خاص CMA CGM :www.limslb.com تفوز بصفقة البريد عارضاً وحيداً بعد تعديل دفتر الشروط وتفصيله على مقاسها

خاص CMA CGM :www.limslb.com تفوز بصفقة البريد عارضاً وحيداً بعد تعديل دفتر الشروط وتفصيله على مقاسها

ملخص تنفيذي

أعلنت وزارة الاتصالات عن فوز تحالف Merit Invest وـ Colis Privé، المنضوي تحت مجموعة CMA CGM الفرنسية، بمزايدة البريد للمرة الثانية على التوالي. فعلى مدار ثلاث مزايدات أُطلِقت منذ تشرين الأول ٢٠٢٢ لتلزيم إدارة قطاع البريد في لبنان وتشغيله، كان “التحالف” العارض الوحيد. ولا يعود السبب إلى كون لبنان بيئة غير جاذبة للاستثمار بقدر ما يعود إلى احتواء المزايدات على جوانب خفية صبت في كل مرة في مصلحة “التحالف”. ففي المرة الأولى لم تستلم وزارة الاتصالات عرض شركة “غانا بوست”، نظراً لتأخر الشركة لعشر دقائق عن موعد انتهاء مهلة تقديم العروض، فأقفلت المزايدة على العارض الوحيد المتمثل بـ “التحالف”؛ فجرت إعادة إطلاق المزايدة، وحُدِّد تاريخ ٣٠ آذار ٢٠٢٣ موعداً جديداً لفض العروض. وقد فُضَّت العروض للمرة الثانية في ٣٠ آذار على عارض وحيد أيضاً هو شركة  Merit Invest بالتحالف مع Colis Privé فأعلنت الجهة الشارية فوزه. إلا أن هيئة الشراء العام أبطلت النتيجة بحجة أن العرض الفائز لا ينطبق على دفتر الشروط الخاص بالمزايدة، ليُعاد إطلاق المزايدة للمرة الثالثة ويُحَدَّد تاريخ فض العروض في ١٢ تموز ٢٠٢٣. وفي هذه المرة أيضاً، لم يتقدم إلا تحالف Merit Invest وColis Privé بعد أن فصّلت وزارة الاتصالات دفتر الشروط على مقاس “التحالف”؛ فأعلنت الاتصالات فوزه. فهل تكون “الثالثة ثابتة” كما يقال؟ تتجه الأنظار إلى جهتين اثنتين: هيئة الشراء العام التي تحضر تقريرها ومجلس شورى الدولة الذي ينظر في طعن مقدم من شركة “غانا بوست” لغياب مبدأ تكافؤ الفرص في دفتر الشروط. ولعلّ ما يمكن استنتاجه أنه على الرغم من الضوابط الكثيرة التي يضعها قانون الشراء العام الجديد لمنع التعاقد بالتراضي وإضفاء الشفافية على المزايدات وزيادة التنافسية بما يؤدي إلى استفادة الدولة من أفضل العروض بأحسن الأسعار، إلا أن الجهات الشارية تستمر في محاولة تحقيق مصالح عارضين محددين. ومن هذه المنافذ على سبيل المثال لا الحصر عدم إعطاء مهلة كافية للعارضين المحتملين الذين يمتلكون الخبرة المماثلة ووضع قيود مالية على المشاركة في المزايدة عادة ما تكون غير ضرورية بالنظر إلى موضوع المزايدة، مثل أن تشترط الهيئة الشارية أن يكون رأسمال شركة المشروع فوق حد معين.

1- الجهة الشارية تقفل باب استقبال العروض… عـ “الدقيقة”

من جديد أعيدت للمرة الثالثة مزايدة البريد أمام عارض وحيد هو تحالف شركات Merit Invest  بالتحالف مع Colis Privé التابعة لشركة CCM – CGM . وقد تم الإعلان بتاريخ ١٨/١٠/٢٠٢٢ عن مزايدة لتلزيم الخدمات والمنتوجات البريدية (تشغيل المرفق العام) تحت الرقم ٤٣١/٢٠٢٢ على الموقع الإلكتروني لهيئة الشراء العام. وقد حُدِّدَت مهلة تحضير العروض وتقديمها بثلاثة أشهر. ثم تم تمديد مهلة تقديم العروض لتصبح في ١٦/٠٢/٢٠٢٣ الساعة ٩.٠٠ صباحاً بدلا من ٢٤/٠١/٢٠٢٣ الساعة ١٠.٠٠ صباحاً. وقد تقدمت شركة “غانا بوست”، بعرضها بعد الموعد النهائي لتقديم العروض بعشر دقائق، حوالي الساعة ٩:١٠، فلم تستلم الجهة الشارية العرض.

