التحدي الخطير في موازنة ٢٠٢٠ تخفيض عجز الكهرباء مع تأمين التيار ٢٤ ساعة ولكن ؟

التحدي الخطير في موازنة ٢٠٢٠ تخفيض عجز الكهرباء مع تأمين التيار ٢٤ ساعة ولكن ؟

يقول ​البنك الدولي​ في تقريره أن قطاع الكهرباء في ​لبنان​ يشوبه ​الفساد​ والهدر. وإذ يؤكدّ أن مُعظم الطبقة السياسية وعدته بالعمل على حلّ مُشكلة الكهرباء، يرى البنك الدولي صعوبة تغيير الواقع الحالي في لبنان. اما ​صندوق النقد الدولي​ فيعتبر في تقريره الاخير في تموز انّ إلغاء ​المساعدات​ المقدمة للكهرباء هو أهم توفير محتمل للإنفاق.وتهدف خطة قطاع الكهرباء إلى تحويل معامل الكهرباء العاملة على الوقود إلى ​الغاز​ الطبيعي لخفض تكاليف الإنتاج في المصانع القائمة، وزيادة قدرة ​مؤسسة كهرباء لبنان​ على تلبية الطلب. ويجب على الحكومة ضمان أن تشمل خطة الكهرباء زيادة التعرفة بما تكفي لسدّ العجز في مؤسسة كهرباء لبنان على المدى المتوسط ​​كسبيل للحدّ من الخسائر الفنية وغير الفنية. ويشدد التقرير على ضرورة البدء بزيادة التعرفة في أقرب وقت ممكن لتحقيق وفر ​مالي​. وحذّر التقرير من أنّ لبنان ما زال يواجه مخاطر وأنّ الفشل في تحقيق الأهداف أو المضي في الإصلاحات قد يقود لتآكل الثقة.

التحدي في ​موازنة​ 2019 هو نفسه التحدي في موازنة 2020 وهو الاولية لضبط العجز المتفاقم والناتج عن أمور محددة اهمها قطاع الكهرباء الفاشل على كل المستويات وخصوصا الاداء .

ومن الواضح ان الكلام الكثير والوعود المكثفة التي أطلقت على مدى السنوات الماضية حول قطاع الكهرباء لم تفضي الا الى مزيد من الظلمة ومن تضخيم للكلفة على خزينة الدولة بدون ان تقدم الاسباب الوجيهة التي تحول دون حل هذا اللغز؛

اي لماذا حتى اليوم الكهرباء غير مؤمنة في لبنان كما من المفترض ان تكون 24 ساعة يوميا؟

ما هي حجة المسؤولين امام ​المجتمع الدولي​ والهيئات الرقابية والمؤسسات المانحة ونحن في القرن ال 21؟

هل هو فشل المسؤولين عن الخطط الموضوعة ؟ هل هو اهمال من اصحاب القرار ؟

هل هو سوء الادارة المتمادي؟

يتم التحدث اليوم عن ان سلفات الدعم للكهرباء ستلغى في الموازنات المقبلة ولكن كيف ؟

مارديني

يستغرب رئيس المعهد اللبناني لدراسات السوق باتريك مارديني كيف سيتم ضبط عجز الكهرباء في المرحلة المقبلة مع الاحتمال الكبير لارتفاع ​اسعار النفط​ بعد ضرب منشآت النفط في ​السعودية​ مؤخرا . ولفت انه من المتوقع ان يزيد ارتفاع العجز عن 3300مليار ليرة بعدما كان التوقع ان يكون العجز بحدود 2500مليار ليرة.

ويقول مارديني “للأقتصاد” : للأسف ، تعتبر الكهرباء في لبنان سلعة سياسية . في مختلف بلدان العالم الأمر مختلف حيث ان الكهرباء تخضع لسوق العرض والطلب . هناك شركات خاصة تعمل في هذا المرفق وتقدم الخدمات اللازمة . ثمة شركات تنتج وأخرى تنقل وغيرها يوزّع واخرى ايضا تجبي .

وقبل اللجوء الى اي خطوة في رفع كمية الانتاج ، من المفترض ضبط الهدر التقني وغيره الى جانب زيادة التعرفة . لم يعد مقبولا الاستمرار في منظومة ان الكهرباء تشكل نسبة 40% من عجز الدولة .

