بعدما استطاع لبنان اجتياز قطوع وضعه على اللائحة “الرمادية” الخاصة بتبييض الاموال من قِبل مجموعة MENAFATF، برزت الى الواجهة أسئلة عن الاسباب التي أخذتها المجموعة في الاعتبار لتمهل لبنان فترة سنة لترتيب بيته الداخلي وتفادي التصنيف الأسود.
في الآونة الاخيرة اصبح الإقتصاد اللبناني يعتمد على التبادل بالأوراق النقدية بنسبة تلامس الـ 80%، ما حدا بالمراقبين الى توجيه أصابع الإتهام إلى لبنان بأنه بيئة متعاونة مع تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، فضلاً عن ان تفشّي التبادل بالكاش جعل من لبنان جنة للمضاربين.
في هذه البيئة المالية والنقدية الملوثة كان لبنان على موعد مع مجموعة العمل الدولية (FATF) لتقييمه وتصنيفه حيال تعاونه مع إجراءات مكافحة تبييض الأموال، وفي المقلب الآخر، على تماسٍ مع البنك الدولي طالباً العون في محاربة الفقر وإدارة أزمة الغذاء، وأيضا مع صندوق النقد الدولي للوصول إلى برنامج إنقاذ وتمويل. فجاء “التعميم الأساسي لمصرف لبنان الرقم 165 ليجفف الأوراق النقدية ويخفف الإعتماد عليها في تسديد فواتير الإستهلاك للأفراد، وفواتير المصاريف التشغيلية للمؤسسات”، وفق ما يقول خبير المخاطر المصرفية الدكتور محمد فحيلي الذي اعتبر أن “الحديث عن التعميم 165 وكأنه كارثة هو ظلم أولا، وإما جهل أو تجاهل لواقع الأمر في لبنان”.
وبحسب ما علمت “النهار” من مصادر مشاركة في اجتماعات مجموعة MENAFATF التي عقدت الشهر الماضي في البحرين، ساهم التعميم 165 الذي أصدره مصرف لبنان والمتعلق بمقاصة وتسوية الشيكات والتحاويل النقدية بالدولار الفريش والليرة اللبنانية عبر مصرف لبنان والذي سيبدأ تطبيقه قريبا جدا، بشكل كبير في تأمين الحماية للبنان. هذا التعميم الذي كان مدار شكوك وهجوم عليه من عدد كبير من المحللين والمشككين، شكّل حبل النجاة للبنان من العقوبات المحتملة، واعطاه فرصة لمدة سنة لسد بعض الثغرات. واكدت مصادر متابعة لمسار الاجتماعات بين لبنان وMENAFATF ان التعميم 165 والتعميم 69 المعدل اخيرا والذي سمح بترخيص المحافظ الاكترونية “Mobile Wallets” وتسهيل عملها وفقا للمعايير الدولية، قد ساهما بشكل كبير في حماية لبنان من مشكلة جديدة. وكان مصرف لبنان قد اعطى تراخيص لعدد من المحافظ الالكترونية التي تسمح لمستخدميها بتحويل الأموال بينهم بشكل فوري وآمن وكلفة قليلة وتسوية فواتيرهم مباشرة من التطبيق وإعادة شحن بطاقات الهاتف المحمول مع مشغلي الاتّصالات وتحويل الأموال من محفظة إلى أخرى. هذه المحافظ الالكترونية من شأنها تخفيف التعامل النقدي وإعادة الخدمات المالية الالكترونية الحديثة إلى السوق اللبنانيّة، بعدما شهد لبنان تراجعا في عدد الأشخاص الذين يملكون حسابات مصرفيّة. واشاد المعنيون بأهمية التعميمين الصادرين عن مصرف لبنان ودورهما في تخفيف المخاطر والحد من الاستعمال النقدي وفق افضل المعايير.
وبرر فحيلي لجوء المواطن الى الاوراق النقدية “بعدما أفقدت الطبقة السياسية ثقة المواطن بالكيان المالي والمصرفي في لبنان، فلم يعد لدى المواطن اللبناني (فرداً ومؤسسة) إلا اللجوء إلى البديل الآمن الدولار لأن الليرة فقدت كل ميزات العملة والأوراق النقدية لأن المصارف أساءت الأمانة، وتفاقمت الأزمة بسبب اللامسؤولية التي مارستها مكونات الطبقة السياسية في إدارة الأزمة، وغياب أي قرار لإنقاذ الإقتصاد، أو إصلاح ما أفسدوه لسنوات”.
وقال: “كان من الضروري إصدار التعميم 165، في انتظار أن يقوم المعنيون في لبنان بترتيب الاوضاع، ليتفادى التصنيف الأسود، أو التسارع بالتدهور”.