2- الاتصالات تعلن فوز التحالف وهيئة الشراء العام تبطل النتيجة

بتاريخ ٢٣/٢/٢٠٢٣، تم الإعلان للمرة الثانية عن مزايدة لتلزيم الخدمات والمنتوجات البريدية (تشغيل المرفق العام) تحت الرقم ٢٨٤/٢٠٢٣ على الموقع الإلكتروني لهيئة الشراء العام. وقد حُدِّدَت مهلة تقديم العروض بخمسة أسابيع، بحيث تم تحديد موعد جلسة التلزيم في ٣٠ آذار ٢٠٢٣ عند الساعة العاشرة صباحاً.  وقد تقدّم إلى المزايدة عارض وحيد تم قبوله. إذ ورد في محضر جلسة التلزيم أن الفائز المؤقت هو شركة Merit Invest  بالتحالف مع Colis Privé. وقد ألغت الجهة الشارية هذه النتيجة بناء على التقرير رقم (٢) تاريخ ٦/٤/٢٠٢٣ الصادر عن هيئة الشراء العام، والذي أوضح أن العرض الفائز لا ينطبق على دفتر الشروط الخاص بالمزايدة لأن شركة  Colis Privé (الشريك التقني في التحالف) لا تقوم بإدارة مكاتب بريد وفقاً لمتطلبات دفتر الشروط، بل تقوم بنقل الطرود لصالح الشركات التجارية أو الأفراد عن طريق موقع على شبكة الإنترنت ونقاط ترحيل شبكة من التجار الأعضاء. أمّا دفتر الشروط، فقد نصّ على معايير تتعلق بعدد المكاتب والصناديق البريدية، كما نص على مؤشرات لنطاق الخدمة البريدية لا تتوفر في الشركة الفائزة نتيجةً للتدقيق في المستندات الإدارية والتقنية المكونة للعرض الذي قدمته.

كما تُعَدّ الأرقام الواردة في الخطة التشغيلية المُقدّمة من قبل العارض أرقاماً افتراضية وُضِعَت حتى دون زيارة المواقع والنقاط البريدية ومعاينة برامج المعلوماتية، كما تبين أن حصة الدولة المالية من إجمالي الإيرادات وفقا لدراسة مالية أجرتها هيئة الشراء العام هي أقل من نسبة 5% إلى 6 سنوات من أصل السنوات الـ ٩، ولا تتجاوز معدل الـ 5.5% عن مجمل السنوات التسع.

3- تفصيل دفتر الشروط على مقاس تحالف Merit Invest وـ Colis Privé

تمت إعادة الإعلان للمرة الثالثة على التوالي عن مزايدة لتلزيم الخدمات والمنتوجات البريدية (تشغيل المرفق العام) تحت الرقم ٧٩١/٢٠٢٣ على الموقع الإلكتروني لهيئة الشراء العام بتاريخ ٦ حزيران ٢٠٢٣. وقد حُدِّدَت مهلة تقديم العروض بخمسة أسابيع، بحيث تم تحديد موعد جلسة التلزيم في ١٢ تموز ٢٠٢٣.

وقد تميزت المرة الثالثة لإجراء المزايدة بتعديل وزارة الاتصالات لدفتر الشروط الخاص بالمزايدة بما يسمح بقبول عرض شركة  Colis Privé الفرنسية، بحيث وسعت شروط المشاركة لتشمل شركات نقل الطرود بالإضافة إلى مشغلي البريد العالمين. وقد اعتُبِرَت هذه الخطوة من قبل مراقبين “تفصيلاً على القياس لصالح شركة Colis Privé وتاليا شركة CCM-CGM   المتحالفة معها”، فيما اعتبرها وزير الاتصالات “توسيعاً لدائرة المنافسة”. وكان الأمر ليبقى على ما هو عليه لو تقدمت إلى المزايدة الثالثة شركة أخرى غير الشركة الفرنسية.

