هل يحقق لبنان منافع اقتصادية من اتفاق ترسيم الحدود؟

هل يحقق لبنان منافع اقتصادية من اتفاق ترسيم الحدود؟

تباينت ردود الفعل حول ما سيحققه لبنان من منافع اقتصادية، عقب التوصل إلى صيغة نهائية بشأن ترسيم الحدود البحرية مع الاحتلال الإسرائيلي، وسط توقعات بأن يبدأ لبنان في استخراج النفط والغاز.

وأشاد الرئيس اللبناني ميشال عون، بالصيغة النهائية لمسودة اتفاق أمريكية لترسيم الحدود مع الاحتلال، معتبرا أنها “ستنتشل لبنان من الهاوية التي أُسقط فيها”.

وأعلنت الرئاسة اللبنانية في بيان، أن الصيغة النهائية لمسودة اتفاق ترسيم الحدود “مرضية للبنان وتلبي مطالبه وحافظت على حقوقه في ثروته الطبيعية”، فيما ينتظر أن يتم الإعلان رسميا عن الموقف الوطني الموحد، بعد مشاورات يجريها عون حول المسألة.

بدوره، وصف رئيس وزراء الاحتلال يائير لابيد، الاتفاق المرتقب بـ”التاريخي”.

ورجح محللون أن الاتفاق سيفتح الباب أمام أعمال التنقيب في لبنان حيث تعتزم شركة “توتال إنرجيز” الفرنسية البدء بالتنقيب عن النفط والغاز في المياه الإقليمية اللبنانية، فور وضع اللمسات النهائية على الاتفاق.

واعتبر محللون اقتصاديون لبنانيون، أن بلدهم لن يستفيد اقتصاديا على الفور بمجرد توقيع الاتفاق، وإنما الإفادة تتطلب سنوات كي تتحقق مشددين على ضرورة إصلاح النظام الاقتصادي الحالي جذرياً.

 

المكاسب تحتاج للوقت

وقال مدير المعهد اللبناني لدراسات السوق باتريك مارديني، إنه من المبكر الحديث عن مكاسب اقتصادية جراء توقيع اتفاق ترسيم الحدود بين لبنان والاحتلال، فالأمر يحتاج إلى وقت.

وأضاف: حقل “قانا” الذي يقول لبنان إنه حصّل كامل حقوقه فيه، “ليس مكتشفا بعد ولا نعرف شيئا عما يختزنه من كميات غازية أو نفطية.. الأمر يحتاج للاستكشاف والتنقيب”، وفق وكالة “الأناضول”.

وأشار إلى أن وجود الغاز في حقل قانا لن يحسن الوضع الاقتصادي المأزوم في البلاد، لأن اللبنانيين ليس لهم ثقة بأن أموال الثروات الطبيعية المستكشفة في البحر ستفيدهم أو ستنهب كما حصل بأموال المودعين.

من جهته، قال الخبير الاقتصادي منير يونس، إن المكاسب الاقتصادية غير فورية وهي مؤجلة، لأنه ليس لدى لبنان دراسات مؤكدة عما يختزنه حقل “قانا” من احتياطات غازية أو نفطية.

وأوضح أنه بالمرحلة الأولى سيتم الاستكشاف وبعدها التنقيب لمعرفة وتقدير الاحتياط الموجود في هذا الحقل وغيره في المناطق الاقتصادية الخاصة بلبنان.

وتوقع معرفة الكميات المختزنة في حقل “قانا” بعد الربيع القادم عبر شركة توتال، ومن ثم يحتاج من 3 إلى 5 سنوات لبدء الضخ بحسب تجارب دول أخرى، إلا أن هناك تقديرات إسرائيلية أعلنت عنها أن هذا الحقل لا يختزن كميات كبيرة من النفط والغاز.

بينما رأت المحللة الاقتصادية محاسن مرسل، أن معرفة المكاسب الاقتصادية متعلقة بعمليات الاستكشاف والتنقيب، وتحديد الكميات الغازية الموجودة، ومن ثم الإنتاج وأن هذا الأمر يحتاج لسنوات.


ضرورة الإصلاح

وشدد الخبير الاقتصادي منير يونس، على ضرورة فصل مسار الإصلاحات الذي لا بد للبنان القيام به بأسرع وقت، وفقا لاتفاق صندوق النقد الدولي، عن المسار النفطي الذي يجب مواكبته بتشريعات خاصة.

وأضاف: “على لبنان المباشرة بوضع تشريعات تتمتع بالشفافية، حول كيفية استخدام الإيرادات وعدم تكرار مع حصل سابقا، حيث أهدرت معظم إيرادات الدولة عبر المحاصصة”.

ولفت إلى أهمية الإصلاح الحقيقي على صعيد المالية العامة والقضاء المستقل والنظام المصرفي والحوكمة، “حتى لو جاءت إيرادات نفطية عالية، هناك احتمال كبير أن تتبدد وتذهب في غير طريق”.

من جهته، دعا الخبير الاقتصادي والمالي البروفيسور جاسم عجاقة، إلى القيام بمجموعة إصلاحات في النظام الاقتصادي اللبناني، “حتى نستطيع خلق اقتصاد والإفادة من النفط وفي نفس الوقت نضمن استمرارية للمستقبل”.

وأوضح أنه يمكن للاتفاق (ترسيم الحدود البحرية)، إخراج لبنان من أزمته إذا قام بالإصلاحات الاقتصادية اللازمة التي تمكنه من الحصول على عائدات مهمة بعد دخوله في مجموعة البلدان النفطية.

 

خطوة للأمام.. ولكن!

 

الخبير في شؤون النفط والطاقة، نهاد إسماعيل، يرى أن “لبنان يأخذ خطوة للأمام بترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، ولكنه لن يستفيد اقتصاديا إلا بعد 5- 6 سنوات، وذلك بعد العثور على كميات تجارية قابلة للاستخراج”.

وتابع إسماعيل خلال حديثه لـ”عربي21″، “العثور على كميات قابلة للاستخراج يتطلب دراسات وتجارب للتأكد من توفر الغاز بكميات تجارية، كذلك سيكون هناك حاجة لمشاريع بنية تحتية بحرية وأنابيب ومنشآت وموانئ لاستقبال الغاز ومرافق تخزين وشبكات توزيع، وكل هذا يحتاج إلى استثمارات تقدر بمليارات الدولار وزمن يمتد لسنوات”.

وحول ما إذا كان حقل قانا هو الحل لأزمة لبنان الاقتصادية، قال إسماعيل: “المشكلة في لبنان تكمن بعدم الاستقرار والتدخلات من دول إقليمية، وكذلك الصراعات السياسية الداخلية، وبالتالي لا غاز ولا نفط سينقذ لبنان على المدى المنظور، بل التوافق السياسي وفتح قطاع السياحة والتجارة مع الدول العربية”.

 
وأجرى البلدان مفاوضات غير مباشرة استمرت لمدة عامين بوساطة أمريكية بشأن منطقة غنية بالنفط والغاز الطبيعي في البحر المتوسط تبلغ مساحتها 860 كم مربعا.

اضغط هنا لقراءة المقال على موقع عربي 21