بات سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية “الشغل الشاغل للبنانيين” منذ مطلع شهر آذار الحالي، وسببا لإندلاع تحركات يومية من قبل المواطنين في الشارع، إحتجاجا على إرتفاعه ووصوله إلى ١١ الف ليرة مقابل الدولار الواحد ، من دون أن يُعرف السبب الحقيقي لهذا الارتفاع.
على ضفة المسؤولين السياسيين والماليين، فهم يقفون موقف المتفرج من دون أن يُحركوا ساكنا، للجم هذا التصاعد في سعر الصرف وتأثيراته على معيشة اللبنانيين، لكنهم يكملون مناكفاتهم والتراشق بإتهامات بالتعطيل في تشكيل الحكومة، التي من المفروض أن تكون الخطوة الاولى نحو ورشة إصلاحية، تُهدئ روع الارتفاع الجنوني لسعر الدولار وتضع البلاد على سكة الانقاذ من الهاوية السحيقة التي يسقط فيها .
في مقابل هذا المشهد هناك تفسيرات عديدة لهذا الارتفاع، وإتهامات للمصارف بأنها السبب الرئيسي لأنها ملزمة تطبيق لتعميم 154، الصادر عن مصرف لبنان (مهلة تطبيقه أواخر شباط الماضي) لتأمين 3,4 مليار دولار، ضمن إطار خطة إعادة هيكلتها وزيادة رسملتها عند المصارف المراسلة وإلا تخرج من السوق اللبناني، وبحسب العديد من الخبراء والمتابعين فإن هذه المصارف عمدت إلى شراء الدولار من السوق السوداء ما أدى إلى إرتفاعه .
جمعية المصارف : السبب سياسي
وفيما تنفي”جمعية المصارف”، تنقسم الأراء الإقتصادية والمالية في تفسير أسباب إرتفاع الدولار، بين موافقة على تفسيرات جمعية المصارف وبين شروحات أخرى، إذ يتوقع الخبير المالي باتريك مارديني لـ”جنوبية” “المزيد من الارتفاع في سعر صرف لدولار بسبب سحبه من الاسواق لصالح المصارف، ولكن برأيه يمكن لجم التدهور إذا وجدت النية السياسية لذلك”، مشددا على أن “هناك حلول منها انشاء مجلس للنقد لأن هذه الخطوة توقف إرتفاع سعر الدولار تعيد الثقة بالليرة اللبنانية شيئا فشيئا والتدفقات مالية أجنبية، وتأسيس مجلس النقد يتم إما من خلال مجلس النواب أو من خلال تشكيل حكومة جديدة”.
يضيف:”على المدى الطويل إتجاه الدولار نحو التصعيد، وهناك عوامل على المدى القصير أدت إلى تسريع هذه الوتيرة، منها إعادة هيكلة المصارف وتحديدا زيادة ودائع المصارف 3 بالمئة عند المصارف المراسلة وهذا الامر يتم عبر “الفريش” دولار، مما إضطر المصارف اللبنانية إلى سحب جزء من حاجتها من السوق السوداء ما أدى إلى زيادة الطلب على الدولار”، لافتا إلى أن “هذه العملية لا تزال مستمرة إلى اليوم إلى حين صدور تقرير لجنة الرقابة على المصارف، وهذا ما سيدفع المصارف إلى إستمرار حاجتها إلى الدولار الفريش، كما أن أسعار النفط عالميا زادت بنسبة 10 بالمية مما أدى إلى زيادة سعر المحروقات عشرة بالمئة ما يعني زيادة الطلب على الدولار الفريش”.
يلفت مارديني إلى أن “وتيرة الدولار تصاعدية لأنه ليس هناك أي خطوة نحو الاصلاحات، وجُل ما يقوم به المسؤولون هو زيادة طباعة الليرة اللبنانية، ما يعني زيادة التضخم وهذا يعني ان الاقتصاد اللبناني يستمر في التقلص (20 بالمئة في العام 2020) وفي نفس الوقت لا احد لديه ثقة بالليرة اللبنانية”.
والسؤال هنا هل إعادة هيكلة القطاع المصرفي سيلجم التدهور ؟
يجيب:”إذا إستندنا إلى خطة حكومة تصريف الاعمال فإنها تعتبر أن الخسائر 83 مليار دولار، والزيادة في رأسمال المصارف لا يزيد عن 4 مليار وهو مبلغ ضئيل، وهذا يعني أن الازمة ستطول وأن الثمن سيدفعه المودعين الصغار وكل اللبنانيين الذي يقبضون رواتبهم بالليرة اللبنانية”.
عرض وطلب
على ضفة الخبير الاقتصادي لويس حبيقة فإنه يفسر لـ”جنوبية” أن “أسباب إرتفاع سعر الدولار هي الطلب عليه من دون وجود عرض لأن من يملك الدولار لا يبيعه، في مقابل رغبة الناس لشراء الدولار إما لتسيير أمورها و مدفوعاتها وإما بسبب الخوف من الوضع السياسي والاقتصادي”.
يضيف:”لا اعتقد أن التعميم 154 هو السبب في إرتفاع سعر الدولار، لأن ما تطلبه المصارف (3بالمية) أي نحو 4 مليار دولار، في حين أن حجم السوق السوداء لا يزيد عن 3 مليون دولار في اليوم، كما أننا نعرف أن المصارف باعت ممتلكات لها لتأمين هذه النسبة والدليل هو إستمرار إرتفاع الدولار بالرغم من مهلة مصرف لبنان إنتهت”.
ويختم:”الوضع السياسي والاقتصادي المقلق للبنانيين وإنسداد الافق هو سبب إرتفاع الدولار”.
إضغط هنا لقراءة المقال على موقع جنوبية