من هنا ، من المفترض زيادة التعرفة المعمول بها على اساس معدل وسطي بين 200و250 ليرة مع مراعاة اوضاع الطبقة المتوسطة والفقيرة ​المستهلك​ة عن طريق الدعم من قبل الدولة . وبموازاة ذلك ، على الدولة تخفيض كلفة الانتاج والانتقال فورا من الاعتماد على الفيول اويل الى استعمال الغاز.

ويعتقد مارديني ان موازنة 2020 لن تتضمن اي زيادة في الضرائب المعمول بها اوفرض ضرائب جديدة ، ولكن ثمة اتجاه واضح لرفع تعرفة الكهرباء . واذا تأمنت الكهرباء بالحد الادنى المقبول، بالتأكيد لن يرفض المستهلك دفع الفاتورة خصوصا انه يدفعها لصاحب الموّلد.

ويرى مارديني انه يجب على المواطن استدراك نتيجة تلكؤه عن تسديد ​فاتورة الكهرباء​ على عجز مؤسسة كهرباء لبنان التي ترتد بدورها على عجز موازنة الدولة حيث انه لسده ستلجأ الدولة الى فرض ضرائب ورسوم في امكنة أخرى سيدفعها المواطن من جيبه بطريقة غير مباشرة .

ويبقى الاهم في موضوع الكهرباء الا وهو فصل الانتاج عن التوزيع والجباية ؛ اي شركات الانتاج لا يمكن ان تكون نفسها شركات التوزيع والجباية.

وبرأي مارديني انه من المفترض تغيير العقد المعمول به مع ​شركات مقدمي الخدمات​ التي تتولى مرفق التوزيع والجباية حيث انه ليس مقبولا ان تدفع الدولة لهذه الشركات لقاء خدمة جباية الفواتير في غياب اي اجراء يمكن اتخاذه في حال لم تتمكن هذه الاخيرة من تحصيل الجباية.

ويشير الى انه في معظم البلدان هناك شركات تشتري الكهرباء من الدولة بالجملة وتبيعها للمواطن ضمن رزمة .

في ​لندن​ مثلا هناك 40 شركة كهرباء يعملون في اطار من المنافسة على انتاج وتوزيع وبيع الكهرباء.

ويؤكد مارديني ان اسناد سوق التوزيع للقطاع الخاص يعطي ثماره وبالتأكيد ستكون النتيجة فائض في الانتاج وبدون كلفة .

واذا جرى تعديل التعرفة وتقسيمها بحسب اوقات النهار اي ما بين ساعات الذروة وغيرها حيث يتراجع فيها الطلب فان النتيجة ستكون جيدة .

ويجب بالتالي السماح لمنتجي الكهرباء ببيعها وفقا لآلية PSP

وقد أقر القانون الذي يسمح باشراك القطاع الخاص في ​انتاج الكهرباء​ .

واليوم ، كل المعامل الجديدة الملحوظة في خطة الكهرباء ستعود ملكيتها لشركات خاصة فيما ان التوزيع يعود لشركات اخرىEDC Electric Ditribution Compagnie) )

وحتى ان ​قطاع النقل​ تستطيع الدولة تلزيمه الى شركة خاصة اوعدة شركات عن طريق الاستثمار، حيث انه من العائدات تستطيع تأمين كلفة الصيانة والتجهيز .

خطة الكهرباء الحالية

رزمة كبيرة وطويلة من الخطط حول النهوض بقطاع الكهرباء قد أقرت منذ العام 1993 . وبعضها بوشر بتطبيقه فيما البعض ألاخر نام في الادراج مع كل ما رافق تلك المراحل من سمسرات وصفقات استفاد منها الكثيرون من اصحاب المصالح على حساب المواطن دون ان تتم زيادة ساعات التغذية بما يلبي الطلب المتزايد.

من المعلوم ان الحل الراهن المقترح لوضع الكهرباء يتضمن :

– خفض الهدر الفني وغير الفني وتحسين الجباية.

– زيادة القدرة الإنتاجية وتحسين فعاليتها وخفض كلفة المحروقات من خلال استخدام ​الغاز الطبيعي​.

