصول وقواعد الالتزام المتبادل، وتراجعت إمكانية ممارسة الرقابة بفعل الأمر الواقع والإقفال القسري و”التهجير” الذي فرضته هذه الأحداث. وبالرغم من ذلك بقيت الدولة تؤمن رواتب الموظفين وتوصلها في أغلب الحالات بواسطة معتمدي القبض. وقد استمر هذا التراجع بعد الأحداث بسبب تفاقم نتائج التهجير، ورافق ذلك سوء توزيع الموظفين ونشأت ظاهرة الفائض في بعض المواقع والنقص في أخرى، واعتاد الموظف على تقاضي راتبه دون جهد او التزام بالمقابل. واستمر هذا الانحلال مع تراجع القدرة الشرائية للرواتب وتراجع الرادع الأخلاقي معها، وانصرف كثيرون إلى البحث عن الثروة لتأمين مستقبلهم بعد الضعف الذي أصاب قدرات الدولة على الاستدراك والمعالجة والعودة إلى الأصول. وكان أن استحدثت وزارة الإصلاح الإداري ووضعت خطط الإصلاح المالي ولكن دون جدوى، وقد ساهم التوقف عن إعداد حسابات الدولة والمؤسسات العامة في خلق بيئة مؤاتية للاختلاس والتزوير واستفحلت الرشوة على هامشها.

وتساءل بيضون: كيف نتصور تراجع استشراء الرشاوى في القطاع العام لمجرد توفير تعويضات وبدلات تحت تسميات مبتكرة مؤقتة مقابل “الحضور” و”المثابرة” بالكاد تكفي للتعويض عن تكاليف انتقال الموظف إلى مركز عمله، حاملاً معه القلق على غده وتقاعده، الذي لن يتضمن قيمة هذه التعويضات لإبقائها خارج صلب الراتب؟

ولدى سؤاله، من يراقب ومن يحاسب، أجاب: سبق أن طرحت هذا التساؤل تحت عنوان “كيف نفسر استشراء الفساد بوجود الهيئات الرقابية؟ وكان الجواب في تراجع هيبتها إلى حد الانعدام مع تفشي الطائفية والتدخل السياسي وقلة الضمير التي أصابت حتى القضاء، ماذا يمكن أن نأمل من أجهزة رقابيةً تظن أن الحلّ في اعتماد ساعات الدوام والحضور معياراً للإنتاجية؟

وأضاف: انا لا أرى في التعويضات والإضافات المستجدة بمختلف أشكالها سوى “دفعة” بمعنى “دفشة” يمكن أن تعيد آلة الإدارة إلى إنتاج شيء من الطاقة تساهم في رفد الخزينة بإيرادات وتدفقات مال إضافية يمكن أن تساهم بمراجعة جديدة للرواتب وتقييم النتائج فيبنى على الشيء مقتضاه.

وردًا على سؤال، أين التفتيش المركزي وغيره وهل أصبحت الادارات في الدولة هياكل فقط للتصوير؟ اعتبر بيضون أن التفتيش مثل غيره صار موقعاً للوجاهة وحضور اللقاءات والموائد، … ولكي نستوعب المقصود فلنفكر بعجز هذه الأجهزة وقصورها في ظروف كانت أفضل بكثير من اليوم، الرقابة، وحتى القضاء ، اليوم ربما صارت بحاجة لمن يراقبها أو يقاضيها. ولكي لا نطيل البحث لا يغرّنكم الضجيج انظروا إلى النتائج التي لا شك أنها ضئيلة.

وختم بيضون: السياسة تسيطر على القطاع العام من خلال سلطتها وصلاحياتها في الاختيار والتعيين، فصار الموظف، خاصة في الفئات القيادية العليا، رهينة الرضوخ المسبق. حتى الوزراء هناك منهم من يوقّع على استقالاته قبل التعيين ضماناً للولاء والانصياع والبصم رهن الإشارة!

اضغط هنا لقراءة المقال على موقع Beirut 24