تُنذر سماء لبنان المصرفيّة بالعواصف في ظلّ وضعٍ سياسي يعكسُ ضغوطات كبيرة على القطاعين المصرفي والمالي. وتسليطاً للضوء على هذه النقاط، أجرى موقع “لبنان الجديد” مُقابلة مع رئيس المعهد اللبناني لدراسات السوق د. باتريك مارديني، الذي رأى أنّ المُشكلة اليوم تتمثّل في الخوف من تخلّف الدّولة عن دفع ديونها. وقد شرح ذلك بأنّ مُعظم الودائع التي تأخذها المصارف اللّبنانيّة تذهب إلى سندات الخزينة اللّبنانيّة إمّا مباشرة وإمّا عن طريق مصرف لبنان،
وإذا ما نظرنا إلى مؤشرات مُبادلة مخاطر الائتمان “credit default swap”، فإنّنا نرى أنّها باتت تبلغ 800 بعد أن كانت لا تزيد عن 250 في أيّار 2018. ويدلّ ذلك على عِظَم خطر تخلّف الدّولة اللّبنانيّة عن دفع ديونها، خصوصاً وأنّه تضاعف ثلاثة أضعاف في ظرف سنة واحدة.
وأضاف مارديني: “إنّ المودعين الذين يودعون أموالهم في المصارف يشعرون بالقلق تجاه تركيز استثماراتها على سندات الخزينة، وبالطبع فإنّ الخطر على الدّولة ينعكس على الودائع، وهذا ما جعل هؤلاء المودعين يحوّلون أموالهم إلى الدولار، وربّما حوّلوها إلى الخارج بعد ذلك، وهذا كلّه يساهم في زيادة خطورة انهيار العملة اللّبنانيّة، فإذا حوّل المواطنون مدّخراتهم إلى الدولار، أصبحت العملة اللّبنانيّة تحت الضغط. وسيزيد هذا الضغط حتماً من خطر تخلّف الدّولة عن دفع ديونها”.
وعند سؤاله عن الخطوات التي اتّخذتها المصارف، أجاب مارديني: “لقد تجسّدت ردّة فعل المصارف اللّبنانيّة في وضعها حواجز على التحويل من اللّيرة إلى الدولار بعد أن كان لبنان، طوال تاريخه، قائماً على حريّة حركة رؤوس الأموال. أمّا اليوم، فقد أدّى هذا الخطر المتزايد إلى تضييق مساحة حركة الأموال، وهي خطوة تُغيّير طابع النظام المالي في لبنان. وليست المشكلة نقديّة بالمقام الأوّل، وإنّما هي بفعل ماليّة الدّولة، فالأخيرة مقبلة لا محالة إلى حائط مسدود تعجز بعده عن دفع ديونها لزيادة نفقاتها عن وارداتها والعجز السنوي المُتراكم بفعل ذلك”.