الراي- في رأي الخبير الإقتصادي ومدير معهد دراسات السوق باتريك مارديني أن «طباعة ورقة المليون ليرة ستكون إنعكاساً للأزمة النقدية التي يعانيها لبنان، وتعني إنهياراً مضطرداً في سعر صرف الليرة مقابل الدولار وإرتفاعاً كبيراً بالأسعار». علماً أن لبنان يعاني أزمات أخرى، ومنها المصرفية والإقتصادية والمالية.
وفي حِسبة بسيطة – بحسب مارديني – يتبيّن “إنخفاضُ قيمة ورقة الـ 5 آلاف ليرة، من نحو 3.3 دولار وفق سعر الصرف الرسمي للدولار أي 1507 قبل العام 2019، لتصل إلى 10 سنتات راهناً إذ وصل الدولار إلى نحو 48 ألف، فيما باتت ورقة الألف ليرة تساوي 2 سنت تقريباً. وتالياً باتت كلفة طباعة فئات النقد الصغيرة أعلى من قيمة الورقة نفسها وخصوصاً أنه يتمّ طباعة الورق في شركات أجنبية تملك تقنيات حرفية عالية”.
أما الخبير الإقتصادي بلال علامة فيعتبر أنه «عندما تلجأ دولة معينة لطباعة أوراق نقدية من الفئات الكبيرة فهذا يعني أن مستقبل التداول بالنقد سيكون بأرقام كبيرة وبحجم كبير».
خيار حتمي؟
يتوقع كثيرون، قرب التداول بورقة المليون ليرة، وربما بأوراق من أرقام أخرى جديدة، بحجة التخفيف من حَمْل أوراق نقدية كثيرة وبهدف تسهيل المعاملات التجارية.
فإذا استمرّ الحال على ما هو، قد يضطر اللبنانيون إلى حمْل حقيبة أموال عند الذهاب للتسوّق أو لتسديد مستحقات مترتبة عليهم، بسبب إرتفاع الأسعار وفقدان العملة قيمتها.
ويؤكد مارديني أن ورقة المليون ليرة الجديدة ستكون في الأسواق عاجلاً أم أجلاً «وهي مسألة وقت ليس أكثر».
ويرى علامة أنه «بعد الإنهيار الكبير الذي أصاب مالية لبنان والوضعين النقدي والإقتصادي وخصوصاً أن النظام المعتمَد في لبنان أصبح نظام الإقتصاد النقدي (ولا نعرف حقيقةً مَن دفع للوصول إلى هذا النموذج أو النظام) بات من حُكْم المؤكد أن تعمد السلطات المعنية إلى إصدار فئات نقدية كبيرة قد تصل إلى فئات تحمل ستة أرقام لتسهيل التعاملات والتداول».
ووفق المعلومات التي تمّ تسريبها، فإن الفئات الكبيرة سواء فئة المليون أو الـ500 الف باتت جاهزة في إنتظار قرار إدراجها في الأسواق، وتالياً قد يكون تمّ طباعتها، بحسب علامة.
ولكن؟
يأسف مارديني للجوء إلى هذا الخيار «المؤلم»، قائلاً “كنا نتمنى رفع قيمة الألف والـ5 آلاف ليرة الموجودة في السوق وإسترجاع قيمتها بدل إضافة أصفار على الليرة«. ويضيف:»يشي هذا الخيار بأننا في لبنان قد تخلينا عن الليرة، وكأننا نقرّ بأن لا أمل في أن تستعيد قيمتها، وأن إنهيار العملة سيستمر”.
ويتخوّف اللبنانيون من إشتداد الأزمة الإقتصادية والمعيشية أكثر، بعدما ثبتت التجربة المعاشة أن السلطات السياسية والنقدية تلعب دور المتفرّج والعاجز عن إتخاذ أيّ خطوات فعلية للحد من إنهيار العملة أكثر، ما يعني تسليماً بالأمر الواقع والتوقف عن مقاومة التضخم.
وفي ضوء ذلك، قد يكون الهدف من طرح الأوراق النقدية الجديدة من الفئات الكبيرة، تسهيل حركة السيولة في المرحلة المقبلة لأن ثمة مشكلة جدية يشكّلها التداول بالأوراق النقدية، إلا أن حلولاً علمية أخرى كان يمكن أن تتّخذها السلطات المعنية من أجل خفض حمل الأوراق النقدية وتفي بالمطلوب ومنها تسهيل إستعمال بطاقات الدفع في المعاملات الإقتصادية.
ما الفارق؟
يتساءلالبعض حول الفارق بين شطب أو زيادة أصفار على العملة الوطنية، ولماذا تختار الدول التي تعاني إقتصاداتها إنهياراً نقدياً أن تزيد أصفاراً بدل شطبها، علماً أن هذا مؤشر سيء لأن مَن يزيد أصفاراً أو يشطبها يعيد الكرة مرة تلو أخرى، وخصوصاً في حال إستمر الأنهيار؟ يقول مارديني «الخياران يعبّران عن المشكلة نفسها، والتي هي الأزمة النقدية أيّ إنهيار سعر صرف العملة والتضخم».
ويضيف: «إصدار فئات أعلى أسهل تقنياً من شطْب الأصفار، ففي الحال الأولى يكفي إصدار أوراق جديدة أما القديمة فإنها تختفي تدريجاً من السوق، بينما شطْب الأصفار يتطلب سحب العملة الموجودة في التداول وضخّ عملة غيرها». والأسوأ أن الأوراق من الأرقام الكبيرة يصعب سحبها في المستقبل.
ما تأثيرها، السلبي والإيجابي؟
وفي رأي مارديني أن “هذه الخطوة يترتّب عليها انعكاسان مباشران، الأول إيجابي وحيد إذ تسهل التداول والتعاملات النقدية والتبادل التجاري في السوق، وخصوصاً أن المحفظة لم تعد تتسع للأوراق الكثيرة بعدما تدنت قيمة العملة. فأكبر ورقة أيّ الـ100 ألف باتت تساوي نحو دولارين وفق سعر صرف الدولار راهناً. أما الإنعكاس الثاني فهو سلبي كون هذه الخطوة ستسهل زيادة حجم الكتلة النقدية وزيادة كمية الليرة في التداول من حيث الأرقام، وتالياً كميات الليرة التي ستُضخ في السوق على الأرجح ستكون بوتيرة أعلى لأن قيمة الأوراق باتت أعلى”.
ويعتبر مارديني أن زيادة النقد بالتداول سيؤدي الى مزيد من الإنهيار بسعر الصرف والمزيد من ارتفاع الدولار ما سيتسبب بضغوط تفضي إلى إرتفاع الأسعار وغلاء المعيشة.