«قدسية الودائع» تعبير يستهلك اعلاميا وجماهيريا منذ 4 سنوات وقد دقت الساعة اليوم لكشف نوايا الطبقة السياسية حيال هذا الموضوع. فهل استعمل هذا التعبير لتطمين المودعين فقط وتخديرهم ام انّ هناك عملا جديا سيبدأ لترجمة هذه المقولة الى واقع؟نصّت خطة الحكومة للتعافي في احد بنودها على فك الارتباط اي الالتزامات المالية بين مصرف لبنان والمصارف التجارية وهو ما تفسيره شطب الديون المستحقة للمصارف لدى مصرف لبنان، والتي تقدّر بحوالى 80 مليار دولار. وهذا يعني شطب الودائع، لأنّ المصارف ستصبح عاجزة عن تسديدها، اذا تم شطب مطلوباتها من المركزي. هذا الامر دفع جمعية المصارف الى رفع دعوى لدى مجلس شورى الدولة لإلغاء هذا البند، وقد قبل الشورى الدعوى من حيث الشكل. صحيح ان لا علاقة لصندوق النقد بهذا الموضوع لكن الصندوق موافق على اقتراح الحكومة انطلاقاً من حرصه على الا يتم تحميل الدولة ومداخيل مؤسساتها اعباء اقتصادية اضافية لدفع ديونها او جزء منها، حرصاً على رد الودائع لأصحابها. واكتفى الصندوق بالموافقة على اعادة جزء من الودائع (اي ضمان 100 الف دولار لكل المودعين بكلفة 38 مليار دولار). واستند صندوق النقد في موافقته على شطب الودائع، على تقديرات اقتصادية للسنوات المقبلة يمكن للدولة ان تحققها شرط عدم ارهاقها بأعباء اضافية مثل رد الديون لدفع الودائع.
ما اختلف في زيارة صندوق النقد الاخيرة عن زياراته ومحادثاته السابقة هو تبلغ موفده من بعض المسؤولين ان «شطب الودائع» لا يمكن ان يمر. صحيح ان رفض هذا المطلب ضروري ولن يتبنّاه اي طرف سياسي، لكن في المقابل يجب ايجاد البديل الذي بات مطلوبا أكثر من اي وقت مضى، وكل استخفاف تجاه هذه المعضلة يضع مبدأ «قدسية الودائع» في خانة المواقف الشعبوية لا أكثر، لأن كل تراخ في السير نحو البديل سيؤدي حكما الى تقليص سقف الودائع التي يمكن استردادها.
انطلاقا من ذلك، أتت فكرة انشاء الصندوق السيادي كأحد الحلول المطروحة وربطه بمداخيل النفط والغاز المرتقبة لاعادة جزء من الودائع من خلال اعطاء المودعين لحقوق في هذا الصندوق. فهل يمكن ان يشكّل الصندوق مدخلا للحل، وتالياً لاسترجاع الودائع؟
الصندوق السيادي.. حل منطقي؟
في السياق، تقول مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» انه عملياً يعد هذا الاقتراح منطقيا ومقبولا ويمكن اعتماده خصوصا لأنه لا يدخل ضمن خطة صندوق النقد وتوقعاته بل هو يعدّ مدخولاً اضافياً للدولة يمكن الاستناد عليه.