 بتاريخ ١٣ تموز ٢٠٢٣، أعلنت الجهة الشارية عن فوز العرض الوحيد الذي تقدم إلى المزايدة، وهو عرض شركة Merit Invest  بالتحالف مع Colis Privé.

4- الالتفاف على قانون الشراء العام

ثمة مؤشرات قوية على أن العرض الوحيد المقدم إلى مزايدة الخدمات البريدية للمرة الثانية ليس وليد حركة السوق، وإن كنا لا ننكر تردد العديد من الشركات عن الاستثمار في لبنان نتيجة الأوضاع الاقتصادية والمالية والنقدية الراهنة. ومن أبرز المؤشرات:

  • تعديل دفتر الشروط بشكل جذري وجوهري لقبول “خبرة وتراخيص نقل طرود” بدل “خبرة وتراخيص تشغيل بريد”.
  • عدم إعطاء مهلة كافية للعارضين المحتملين الذين يمتلكون الخبرة المماثلة في مجال نقل الطرود التي أصبحت مقبولة على إثر تعديل دفتر الشروط لتحضير عروضهم. إذ تذرعت وزارة الاتصالات بأن مهلة الإعلان وفق أحكام المادة ١٢ من قانون الشراء العام هي ٣ أسابيع على الأقل ، وأنها أعطت مهلة خمسة أسابيع لتقديم العروض. ويتجاهل ذلك مع أن المهلة حُدِّدَت بالنص، وأنها تختلف من مزايدة إلى أخرى وفقاً لموضوعها وتعقيداتها والوقت اللازم لتحضير العروض.
  • وتُؤَدِّي إفادة العارض (تحالف Colis Privé و Merit Invest ) من ميزة تنافسية غير منصفة إلى تعريض المزايدة للإبطال برمتها، إذ كان عرضه جاهزاً منذ المزايدة الثانية في حين حُرِم الآخرون من مهلة كافية لتحضير عروضهم. فشركتان من أصل أربع شركات (غانا بوست وترست)، وهما اللتان اشترتا دفتر الشروط، اعترضتا على المهلة وطالبتا بإعطاء مهلة كافية لتحضير عروضهما والتقدم إلى المزايدة. كما كانت شركة “بريد مصر” بدورها ترغب في المشاركة، حيث اتصل السفير المصري في لبنان بوزير الاتصالات ملتمساً تمديد المهلة، لكنّ الأخير لم يفعل رغم توصيات هيئة الشراء العام المتكررة بهذا الصدد.
  • ويُعتبَر وضع قيود مالية على المشاركة في المزايدة أمراً غير ضروري بالنظر إلى موضوعها، إذ اشترطت الوزارة أن يكون رأسمال شركة المشروع عشرة ملايين دولار محرر بالنقد “الفريش” عند التأسيس؛ فيما كان يقتضي ترك الأمر لأحكام قانون التجارة اللبنانية المتعلقة بتأسيس الشركات.
  • إجابة مدير عام البريد باستخفاف على استيضاح العارضين المتضمن الإشارة إلى تناقضات واضحة بين نص دفتر الشروط الخاص بالمزايدة ومشروع العقد، وأهمها استعمال عبارة “الشركة التابعة”، بدل عبارة “شركة المشروع”. كما ذكر النص براءة ذمة غير براءة الذمة من الضرائب والرسوم ثم تجاهلها دون تعديل دفتر الشروط الخاص بالمزايدة.

ويبقى الجميع في انتظار تقرير التدقيق الذي سيصدر عن هيئة الشراء العام، كما نتائج البت بالطعن المقدم إلى مجلس شورى الدولة -قضاء العجلة – من قبل شركة غانا بوست، التي تدلي بمخالفة مبادئ المنافسة وتكافؤ الفرص المعتبرة من الانتظام العام بمقتضى المادة الأولى من قانون الشراء العام، ما يستدعي الإبطال لإجراءات المزايدة وإعادتها مجدداً وفقاً لقواعد العلنية والمنافسة والمساواة.

فريق المعهد اللبناني لدراسات السوق