– زيادة التعرفة.

تركز الخطة على الشفافية و​التنافسية​ عبر مناقصة عالمية تضمن تأمين الكهرباء بأسرع وقت ممكن وأدنى كلفة ممكنة وأقل إثر بيئي.

أما خريطة الطريق فتبدأ في زيادة القدرة الإنتاجية من خلال:

– إنشاء معامل مؤقتة ابتداء من العام 2020 لمدة بين ثلاث وخمس سنوات بقدرة 1450 ميغاوات يتم تركيبها في أي موقع مناسب وفي شكل سريع وبالتوازي تنشأ معامل دائمة في سلعاتا والزهراني والحريشة.

– إخراج المعامل القديمة من الخدمة وتحديداً معامل الذوق و​الجية​ والحريشة بداية العام 2020 لاستبدالها.

– تأمين الغاز الطبيعي المسال في العام 2021 عبر محطات تخزين وغاز عائمة.

– تركيب محطات ​طاقة شمسية​ بقدرة 840 ميغاوات وطاقة من ​الرياح​ بقدرة 600 ميغاوات.

وفي هذا السياق يُعمل حالياً بالتعاون مع ​الوكالة الدولية للطاقة المتجددة​ على خطة تحدّد المزيج الأفضل لاعتماد تقنيات ​الطاقة المتجددة​ وصولاً إلى إنتاج 30 في المئة من الكهرباء المستهلكة من الطاقة المتجددة.

خفض الهدر الفني وتحسين الجباية من خلال:

– العمل بين أعوام 2019 و2026 على تحصيل حوالي 1200 مليار ليرة من خلال خفض مجمل الهدر من معدل 34 في المئة حالياً إلى ما دون 11 في المئة تقريباً.

– تفعيل أعمال الجباية من خلال تحصيل 555 مليار ليرة إضافية، إضافة إلى 444 مليار ليرة لبنانية عبارة عن مستحقات مترتبة على مخيمات اللاجئين الفلسطينيين و1820 مليار ليرة مستحقات الإدارات العامة ومصالح ​المياه​.

رفع التعرفة من خلال:

– خفض العجز المالي، فمؤسسة كهرباء لبنان ستلجأ إلى زيادة المعدل الوسطي للتعرفة من 138 ليرة لبنانية للكيلوات ساعة ليصبح بداية العام 2020 حوالي 217 ليرة لبنانية.

كل ذلك يترافق مع استكمال العمل على مشاريع الإنتاج ليتم تدريجاً إضافة معملين جديدين بقدرة 1100 ميغاوات وذلك بعد إنهاء عقود المعامل المؤقتة وفق الجدول التالي:

في العام 2019:

– البدء بتنفيذ معمل دير عمار 2.

– خفض الهدر الفني وغير الفني على شبكة التوزيع.

– العمل على تحصيل متأخّرات مخيمات الفلسطينيين والإدارات الرسمية.

– البدء بتركيب العدادات الذكية.

في العام 2020:

– وضع 1450 ميغاوات من الطاقة المؤقتة.

– وضع 180 ميغاوات من ​الطاقة الشمسية​.

– وضع 220 ميغاوات من طاقة الرياح.

– فصل معمل الحريشة الحراري لاستبداله.

في العام 2021:

– وضع 360 ميغاوات من معمل دير عمار 2.

– تنفيذ محطات تغويز ​الغاز المسال​ في دير عمار وسلعاتا والزهراني.

في العام 2022:

– خروج 370 ميغاوات من إنتاج البواخر الحالية.

– وضع 550 ميغاوات من معمل دير عمار 2.

– وضع 360 ميغاوات من معمل الزهراني 2.

– وضع 360 ميغاوات من معمل سلعاتا 1.

– فصل معملي الذوق والجية عن الشبكة.

– وضع 300 ميغاوات محطات شمسية.

لقد خصص المانحون ضمن مؤتمر سيدر 600 مليون دولار لقطاع الكهرباء .

فهل سينجح المسؤولون في كيفية الاستفادة من هذا المبلغ وضخه في المكان المناسب تحت وهرة الرقابة الدولية المشددة؟

إضغط هنا لقراءة المقال على الموقع البدع