اليوم أيضاً المواطن اللبناني أمام خيارين، إمّا أن يشتري أنواع خبز غير مدعومة، أو أن يعود إلى منزله من دون رغيف. كلّ ذلك يحصل بسبب جشع بعض التجار الذين يحتكرون الطحين المدعوم المُخصص لإنتاج الخبز العربي، ويصنعون منه أصنافاً غير مدعومة ليحققوا الأرباح، غير آبهين بالإخبارين المُرسلَين من قبل وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام إلى النيابة العامة المالية.
واعتبر سلام في حديثه مع “النهار” أنّ “التجار يستغلّون الفرصة الآن، لأنّهم يعلمون أنّ هناك إضراباً عامّاً في الإدارات العامّة، ويعلمون أنّه عندما نبدأ بالاستيراد من أموال قرض البنك الدوليّ فستكون الإجراءات الرقابيّة قاسية جدّاً، لذلك هم يحاولون الاستفادة من الدعم الحالي، لأنّ قرض البنك الدولي سيكون عليه رقابة كبيرة ودقيقة”.
وفي الشمال، نام العديد من الأهالي في الطوابير أمام الأفران، فالخبز بات يُباع في السوق السوداء.
والهجمة على الخبز تعدّت نطاق سكن الفرد، لتصبح رحلة بحث يومية للشخص في البلدات المجاورة، الأمر الذي فاقم أزمة الطوابير في الأفران الشمالية.
كل ذلك أدّى إلى توقف الأفران عن التوزيع إلى نقاط البيع، كي تتمكن من بيع الأشخاص الواقفين بالطوابير أمامها. والأمر الذي زاد الإزدحام في الأفران بعد توقف التوزيع، هو أنّ أغلب القرى والبلدات لا توجد فيها أفران، بل يُوزع الخبز على دكاكينها يومياً، وفق ما أفاد مراسل “النهار” في المنطقة.
أمام هذا المشهد، تحرّكت البلديات في بعض المناطق الشمالية وساعدت شرطتها في تنظيم الطوابير ومنع الاشكالات والحدّ من شراء الخبز للتخزين.
أمّا أفران الخبز المرقوق والصاج فبدورها تعاني من نقص الطحين، ولم يعد بإمكانها أن تستمرّ كبديل عن الأفران الكبيرة التي تنتج الخبز العربي المدعوم.
وقال سلام لـ”النهار”: “وفيت بما وعدت به الأسبوع الماضي، وأرسلت كتابين إلى النيابة العامة المالية بأسماء أفران وتجّار مع أرقام هواتفهم ومعلومات وصلتنا وجمعناها، وأرسلت بها إخباراً، أرفقته بجدول تضمّن جميع الكمّيات التي دخلت إلى لبنان واستلمتها المطاحن، كي يكون الجميع أمام مسؤوليتهم، فقد دونّا كلّ شيء، ويمكننا الآن الكشف عن التجاوزات من خلال ما كتبناه”، لافتاً إلى أنّ “باخرتين محمّلتين بنحو 7 آلاف طن من القمح جاهزتان، ومن المفترض أنّ يحرّر لهما مصرف لبنان اعتماداتهما بين اليوم أو غداً على أبعد تقدير”.
وتابع أنّ “هناك 4 مطاحن تريد أن تقدّم طلبات جديدة لاستيراد 20 ألفاً أو 25 ألف طن من القمح، وسنتعامل معها بدقّة كبيرة”، وقال: “سأحاسبهم على الحبّة”.
لوزارة الاقتصاد الآن اعتمادات تفوق الـ12 مليون دولار في مصرف لبنان، ستتصرّف بها، لطلب بواخر القمح وإتمام عمليّة الاستيراد بنجاح. والكمّيات التي ستطلبها المطاحن خلال الأسبوعين المقبلين تكفي لبنان إلى حين قبول قرض البنك الدولي الذي سيوضع أمام مجلس النواب في نهاية هذا الأسبوع، وفق ما أفاد سلام.
كما شدّد على أنّه “سيتابع موضوع الإخبار أمام النيابة العامة”، وأنّه يقوم بمهامه بمؤازرة الأجهزة الأمنية التي تحرّكت مع الوزارة، مشيراً إلى أن الجميع لمس أنّ الأمور “فلتانة”، قائلاً: “من غير المقبول أن ندخل إلى الفرن ونرى الرفوف ممتلئة بالكرواسون والحلوى، ولكن الخبز مقطوع”.